جمعية المصارف ترفض مسودّة خطة الحكومة لمعالجة الأزمة المالية

رفضت جمعية مصارف لبنان اليوم مسودة خطة حكومية لمعالجة الأزمة المالية تقترح إلغاء بعض الديون وتقليصاً جزئياً للمدخرات في البنوك، قائلة إنّ ذلك سيؤدي إلى فقدان الثقة في القطاع المالي لفترة طويلة.

وتنصّ مسودة خطة لسدّ فجوة ضخمة في النظام المالي، اطّلعت عليها وكالة "رويترز" الشهر الماضي، على إعادة 25 مليار دولار فقط من إجمالي 104 مليارات دولار من الودائع بالعملة الصعبة إلى المدخرين بالدولار الأميركي.

وسيتمّ تحويل معظم ما تبقّى إلى الليرة اللبنانية على أسعار صرف عدّة، أحدها من شأنه أن يمحو 75 في المئة من قيمة بعض الودائع. وتبلغ القيمة التقديرية للخسائر في القطاع المالي، بحسب الخطة، 69 مليار دولار. وتحدّد الخطة إطاراً زمنياً مدته 15 عاماً لسداد أموال جميع المودعين.

في السياق، قالت جمعية مصارف لبنان في بيان مكتوب أرسلته إلى "رويترز": "تشير هذه المسودة الافتراضية للخطة إلى أنّها يمكن أن تقضي على ما يسمّى (الخسائر) من أجل موازنة الدفاتر. هذا النهج هو نهج تصفية وسيؤدي إلى فقدان الثقة بشكل دائم على مدى أجيال مقبلة".

يذكر أنّ موافقة الجمعية ليست مطلوبة من أجل أن تتبنّى الحكومة الخطة وتبدأ تنفيذها، لكنّ خبراء يقولون إنّ دعم القطاع المصرفي لها يمكن أن يساهم في حلّ الأزمة. وقالت الجمعية إنّه لم يكن لها أيّ دور في صوغ هذه الخطة ولم تطّلع على نسخة رسمية منها.

وقالت": "إذا كان هذا صحيحاً، فإنّ هذا النهج الوارد لمعالجة الخسائر التي حدثت في القطاع المالي غير مقبول على الإطلاق، ولن يؤدي بالتأكيد إلى تعويض انهيار الاقتصاد".

 
إلغاء بعض الديون
قالت جمعية مصارف لبنان إنّها لن تؤيّد خطة من شأنها أن تؤدي إلى "خفض إسميّ لودائع العملاء" أو القضاء تماماً على حقوق المساهمين، لكنها منفتحة على تحمل بعض الخسائر من إعادة هيكلة السندات الدولية (يوروبوندز) وقروض القطاع الخاص.

وكانت البنوك اللبنانية مقرضاً رئيسياً على مدار عقود للحكومة، غير أنّ إهدار الأموال والفساد أدّيا إلى الانهيار المالي في عام 2019.

ونتج عن هذا الانهيار حرمان المودعين من معظم مدخراتهم وفقدان العملة المحلية أكثر من 90 في المئة من قيمتها.

بدأت الحكومة محادثات مع صندوق النقد الدولي في كانون الثاني ضمن جهود لتأمين خطة إنقاذ يُنظر إليها على أنها ضرورية للبدء في رسم مسار للخروج من الأزمة. ووجود خطة مالية قابلة للتطبيق هو مفتاح هذه العملية. وكانت البنوك ومصرف لبنان المركزي والأحزاب السياسية القوية قد أسقطت خطة سابقة وُضعت في ظلّ حكومة في 2020، منهية المحادثات مع صندوق النقد في ذلك الوقت.

وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي إنّه ليس بوسعه التعقيب على تقارير أفادت بأنّ الصندوق رفض جوانب من خطة الحكومة أثناء المحادثات التي بدأت في كانون الثاني.

بدوره، قال مسؤول لبناني لـ"رويترز" إنّ صندوق النقد طلب من المسؤولين اللبنانيين "العمل على أجزاء من الخطة".

وفي إطار الجهود المبذولة لسدّ الفجوة البالغة 69 مليار دولار في النظام المالي، تشير مسودة الخطة إلى إنقاذ كبار المودعين بما يصل إلى 12 مليار دولار، أو ما يعادل 72 بالمئة من الأسهم في القطاع المصرفي، وبالتالي تقليل المساهمين والدائنين إلى أقلّ من الثلث.

وقالت الجمعية إنّ أيّ عملية إنقاذ يجب أن يتم تقييمها على أساس كلّ حالة على حدة لكلّ بنك ويجب ألّا تأتي إلّا بعد "توصّلنا إلى اتفاق توافقي وشامل مع الحكومة، وبعد أن تفي الحكومة بالتزامها القانوني بإعادة الملاءة المالية للمصرف المركزي".

كما أشارت الجمعية إلى "اعتراضها الشديد" على مقترح بأن يحتفظ مساهمو البنوك بأغلبية الأسهم بالقطاع في مقابل ضخّ مليار دولار في رأسمال جديد.