الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هونغ كونغ: ناشطون يسابقون الزمن لأرشفة الحراك الداعم للديموقراطية

المصدر: أ ف ب
فتيات في نزهة على جسر للمشاة في هونغ كونغ (29 آب 2021، أ ف ب).
فتيات في نزهة على جسر للمشاة في هونغ كونغ (29 آب 2021، أ ف ب).
A+ A-
يعمل ناشطون في هونغ كونغ خلف الكواليس للمحافظة على أرشيف رقميّ لحراكهم المطالب بالديموقراطية، في وقت تمحو السلطات رموز مقاومتهم من شوارع المدينة، بما في ذلك صحيفة للمعارضة ومتحف. 

وأغلق مفتّشون مسؤولون عن سلامة الغذاء متحف هونغ كونغ المخصّص للأشخاص، الذين قتلوا في احتجاجات ساحة تيان أنمين، علماً بأنه كان النصب التذكاري الوحيد من نوعه في الصين المكرّس لضحايا حملة العام 1989 الأمنية.

ووثّقت المعارضة قرار بيجينغ استخدام الدبابات لقمع الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية في العاصمة الصينية وتاريخ هونغ كونغ في إقامة وقفات بالشموع لتكريم الضحايا على مدى ثلاثة عقود.

لكن مسؤولين من دائرة صحة البيئة والغذاء زاروا الموقع مطلع حزيران، وأعلنوا أن المتحف الذي تمّ فتحه وإغلاقه مرّات عدّة على مدى سنوات، لا يملك الترخيص المناسب.

ولم تكن الخطوة مفاجئة بالنسبة إلى كثيرين، إذ إن السلطات حظرت التجمّعات لتكريم ضحايا تيان أنمين في المدينة منذ العام الماضي.

ولذلك، قضى المؤّلف الصيني المعارض تشانغ بينغ الذي كان من قادة الطلبة سنة 1989، العام الماضي، يقود مجموعة من الناشطين مجهولي الهوية لتأسيس نسخة إلكترونية للمتحف.

وقال تشانغ لفرانس برس عبر الهاتف من منزله في ألمانيا: "نأمل إنقاذ روح 30 عاماً من الوقفات في ضوء الشموع في هونغ كونغ، والذي كان مقاومة لا مثيل لها في تاريخ البشرية".

- سباق مع الزمن -
ويعد المتحف الإلكتروني واحداً من العديد من المشاريع التي حوّلت الفضاء الإلكتروني إلى مكان للمحافظة على بقايا مدينة يُعاد تشكيلها لتتطابق مع النموذج الصيني بعد تظاهرات ضخمة مطالبة بالديموقراطية خرجت قبل عامين.

أدرك "تحالف هونغ كونغ" الذي أدار المتحف ونظّم تجمّعات تيان أنمين السنوية أنه قد لا يتمكن من الصمود، خصوصاً بعدما فرضت الصين قانوناً أمنياً العام الماضي جرّم معظم أشكال التعبير عن المعارضة.

وتم مذاك توقيف معظم قادة المجموعة فيما بات التحالف على وشك أن يتم حلّه، لكنه تمكّن مع ذلك من جمع 1,6 مليون دولار هونغ كونغي (215 ألف دولار) لبناء "سفينة نوح" افتراضية لحراكه.

وأمّا مجموعات أخرى، فلم تحظَ بما يكفي من الوقت للاستعداد.

وسارع كريس وونغ، وهو مطوّر برمجيّات طلب استخدام اسم مستعار إلى حشد المبرمجين في وقت سابق من العام للحفاظ على أكبر قدر ممكن من أرشيف صحيفة "آبل ديلي" المؤيّدة للديموقراطية.

ويقبع مالكها المليونير جيمي لاي في السجن حاليا ويواجه اتهامات تتعلّق بالأمن القومي على خلفية دفاعه عن فرض عقوبات على الصين.

وفي مطلع حزيران، لجأت الشرطة إلى قانون الأمن القومي لتجميد أصول الصحيفة لتنهار في غضون أكثر من أسبوع بقليل.

واستذكر وونغ بعدما أعلنت "آبل ديلي" عن صدور طبعتها الأخيرة وإغلاق موقعها على الإنترنت في الشهر ذاته "كان علينا أن نسابق الزمن".

وتوجّه وونغ إلى "إل آي هونغ كونغ" وهو منتدى يشبه "ريديت" لعب دورا مهما في تنسيق احتجاجات المدينة المطالبة بالديموقراطية سنة 2019، واكتشف وجود متطوعين مهتمين بالتكنولوجيا على استعداد لجمع أشلاء موقع الصحيفة.

وبالفعل، جمعوا أكثر من مليوني صفحة تمّت أرشفتها على موقع يمكن إجراء بحث فيه هو "كوليكشن.نيوز" عبر كتابة نحو 10 آلاف سطر من لغة البرمجيات.

وقال وونغ لفرانس برس: "كوننا الأشخاص الأكثر اهتماما بالتكنولوجيا، نشعر بأن لدينا التزام أكبر في المساعدة على المحافظة على تاريخ هونغ كونغ".

وتابع: "لكن الجميع يمكنهم ويحتاجون إلى لعب دور في مشاركة الماضي مع الأصدقاء والأجيال المقبلة".

- "فخور" -
وأنشئت أرشيفات رقمية مشابهة لحفظ تقارير شبكة البث الرسمية التابعة للمدينة "آر تي هونغ كونغ"، التي تم إحداث تغييرات واسعة فيها لتصبح أشبه بالإعلام الرسمي الصيني.

وخسر صحافيون معارضون وظائفهم وألغيت برامج قضايا الساعة فيما اختفى معظم محتواها على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك العديد من التقارير التي تنتقد السلطات.

وأفاد ناشط يستخدم اسم "فريمان" المستعار أن مجموعته جمعت تقارير مصورة بحجم 14 تيرابايت من "آر تي هونغ كونغ" و"آبل ديلي" معا من أجل أرشفتها على الإنترنت.

لكن هذا النوع من النشاط الرقمي يتصاحب عادة بمخاطر.

ولفتت وسائل إعلام هونغ كونغ المؤيدة لبيجينغ في الأسابيع الأخيرة إلى أن القيام بخطوات للمحافظة على سجّلات على الإنترنت عن متحف تيان أنمين والتجمّعات السنوية يمثّل خرقا لقانون الأمن القومي.

وتتحرّك الشرطة عادة بعد نشر تقارير من هذا القبيل.

وبعد أيام من إطلاق موقع أرشيف "آبل ديلي"، خرج عن الخدمة جراء هجوم إلكتروني تم من خلاله إغراق الموقع من قبل شبكة من الحواسيب بهدف حذفه نهائيا.

لكن تشانغ بينغ يؤكد أنه سيصمد، كما غيره من الناشطين الرقميين.
 
وقال: "إذا كان بناء متحف يمثّل جريمة، فيعني ذلك أن تاريخ الحضارة البشرية بأكمله غير قانوني. أنا فخور لكوني طرفا في ذلك".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم