الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

صورة: وسط حقول الأرز... و"إلّا ما تسائب"!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
نساء وسط حقول الأرز.
نساء وسط حقول الأرز.
A+ A-
الجائحة بدّلت اتّجاه السفينة في كل زوايا كوكبنا الجريح. بدّلت أسلوب حياتنا أينما كنّا. وتدخُّل الإنسان في مسار الدنيا التي دمّرها بلا ندم، له عواقب. لم يغب عنه هذا التفصيل المُقلق والحزين الذي يُندر بالآتي. والآتي أعظم. ولهذا السبب سيضمّ عشرات الصور التي التقطها خلال سفرته التي استمرّت 50 يوماً إلى كتاب يعيش هزّاته الارتداديّة منذ أعوام طويلة. 40 عاماً، لنكون أكثر دقّة.
40 عاماً من التجوال. والتقاط الصور. هواية أقرب إلى هوس بالالتصاق بالحضارات، وإزالة ستار الخوف من الثقافات الأخرى. وحيوات الآخرين التي لا نفهمها، ومع ذلك لا يُمكننا أن نلغي حضورها المدوّي في قصّة الدنيا التي سنُغادرها يوماً.

سواء أردنا ذلك أم تردّدنا قليلاً.

وفي جبال بوبوان (Pupuan)، شعر بالعطش والإرهاق بعد 4 ساعات من القيادة وسط الحرّ الذي لا يُحتمل والرطوبة المُزخرفة بعاصفة مُمطرة توقظ الروح ولكنها لا ترويها. وفجأة لمح كشكاً صغيراً. دخله ليشتري الماء. "لم أجد أحد. صرخت: Heloooo. فإذا بآلهة صغيرة تظهر".

ابتسمت له ابتسامة كبيرة. لم تهزّ برأسها هزّات مُتتابعة. اكتفت بعلامة النصر. سمحت له بأن يُخلّد اللحظة العابرة في صورة. لوت رأسها "شي ما بينذكر".

والكوكب يعيش تغييرات مُقلقة "سوف نتشرّف" بمُقابلة ثنياتها المجنونة في الأشهر المُقبلة.
 


والحِرَفي والنحّات المُتخصص في الفن اليدوي، القبرصي كريستوس إيلياديس لمس هذا التغيير الدراماتيكي الذي يُجاور التراجيديا، خلال الأيام ال50 التي أمضاها بعيداً من الاستوديو الذي "يختبئ" بين جدرانه المُزخرفة بالجنون، والقائم في منطقة بروتاراس التي تُشرف على البحر وتُذكره بمسقط رأسه، فاماغوستا، الصعبة المنال، كعاشقة متهوّرة.

والرحلة استمرّت هذه المرة 50 يوماً، وكريستوس إلياديس يعشق الإرهاق الذي يُرافقه في أسفاره حول العالم.

وفي منطقة مانجيس (Manggis) الرومنطيقيّة، كانتا تغسلان الملابس في النهر. وتضحكان. وأحاديث الصبا تنساب مع الأوساخ في مياه النهر. لم تتردّا في إغواء آلة التصوير ببراءة مُحببة، ومليئة بالعواطف والأحاسيس الصادقة. ثمة من يرى الجمال الكامن في هذه اللحظة العادية. وأحاديث الصبا تنساب مع الضحكات الصادقة في مياه النهر.
 


وفي الكتاب الذي باعه روحه منذ 40 عاماً، سيروي لنا نوادر من أسفاره التي يُشبهها بالبحث عن حياة سابقة، قد يكون عاشها أو مرّ بالقرب من ابتسامتها العارفة.

ويعتبر نفسه محظوظاً لأنه كان في الوقت المناسب وفي المكان المناسب في ذلك اليوم في قرية مونجو (Munggu) الصغيرة. والقرويات اليافعات توجّهن إلى المعبد القائم وسط حقول الأرز لتقديم الهدايا للقوى العليا، لينتصر الخير على الشرّ. طقوس بسيطة وهبة وعطاء وسط حقول الأرز. احتفال حقيقي بانتصار الخير.
"إذا مش اليوم، بهاليومين يالّلي جايين".
دردشة قصيرة معه عبر الهاتف. جسده في المحترف القائم في المدينة البحريّة التي تذكّره بمسقط رأسه الصعب المنال. وروحه في بالي حيث الطقوس والضحكات غير المكبوحة. وأحاديث الصبا تنساب في مياه النهر.


[email protected]
 
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم