الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

صورة الأسبوع: السلام الضائع... وانتقام شهيّ!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
صورة الأسبوع: السلام الضائع (أرشيف المُصوّر العالمي ماهر عطّار).
صورة الأسبوع: السلام الضائع (أرشيف المُصوّر العالمي ماهر عطّار).
A+ A-
الحرب مرّت من هنا؟
 
"هيك بيقولوا".
 
قصائدها الدامية محفورة في يوميّات روحنا. والوحوش التي تستريح تحت سرير كوابيسنا، وتزورنا من "وقت للتاني" لتُذكرنا بحضورها المهيب، هي أكبر برهان على أنها تقتحم لحظاتنا مرّتين.
 
ونحن ننتظر إطلالتها البهيّة، كمن ينتظر العاشق الذي يضطلع بدور الزائر الموقت باستمرار...
 
ومع ذلك، نعلم جيداً بأنه يعود دائماً.
 
وذكريات الحرب المُتجسّدة بالوحوش الأنيقة بإطلالتها، تعود "من وقت للتاني" لتُذكّرنا بأنه لم يتمّ محو أي شيء على الإطلاق من ماضينا. نحن نجحنا فقط في الكتابة فوق الندوب.
 
الحرب مرّت من هنا؟
 
"هيك بيقولوا".
 
والمُصوّر العالمي، ماهر عطّار، يوثّق رقصة الدماء وأهوالها "لحظة بلحظتها" لوكالة "سيغما" العريقة.
 
إنه العام 1986.
 
عطّار يعيش المعارك الدامية في إحدى المناطق الجنوبيّة. وتحديداً في إحدى الثكنات العسكريّة التابعة لقوّات الأمم المتحدة في لبنان.
وهو يحتمي "في هذه اللحظة" في مقر الكتيبة الفرنسيّة.
 
"عم حاول إحتمي"، بحسب ما يروي لـ"النهار".
 
والمعارك مُحتدمة بين قوات الأمم المتحدة وإحدى الميلشيات المُهيمنة على "بلد الكم أرزة يالّلي عاجقين الكون" (وبالإذن من الكاتب الياس الديري الذي لطالما توسّل بهذه الجملة في زاوية "نهاريّات").
 
وخلال تواجد المصوّر تحت برج المٌراقبة التابع لقوّات الأمم المتحدة، "وعم حاول إحمي حالي" من الطلقات المُنهمرة في الزاوية المواجهة للبرج، فجأة، تحتدم الاشتباكات، ويزداد "دوز" العنف وتبادل إطلاق النار.
 
"والبرج بياكل قذيفة".
 
وهذه القذيفة "تولّد" حفرة في البرج لا يُستهان بكبرها.
 
والجندي الذي كان موجوداً في أعلى البرج، ينزل مُسرعاً هرباً مما قد يحصل.
 
و"هوّي ونازل بيطل راسو من الفتحة".
 
وتمكّن ماهر عطّار، من توثيق اللحظة التاريخيّة.
 
أرسلها إلى مكتب الوكالة في باريس، ولكن للأسف لم يتمّ اختيارها لتُنشر ضمن سلسلة الصور التي توثّق أهوال الحرب وجنونها في البلد الصغير.
 
وفي تسعينيّات القرن المُنصرم، أخرجها عطّار من الأدراج، وأعاد إليها مجدها الضائع.
 
"اليوم، أنا فخور جداً بهذه الصورة. وشعرت وكأنها أعطيت حقها. وكأنها انتقمت من الأيام الطويلة التي بقيت فيها سجينة الأدراج المُظلمة. خرجت تلك اللحظة التاريخيّة من رواق الأرشيف، وباتت اليوم جزءاً من مكتبة الأمم المتحدة للصور".
 
وهي مُعلّقة في قاعة المُراسلين والصحافيين الأجانب في مركز الأمم المتحدة الرئيسي.
 
والحرب تعود دائماً مرتين.
 
نعيشها يومياً.
 
وهي تعود مرتين.
 
وعندما اندلعت تلك القصة الدامية بأهوالها المُزخرفة بلون الخوف، كان ماهر عطّار "بعدني زغير". وكان أمامه أكثر من خيار:
 
يحمل السلاح.
 
يُغادر البلد.
 
أم يوثّق لون الرعب وندوب الروح المحفورة في الجلد.
 
من الواضح أنه اختار التوثيق لغة التواصل بينه وبين حرب يُقال إنها تعود دائماً مرتين.
 
"بعتبر الصورة رمز السلام الضائع".
 
وماهر عطّار يذكر جيداً جهنم الحرب التي وثقها على نطاق واسع.
 
ونحن لا ننسى في الواقع إيقاع جهنم وأنغامها.
 
ولكننا ننجح في الكتابة فوقها مقطوعة أقل رُعباً.
 
وفجأة، تزورنا صورة، وتظهر قامة الوحوش التي تستريح تحت سرير كوابيسنا "المهيوبة".
 
وسُرعان ما نفهم أننا في الواقع لم ننسَ أي شيء.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم