الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

صديقي عماد يسير في شوارع نيويورك تحيّة لأحلامي الضائعة

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
الأحلام الضائعة في نيويورك.
الأحلام الضائعة في نيويورك.
A+ A-
خليط من المَشاهد، يُرسلها يومياً من مدينة الأحلام لأعيش من خلالها ومضات عابرة من الحريّة، ولأشعر بأنني قادرة على تخطّي قضبان هذا السجن الكبير الذي نعيشه جماعياً في هذا البلد الملحميّ في تكوينته، منذ أكثر من عام.
 
 
مَشاهد تسمح لي بأن أعيش مرّتين، مرّة في مخيلتي مع أبطالي الوهميّين الذين يترنّحون داخل خيوط الحرير الملوّنة. ومرّة مع صديقي عماد الذي اعتاد منذ أكثر من 30 عاماً أن يسير في شوارع نيويورك حيث يقطن، يلتقط اللحظات العابرة ويحوّلها صوراً تجعل أمثالي يغوصون في أحلام اليقظة، ويتنشّقون هواء الحلم، هم الذين اعتادوا تنشّق هواء الفساد. وأيضاً، ليُساعد المشرّدين الذين يلتحفون سماء العزلة والخوف... وهذا النُعاس الشديد الذي يُطبق جفونه على العوز.
 
 
وعماد يعرف جيداً، أنني أعيش مرّتين من خلال عشرات صور تُسعف أمثالي الذين يعرفون جيداً أن العيش بسلام أصبح شرفاً وامتيازاً لا يملكه أبناء بلدنا. خطوات صغيرة يمشيها يومياً في أنحاء المدينة الغائرة في المجد، وأعوم من خلالها فوق كلّ الذي يحصل من حولنا. جزادين وفساتين منمّقة، و"ماركات" عالميّة "شي فخامة ع الآخر"، ومعارض انتقائية، تتبع ضوء القمر عبر غابة الإبداع العظيمة. ومشرّدون يعيشون من قلّة الموت، ومع ذلك يُطلقون صرخات ابتهاج تتدافع بين غصّة ودمعة عابرة، ما إن يحنّ عليهم غريب فهم باكراً أن العطاء هو أكبر علاج "لهالإنسان المعتر".
 
 
صديقي عماد يروي لي حكايات ونوادر تجعلني أؤمن بما تبقى من أحلام. يسير يومياً لساعات طويلة في شوارع المدينة التي لا ترحم، ويُحوّل قصصها الصغيرة قوتي اليومي. ونارجيلة جارنا مطانيوس تقرقر ليلَ نهار. ومواجهات ديالا وعشيقها اليافع أندريه تستمر حتى الثالثة فجراً. وعماد يُنقذني من خلال مَشاهد عابرة تجعلني أؤمن بأنّ الأحلام المستحيلة قد تتحقق: مشوار طويل في شوارع مدينة لا تعرف النوم. وصديقي عماد يعرف تماماً أنني أتعلّق بهذه الصور كأنها آخر ما تبقّى من شراشيب الحلم. وهو يعرف أنّ العيش بسلام هو شرف وامتياز لا يملكه أبناء بلدنا.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم