الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

من هو مستطلِع الآراء الذي يُبقي مناصري ترامب متحمّسين؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
مناصرون للرئيس الأميركي دونالد ترامب - "أ ب"
مناصرون للرئيس الأميركي دونالد ترامب - "أ ب"
A+ A-
"نحن نعيش في دولة حيث يكذب الناس على مُحاسبِهم، يكذبون على طبيبهم، يكذبون على كاهنهم. ويُفترض بنا أن نؤمن بأنّهم يتخلّون عن كلّ ذلك حين يتواصلون مع شخص غريب على الهاتف؟"
هذا ما قاله من يمكن أن يُطلَق عليه مؤخّراً لقب "مالئ الدنيا وشاغل الناس" - بين مؤيّدي الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب على الأقلّ - روبرت كاهالي. فالأخير حلّ ضيفاً على العديد من الوسائل الإعلاميّة الأميركيّة التي تميل نحو اليمين مثل مجلّة "ناشونال ريفيو"، شبكة "فوكس نيوز"، صحيفة "وول ستريت جورنال" وغيرها. لكنّه حلّ ضيفاً على الإعلام الأكثر وسطيّة مثل مجلّة "بوليتيكو"، والتي منها يأتي الاقتباس المذكور.

أمّا سبب استضافته على جميع هذه المنصّات فهو أنّه يكاد يكون المستطلع الوحيد الذي أصاب في توقّعاته الانتخابيّة لسنة 2016.

في ذلك الوقت، توقّعت "مجموعة ترافالغار" التي يعدّ كاهالي كبير المستطلعين فيها ورئيس مجلس إدارتها فوز ترامب في بنسلفانيا وميشيغان حيث صبّت جميع الترجيحات حينها لصالح فوز كلينتون. كذلك، الأمر بالنسبة إلى ولايتي فلوريدا وبنسلفانيا. وتوقّع كاهالي آنذاك فوز ترامب بـ 306 أصوات في المجمع الانتخابي، وهي نتيجة قريبة جداً إلى الأصوات التي حصدها الرئيس: 304.

في مقابلاته، يتحدّث كاهالي عن مجموعة من النقاط التي تجعل استطلاعاته أدقّ. فهو يعمل على مفهوم "تأثير برادلي" أو الميل للتكيّف مع الرغبة الاجتماعيّة الذي يجعل الناس أقلّ رغبة في الإفصاح عن آرائهم خوفاً من أن يتلقّوا إدانة المستطلِع، خصوصاً على الهاتف. لهذا السبب، ينوّع كاهالي أساليب الاستطلاع بين المباشر والهاتفيّ والإلكترونيّ وغيرها.

من ناحية ثانية، يشير كاهالي إلى أنماط معيّنة لدى مختلف الفئات في الردّ على الأسئلة السياسيّة. الجمهوريّون والمحافظون أقلّ استعداداً من نظرائهم الديموقراطيّين والليبيراليّين على هذه الأسئلة. أحياناً يرغب فقط واحد من أصل خمسة جمهوريّين بالإجابة. وهذا يجعل العينّة غير متساوية ممّا يضطرّ المحلّلين إلى التدخّل وإعطائها المزيد من الوزن لكي تصبح ممثّلة للديموقراطيّين والجمهوريّين بشكل متساوٍ، ممّا يعزّز هامش الخطأ. وهنالك مشكلة أخرى في الاستطلاعات الهاتفيّة لأنّ قلّة ترغب بالإجابة على أسئلتها، باستثناء "الليبيراليّين جدّاً والمحافظين جدّاً والضجرين جدّاً". لكنّ الثقل الأساسيّ الذي يرجّح الانتخابات هو ذاك الذي يمثّل الناس الذين يُصنّفون في الوسط. وهؤلاء لا يستجيبون عادة لطلبات الاستطلاع بالنظر إلى انشغالاتهم.
 

صدمة
يوضح كاهالي أنّ شركته لا تجري استطلاعات رأي وطنيّة لأنّ النتائج تتحدّد على مستوى الناخبين الكبار في المجمع الانتخابي. ويضيف أيضاً أنّ الشركات المتخصّصة في رصد آراء الناخبين تُسقط وجود الناخبين الذين نادراً ما ظهروا في الانتخابات السابقة والذين سيُقبِلون إلى صناديق الاقتراع بكثافة هي الأعلى على الأطلاق، إلى درجة أنّ البعض "سيُصدَم".
يصف كاهالي الأساليب التي تعتمدها الشركات الأخرى بأنّها "قديمة الطراز" لأنّ المستعدّين للإجابة على أسئلة تستغرق حوالي نصف ساعة باتوا قلّة. بينما يخوّل أسلوبُه الشخصَ المستطلَع اختيار الوقت الذي يشاء لإتمام الاستمارة والتي لا تستغرق أكثر من ثلاث دقائق إذا أراد الناخب الإجابة عليها دفعة واحدة.

خجل
ويتحدّث كاهالي عن "ناخب ترامب الخجول" الذي لا يريد الإفصاح عن حقيقة آرائه خوفاً من الاصطدام مع الجيران. فهنالك "وصمة عار" تطارد الجمهوريّين اليوم أكثر من 2016. حينها كان مؤيّدو ترامب يوصفون بـ "البائسين"، أمّا اليوم فقد يتعرّضون للضرب إذا كانوا مرتدين قبّعته أو واضعين ملصقاً له على سياراتهم. ومع اعترافه بأنّ الأمر متفاوت ويتربط بشخصيّة الناخبين، يقول كاهاي إنّ هذه الوصمة تزول يوم الاقتراع وتُظهر لماذا كانت غالبيّة الاستطلاعات خاطئة.

وردّاً على سؤال من "بوليتيكو"، يقول كاهالي أنْ لا وجود لناخب "خجول" ديموقراطيّ وتحديداً بالنسبة إلى من سيصوّت لبايدن. لكن لو كان المرشّح هو الاشتراكيّ بيرني ساندرز، لأمكن الحديث بحسب رأيه عن ناخب خجول. ويشرح أنّ أسئلته موجّهة لمعرفة "الناخبين الخجولين" واستخراج آرائهم، عبر الأسئلة التي تطلب من المستطلَع أن يتحدّث عن توجّهات جيرانه أو أقربائه. بهذه الطريقة يمكن أن يعبّر المستطلَع بطريقة غير مباشرة عن رأيه الخاص من دون أن يتلقّى إدانة.

هل صحّحت الاستطلاعات أخطاءها؟
أربع سنوات مرّت على الفوز المفاجئ لدونالد ترامب. يُفترض بهذا الوقت أن يكون قد أفسح المجال أمام شركات الاستطلاع كي تصحّح أخطاءها. اعترف بعضها بأنّه بالغ في التركيز على الناخبين البيض من حملة الشهادات الجامعيّة لأنّ هؤلاء كانوا الأكثر تجاوباً مع الاستطلاعات. أتى ذلك على حساب آراء البيض من غير الحائزين على شهادة جامعيّة والذين شكّلوا النسبة الكبرى من ناخبي ترامب. وهؤلاء أقلّ رغبة بالاستجابة للأسئلة السياسيّة.
 
كان هذا الخطأ هو السبب الرئيسي لصدور النتائج المغلوطة على مستوى الولايات المتأرجحة، وفقاً لما تقوله "الجمعيّة الأميركيّة لأبحاث الرأي العام". ويرى استطلاع رأي لشركة "ماريست" أنّ بايدن يتفوّق على ترامب بنسبة 3 نقاط مئويّة في هذه الفئة، بينما كان تقدّم ترامب على بايدن بـ 11% سنة 2016. ويرى إريك غرينييه في شبكة "سي بي سي" أنّه حتى مع افتراض وقوع استطلاعات الرأي في هامش الخطأ نفسه الذي ارتكبته سنة 2016، لن يكون ذلك كافياً وحده ليكسب ترامب الانتخابات الحالية، خصوصاً في فلوريدا وأريزونا وجورجيا.

لكنّ ذلك كان في 17 تشرين الأوّل. بحلول أمس الجمعة، تمكّن ترامب من تحجيم المعدّل العام للفارق في فلوريدا من 1.4 إلى 1.2 وفي أريزونا من 4 إلى تعادل، وفي جورجيا من 2 إلى 0.4، وفي نورث كارولاينا من 2.7 إلى 1.2. أمّا في تكساس، فقد وسّع تقدّمه على بايدن من 0.9 إلى 2.3. لكن في ميشيغان وويسكونسن لا يزال الفارق أعلى من 6% (الفارق الذي حقّقته كلينتون في استطلاعات الرأي خلال المرحلة نفسها كان يعادل تقريباً معدّل تقدّم بايدن في هذه الولايات اليوم).
 
بالفعل، يبدو أنّ ترامب لا يزال على المسار الصحيح في تقليص الفارق مع منافسه الجمهوريّ طوال الأسبوعين الماضيين. لا يعني ذلك أنّ وضعه مريح. فتقدّمه في تكساس اليوم أقلّ بكثير من تقدّمه سنة 2016 والذي ناهز 10%. والأمر نفسه تقريباً ينطبق على جورجيا وأوهايو وآيوا. حتى ولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن فاز بها بأقلّ من 1% منذ أربع سنوات.
 

مُصرّ
حاولت "النهار" التواصل مع كاهالي لطرح بعض الأسئلة من دون الحصول على جواب لغاية نشر التقرير. على أيّ حال، هو يصرّ في حديثه إلى "بوليتيكو" على أنّ هذه الشركات لم تصحّح أخطاءها. فلو فعلت ذلك وفقاً لرأيه، لكانت تجنّبت خطأ بارزاً آخر حين توقّعت سنة 2018 فوز الديموقراطيّ أندرو جيلوم بحاكميّة فلوريدا (معدّل تفوّقه على منافسه كان 3.6%) لكنّ الجمهوريّ رون دي سانتيس فاز بنسبة 0.4%. وكان كاهالي أيضاً من القلّة التي توقّعت هذه النتيجة.

إلى الآن، يتوقّع كاهالي فوز ترامب في المجمع الانتخابي وبالتالي الرئاسة. وقد يصل إلى عدد الأصوات إلى أكثر بقليل من 280 بحسب مقابلته مع "ناشونال ريفيو" لكنّه امتنع عن احتساب الأصوات مع "فوكس نيوز" مؤكّداً الفوز فقط. فهل يكرّر كاهالي نجاحه في 2020؟


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم