أكثر من ألف حالة وفاة سنوياً... "أميرة الثعابين" تُنقذ سكان بورما من الأفاعي وتُعيد إليها حرّيتها
30-04-2023 | 08:19
المصدر: "أ ف ب"
انهمك فريق من صيادي الثعابين عند ساعات الصباح الأولى في أحد أديرة رانغون في بورما بوضع نحو 30 ثعباناً أسَرَها في الأشهر الأخيرة في منازل المدينة في أكياس قماشية كبيرة.
هؤلاء المتطوعون الذين يشكلون وحدة لا مثيل لها في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، يضعون بعد ذلك هذه الأكياس في شاحنة صغيرة يتوجّهون بها إلى موقع خارج المدينة لإطلاق الزواحف المأسورة في بيئتها الطبيعية.
تتلقّى شوي لي وفريقها عادةً بلاغات من سكان مذعورين يستدعون هذه الوحدة للتخلص من ثعابين بايثون أو كوبرا أو من أفاعٍ يجدونها منازلهم أو شققهم. وقد قالت شوي لي لوكالة "فرانس برس" في أحد ملاذات الثعابين التي تديرها: "أحب الثعابين لأنها غير مدّعية".
وأضافت بالقرب من ثعبانَين ملتَفَين: "إذا قَبِلَ المرء طبيعتها، تكون رائعة".

(أ ف ب)
لكنّ كو تو أونغ، وهو رجل أربعيني قوي البنية يتولى اصطياد الثعابين منذ عام 2016، يروي أنه دخل المستشفى سبع مرات لتلقي العلاج من لدغات تعرّض لها.
يضمّ فريق شوي لي وكو تو أونغ 12 عضواً، وتمكّن العام الفائت من إنقاذ نحو 200 ثعبان حول رانغون، كبرى مدن بورما.
بفضل مقاطع فيديو تداولها مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي تُظهر الزوجين يسحبان الثعابين من مصارف أحواض غسل الصحون أو من الأنابيب والتمديدات والمزاريب، باتا يلقّبان "أمير وأميرة الثعابين".
ثعابين بايثون وكوبرا وأفاعٍ
يتكّل المتطوعون على التبرّعات للتمكن من الاستمرار في عملهم، إذ تتيح لها توفير كلّ ما يحتاجون إليه، من معدات الحماية إلى البنزين لما يسمونه "سيارة الإسعاف"، هي شاحنة أرجوانية اللون يستخدمونها في مهماتهم.
يأسر هؤلاء خصوصاً الثعابين البورمية، وهي ثعابين غير سامة يصل طولها عموماً إلى خمسة أمتار وتخنق فرائسها حتى تنفق، من جرذان وغيرها من الثدييات الصغيرة حتى الموت. وفي شوارع رانغون أيضاً ثعابين شديدة السميّة من نوعَي الكوبرا والبونغاري.
من جهة أخرى، لا يكفي أن يكون صيادو الثعابين "سريعين ورشيقين"، بل يُفترض بهم أن يكونوا قادرين على تخمين المكان الذي قد يختبئ فيه الثعبان في المنزل، على ما شرح كو تو أونغ. وتتطلّب مهمتهم تمتّعهم بقدر كبير من رباطة الجأش وبرود الأعصاب في مواجهة الثعابين السامة.

(أ ف ب)
في الإطار، قال الصياد المتَمَرِّس إن احتمال أن تلدغه الأفعى يصل إلى "نسبة 90 في المئة". وفي بعض الأحيان، لا تكون الثعابين موجودة في مكان ظاهر.
ففي آذار الفائت مثلاً، أمضى الفريق يومين خارج منزل في ضواحي رانغون يحاول عبثاً لدفع عائلة من الكوبرا إلى الخروج من الطبقة السفلية التي كانت موجودة فيها.
وغالباً ما كانت الثعابين التي كانت مختبئة داخل الخرسانة تبصق السمّ نحوهم عندما كانوا يحاولون ثقب الجدار لإخراجها، على ما لاحظ الجيران.
أكثر من ألف حالة وفاة سنوياً
أظهرت أحدث الأرقام التي وفّرتها منظمة الصحة العالمية أن 1250 شخصاً قضوا من أصل 15 ألفاً تعرضوا للدغات ثعابين في بورما.
معدّل الوفيات الناجمة عن لدغات الثعابين هذا من الأعلى في العالم، ويعود ذلك إلى حدّ كبير إلى ضعف النظام الصحي وانعدام المساواة في الحصول على مضادات السموم.
اضطرّ عضو الفريق كو يي مين (31 عاماً) إلى أخذ قسط من الراحة نظراً إلى أن "الرائحة كريهة"، على ما قال.

(أ ف ب)
وشرح كو تو أونغ لـ"فرانس برس" أنّ الصيادين ينبغي أن يكونوا قادرين على التعرّف على المسك الذي يطلقه ثعبان متوتّر لأنّ ذلك يتيح لهم معرفة ما إذا كان ساماً أم لا.
إذا كانت للكوبرا رائحة عفونة "قليلاً"، فإنّ ثعابين البايثون أقوى بكثير، وهي "تجعلنا نتقيّأ أحياناً"، على حدّ قول أونغ.
بعد أسر الثعابين، تودَع تحت المراقبة في دير حتى تصبح مؤهلة للعودة إلى موائلها.
وفي نهاية آذار، جمع الفريق 30 ثعباناً نقلها إلى تلال باغو يوما الواقعة على بعد 150 كيلومتراً إلى الشمال من رانغون. وقد حمل كلّ واحد من أعضاء الفريق على ظهره ثعباناً أو اثنين عبر الأدغال.
وقالت شوي لي لـ"فرانس برس" بعد إطلاق آخر الثعابين: "ما مِن يحبّ أن يشعر بأنه مسجون".