السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

دردشة: قمامة فنيّة يا عزيزتي؟

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
نموذج من أعمال Joelle Jammal Junk.
نموذج من أعمال Joelle Jammal Junk.
A+ A-
تُريد أن تعيش مرّتين. ولهذا السبب تلجأ إلى الخلق.
 
أقلّه، هذا استنتاجنا، بعد البحث والتدقيق.
 
والمُغامرة تربض تحت الأشجار التي تسترخي في القطار العائد إلى الطبيعة.
 
فنانة بيئية؟
 
لمَ لا!
 
والأشياء عديمة الفائدة مُجازفة جميلة في "مزاريب" المُخيّلة.
 
 
فنانة بيئيّة؟
 
لبنانيّة شغوفة "تتفاهم مع الديزاين".
 
"بتسمّعو كم كلمة بتعجب خاطرو".
 
وما يعتبره البعض قمامة نرميها للقدر (قليل من الشاعريّة في موسم الفرح "ما بتشكي من شي")، يتحوّل وعاء من الطلاء، وهيكل بسيط مسقوف ومُزخرف بشرقطات الحُب التي تكنّها هذه اللبنانيّة الشغوفة للطبيعة.
 
هيكل يُستخدم لإيواء أحلامنا.
 
تقطن سان فرانسيسكو. وقرّرت قبل بضع سنوات إفساح المجال لقضيّة عزيزة عليها: البيئة.
 
كانت في مُحترفها القائم في بدارو عندما وُلدت أولى القطع الفنيّة البيئيّة "من تحت إيديها". عندما انسابت من مزاريب مُخيّلتها مُباشرةً إلى العالم الخارجي. أرادت هدهدة غضب الطبيعة الظاهر على تعابير وجهها. لا بدّ من إعادة الاعتبار إلى هذه العاشقة التي أسأنا مُعاملتها.
 
 
وكانت لها معارض ناجحة عدّة في البلد قبل أن تنتقل إلى كاليفورنيا.
 
الدردشة معها كانت عبر الهاتف، بطبيعة الحال. ربما بعد فترة، عندما تهدأ "مجزرة الكورونا"، قد نزور "مزاريب مُخيّلتها" هُناك في سان فرانسيسكو. نقف وجهاً لوجه مع القمامة الفنيّة التي تأتي على شكل الستايروفوم، الأشياء المصنوعة من البلاستيك، الفلين، المصابيح الكهربائيّة، الكرتون، ومواد أخرى تُحوّلها كانفا تضع قصّتها عليها.
 
إذ يبدو أنّ لكلّ واحد منّا قصصه التي تُبرعم في حديقة روحه.
 
تخنقه أحياناً.
 
تطلب منه بتهذيب في لحظات نادرة، أن يُخرجها من سجنها.
 
فإذا به يُرينا ومضات منها.
 
سنزورها حتماً في مُحترفها في سان فرنسيسكو ذات يوم.
 
نزور جويل جمّال، وليس قصصها التي تُبرعم في حديقة روحها.
 
سنحترم جنينتها السريّة.

وسنتعرّف إلى أسلوبها في العمل.
 
ولكنّ الأكيد أنّ جويل جمّال تُعامل الأشياء عديمة الفائدة بكثير من الحُب.
 
 
انفجار سريع وغير ثابت في كثير من الأحيان للقصائد المرئيّة القصيرة والمُسترخية بحسّ الفكاهة الكامن فيها.
 
كانت مُديرة إبداعيّة في وكالة إعلانات مُتعددة الجنسيّة قبل أن تتحوّل فنانة بيئيّة تُهدهد زمجرة الأرض والطبيعة. وذات يوم، "كنتُ أطلب الطعام في الشركة التي عملتُ فيها، عندما أدركتُ مقدار النفايات غير الضروريّة التي نُنتجها. العلب التي تحتوي على المأكولات تأتي في أكثر من عبوة. شعرتُ بأننا نهدر الكثير من العبوات".
 
فإذا بهذه المواد المُخصّصة للتعبئة والتغليف تُصبح الكانفا الافتراضيّة البيضاء التي توسّلتها لتُنجز القطع الفنيّة المرسومة باليد.
 
السعادة تُلهمها. أضف إليها التحديّات المحتومة التي تواجهنا في كل الزوايا. والألم الذي يتربّص خلف ضحكاتنا الكاذبة. الحياة، بكل تفاصيلها، تُحفّز لغة الإبداع في قاموسها.
 
"رد فعل على الحياة، الأزمات التي نواجهها".
 
 
وهكذا وُلدت فكرة Joelle Jammal Junk، لتُجسّد كل ما تجده هذه اللبنانيّة الشغوفة التي سنزورها ذات يوم في سان فرانسيسكو، الختم الإبداعي الذي يليق بـ"الديزاين" الذي تبتكره.
 
ويُقال أنّ الإبداع يحتاج إلى الكثير من الشجاعة. والموسيقى والطبيعة من العناصر التي تُلهم روحها.
 
تقودها إلى المزيد من الخلق.
 
جويل تحتاج إلى هذه القطع الفنيّة لتُحافظ على صحّتها العقليّة.
 
والمُحادثات الشيّقة تستدرج إبداعها، بدورها.
 
أمّا إذا كانت الشاهدة على اختراع جميل، "فأحسن وأحسن".
 
تقول لنا، "تروقني خفّة الدم في الفن".
 
Joelle Jammal Junk، يندرج في خانة الفن الذي يخدم قضيّة.
 
"بالعربي الفصيح" نقول وضميرنا مرتاح: ترسّخت فيها الطبيعة والفن.
 
والإبداع يحتاج إلى الكثير من الشجاعة.
 
هكذا يُقال لنا.
 
والأرض التي نقطنها تواجه حالياً تحديات كبيرة.
 
"أشعر بالفرح لأنني أعلم بأنني "أحدث فرقاً بسيطاً من خلال تحويل القمامة أو كل ما نرميه، أعمالاً فنيّة. ولأنني أزوّد الأشياء المرميّة في النفايات، حياة جديدة".
 
تُحب أن تتعامل مع فنها وكأنه فن تحويل كل ما هو عديم الأهميّة إلى "شغلة كبيرة".
 
لا تعمل وفق طقوس مُحدّدة. ولا وقت مُحدّد للخلق.
 
كل ما تحتاج إليه هو نقطة تلاقٍ بين العقل والروح.
 
فعندما يجهزان، ينساب الإلهام بحريّة مُطلقة من داخلها، "ولا يحتاج عندئذٍ إلى سلسلة من القواعد لأتبعها".
 
تشعر هذه اللبنانيّة الشغوفة بأننا عندما نستسلم للشرنقة المُسالمة والساكنة التي تقطن حنايانا، نُصبح أكثر قدرة على التعبير عن أفكارنا وأحاسيسنا.
 
تتحدى نفسها باستمرار. ولهذا السبب تختار الأشكال الغريبة أو تلك التي يصعب الرسم عليها. تتوسّل الأكريليك في أكثر الأحيان، ولكنها تتكل أيضاً على الـ"Mixed Media". تُصوّر من خلال قصصها المرئيّة حيوات الذين أحبتهم. أو الذين صادفتهم. وأيضاً الذين مرّوا "مرقة طريق" في حياتها.
 
النجوم "الطائرة" لها قصّتها أيضاً في حياتنا. والشهاب يستحق بدوره، أعمالاً فنيّة تليق بحضوره القصير في سماء كتاب حياتنا.
 
هذه اللبنانيّة الشغوفة تجد الطبيعة البشريّة مُعقّدة وفي الوقت عينه مثيرة للاهتمام.
 
وتصف نفسها بالـPeople Person (أي الشخص الذي يعشق الناس).
 
اليوم، تحتاج إلى الولايات المتحدة بقدر حاجتها إلى بلدنا الغريق.
 
"في داخلي حاجة كبيرة للاكتشاف. ولكنني لن أخسر المكان الذي أتيتُ منه".
 
قد تتحدّث أعمالها عن التناغم والاتّحاد بين روحين. عاشقان يتشابهان، و"نيّالهم! لاقوا بعض". أو ذاك الزلزال الذي مزّق حياتنا القديمة وحطّم تلك اليوميّات التي سنذكرها إلى الأبد. وقد تُجسّد أيضاً احتفالات آخر العام. موسم "الجمعات" والإسراف في الشرب. وهي تؤمن بأننا جميعاً نبحث عن شيء ما. نحن جميعاً في مُهمّة. والعقل قفص. وفي كثير من الأحيان، تعمل غريزتنا ضدّنا. والصدمة التي نعيشها بفعل كل ما حدث معنا في الأعوام المُنصرمة. وفي كل جمعة، "ننزلق" في اتّجاه هذا الشخص الذي يُضحكنا ويُقرّب المسافات بيننا، ونجده في كل الجمعات. وهذا العيد، هيا بنا نتذكّر دفء جدتنا التي رحلت، على اعتبار أنّ الناس، عادةً، يرحلون. و"يا هلا" بشوشو، الراحل الكبير الذي يُقال أنه غادرنا و"عيونو مفتّحة" وكأنه غير مُستعد بعد ليعبر البوّابة الأخيرة. (مع الإشارة إلى أن هذه القطعة الفنيّة أنجزتها لمتجر المتحف الوطني). أمّا القطعة التي تُعالج المُساواة بين الجنسين، فقد حازت على جائزة عالميّة. وقد خلقتها هذه اللبنانيّة الشغوفة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة سنوياً.
 
 
جويل جمّال ترى في صندوق وحدة التحكّم الرقميّة مثلاً (والله وحده يعلم معنى هذه الكلمة!)، أو العلبة التي تحتوي على "الفاست فود"، دفتر يوميّاتها الافتراضيّ.
 
وعليه تكتب كل ما يُقال ولا يُقال. كل ما هو مأخوذ من قصصنا.
 
تلك القصص التي تُبرعم في حنايا روحنا.
 
تخنقنا أحياناً.
 
وأحياناً، تُحافظ على رباطة جأشها، وتطلب منّا بتهذيب ظاهري أن نفتح لها الباب لتتنفّس قليلاً.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم