الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أسبوع الصورة: المدينة "الزعرة" تستيقظ (صور)

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
من المعرض.
من المعرض.
A+ A-
المدينة شعرت بنعاس شديد يُطبق جُفونها. لفترة طويلة.
حلّ عليها تعب عشرات السنين.

إنّها الخيبات اندسّت بهدوء سيّئ النيّة، وطوّقت راحة بالها.
وكأنّها انصاعت إلى رغبات هؤلاء الذين لا يُريدون لها الخير.

ويبدو أنّهم كُثر.

ومرّت الأيام.

واتّخذت الخيبات موطنها في المدينة العريقة.

وفجأة، استيقظت من خيبة أملها.

وطلبت من الذين شفيوا من مرض اليأس الذي أصيبوا به، أن ينضمّوا إليها.
 
وأبناء الأمل مدعوّون للاحتفال بعودتها، خطوة صغيرة فأخرى إلى الحياة، وتلك "الزنطرة" التي تليق بجموحها.

والمنصّات في سوق الطيّب القائم في مار مخايل، كانت خلال عطلة الأسبوع، الشاهدة على إصرار المدينة النائمة على سرير الخيبة، للوقوف مُجدّداً بعد إنقطاع وعزلة.

وكأنّ الحياة أعطتها موافقتها لتحيا بلا خوف.
 

وهي تعرف سلفاً بأنّها ستعود إلى عهدها السابق المليء بالعزّ، وتلك الثقافة التي لها معها حكايات ونوادر تعود آلاف السنين عبر التاريخ.

حدث فآخر، سنعمل جاهدين لتغطية أكبر عدد منها بلا ملل أو تعب.

إلى النسخة الأولى من أسبوع الصورة الذي أطلقه مركز بيروت للتصوير (BCP) بدعم من المعهد الفرنسي في لبنان.

أنشطة تعليميّة، ترفيهيّة، انتشرت في مختلف الأماكن والفسحات. ورش عمل وحوارات. والفنّان الشابّ شأنه شأن المُخضرم، يعرف حقوقه وتُفتح له فرصة عرض أعماله في آن.
هي الطريقة الفضلى للاقتراب من هواة التصوير. وأيضاً من عالم التصوير.
 
 
 
من هؤلاء العشّاق الذين يجدون في الصورة لسان حالهم والقلم الذي يروون من خلاله بعض من "ملح دموعهم".

...وكانت هناك امرأة أريجها قصّة، تُدعى بيروت!

أسبوع تكلّل بمعرض جماعي ضمّ ليومين أكثر من 30 مصوّراً تعكس أعمالهم رحلاتهم الداخليّة مع أنفسهم في الدرجة الأولى، وبعدها حكاياتهم مع الآخرين.

مع المدينة التي ملّت النوم الذي فُرض عليها.
 

عطلة نهاية الأسبوع.

أبناء العاصمة وجوارها يصلون إلى مركز سوق الطيب في شارع أرمينيا.

يمشون الهوينى.

يقفون عند هذه المنصّة وتلك.

يطرحون الأسئلة.

يختارون ما طاب لهم من مشهيّات مرئيّة.

"يُمزمزون" ما يطيب لهم من مشهيّات من "إيدين" أفضل الطهاة في سوق الطيّب.
 

يختارون هديّة العيد من "دكّانة سوق الطيب".

أحياناً تُرافقهم حيواناتهم الأليفة.

"ما تخاف، كلبتي كتير بنت عيلة وبتعرف تتصرّف مع العالم".

خطوة فأخرى، سنقف مجدّداً.

والمطلوب منّا أن نتدهور.

والذهن يتدحرج.

مقابلات قصيرة، "متل البزورات"، مع عشّاق الصورة.

مديرة مركز بيروت للتصوير، شانتال فهمي، تقول لنا أنّها أرادت، وفريق العمل الصغير الذي يُدير المركز بأنشطته وأهدافه، خلق ثقافة حول التصوير، وهو فنّ غالباً ما نُقلّل من أهميّته في هذه البقعة من الأرض.

لا نولّيه الاحترام الذي يليق بأمطار أيّار التي تتساقط زخرفات على قامته المهيوبة.

الهدف المحوريّ للمركز تنمية المهارات في لبنان، بحسب قولها، ووضع الصورة اللبنانية في المشهد الشرق أوسطي.

وكان المشروع سينطلق قبل عامين، ولكنّ البلد عاش شرارة الثورة الأولى في العام 2019، وكرّت سُبحة الزلازل، ووضع المشروع جانباً.

والمُصوّر حياته صعبة.

ولهذا السبب تمكّن كلّ مُصوّر من أن يشارك مجاناً في المعرض الجماعيّ الذي كلّل أسبوع الصورة. البعض أصرّ على طباعة صوره، والقسم الأكبر وافق على أن يطبع له المركز صوره التي تعكس محاولاته المتكرّرة للنجاة من الجحيم.

بواسطة الفنّ.
ّ
وشانتال بدورها عرضت أعمالها.
 

والمصوّرون كانوا سُعداء لأنّهم شعروا بأنّ ثمّة من يراهم، هم الذين اعتادوا ألّا يعترف بهم كثر.

أحدهم قال لشانتال:"It’s A Bubble Of Happiness".

أنّها فقاعة مصنوعة من السعادة.

الصحافيّ والمصور السوري الفرنسي عمار عبد ربّه أصرّ على المشاركة في هذا الأسبوع من خلال ورشة عمل مخصّصة للتصوير الصحفيّ، وأيضاً من خلال عرض أعماله، لأنّ هذا التجمّع الثقافي الرائع ضمّ أشخاصاً من أجواء مختلفة. البعض شاعري في التعامل مع رحلته المرئيّة، والبعض الآخر احتفاليّ بجنونه الفنيّ، وعمار، يميل أكثر إلى الواقعية بما أنّ صوره صحافيّة في ركيزتها. وشعر بأنّ بعد هذه السنة التاريخيّة التي عشناها كان لا بدّ من خلق أجواء أكثر زهواً من تلك التي اعتدناها في الأشهر المنصرمة. وأكّد عمار بأنّ التجوّل من طاولة إلى طاولة في مركز سوق الطيب في شارع أرمينيا أقرب إلى التجوّل من عالم إلى آخر.

يارا بصيبص تعرف جيّداً المعنى الحقيقيّ للقلق، وعندما عشنا ككرة أرضية الحجر للمرّة الأولى، تضايقت كثيراً. وكان لا بدّ لها من أن تجد "آلية للمواجهة". ووجدت راحتها "حوالى البيت. صرت نبّش عن إشيا ما كنت شوفا قبل". فكانت الورود والزهور، بجمالها البسيط والهادئ. "كانت موجودة إدّامي وما كنت شايفتا".

تانيا طرابلسي تغور في الماضي.

ويبدو أنّ لكلّ واحد منّا ماضيه.

راحت "تُفلفش" في أرشيف العائلة.

وهي حاليّاً تُلقي التحيّة لبيروت.

حبيبتنا النبيلة والزعرة في آن.

تحاول تانيا أن تتمسّك بومضات السعادة المتبقّية لنا والمنتشرة في مدينتنا النبيلة والزعرة في آن.

تانيا تبحث عن الجمال.

وكلّ شيء حاليّاً صعب.

حياتنا صعبة.

وماري نويل فتّال تقدّم لنا باقة من الجمال من خلال
Beirut Fottsteps.

ماري نويل تصوّر المدينة منذ ما يقارب الـ7 سنوات. صفحتها على "إنستغرام" تضمّ آلاف الـ"فولوويرز".

الكلّ يعشق قدرتها على تحويل القلق امرأة جميلة تتجسّد من خلال الصور الزاهية. "أنا سعيدة جدّاً لأنّني شاركت في هذا المعرض. لاسيّما أنّني أملك الفرصة لأظهر طريقتي في رؤية بيروت".

بيتي كيتشيدجيان تعمل عادةً مع الحميميّة والديناميكيّة التي ترتكّز عليها العلاقات الإنسانيّة. والذاكرة. وفقدانها.
بعض الصور المعروضة تروي قصّة جدتها التي رحلت. كيف نروي قصّة سيدة أحبّها قلبنا ورحلت مخلّفة بعض الأشياء الصغيرة التي تُلخّص يوميّاتها؟

والمصوّر المخضرم أيلي بخعازي كان يستيقظ باكراً.
"يعني كتير بكير".

وعند الفجر، كانت المدينة تُظهر له وجهها الآخر.
المليء بالجوع والحرمان والفقر.
الناس ينامون على الأرصفة.

البعض يبحث عن "غلّة اليوم" وسط القمامة المُتراكمة.
والمدينة سمحت للمصوّر بأن يرى "خباياها".

مدينة نائمة، غلبها اليأس.

تستيقظ رويداً، رويداً.

ونحن سنرافق جنونها.

حدث فآخر.
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم