السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الكونغو الديموقراطيّة: جنود أطفال سابقون يواجهون صعوبة في العودة إلى حياة مدنيّة يسودها الفقر والبطالة

المصدر: أ ف ب
صورة تعبيرية- تجار يفرغون بضائعهم في زورق على ضفاف بحيرة كيفو في غوما (21 ت1 2021، أ ف ب).
صورة تعبيرية- تجار يفرغون بضائعهم في زورق على ضفاف بحيرة كيفو في غوما (21 ت1 2021، أ ف ب).
A+ A-
أصبح جنود أطفال سابقون في جمهورية الكونغو الديموقراطية تجارا أو مصففي شعر أو خياطين، بينما يحلم آخرون انسحبوا مؤخرا من المجموعات المسلحة بأن يصبحوا مزارعين أو معلمين. لكن كثيرين منهم يجدون صعوبة في إيجاد مكان لهم في حياة مدنية يسودها الفقر والبطالة.

يوضح كليمنت كاهيندو المشرف في "مركز العبور والتوجيه" التابع للمنظمة غير الحكومية "تضافر العمل من أجل الشباب والأطفال المحرومين" (كاجيد) في غوما (شمال كيفو). "إنهم يتعلمون السلوك الجيد والقراءة والكتابة. إنهم يرسمون ويصنعون السلال ويعتنون بالحديقة ويغسلون الأطباق".

ويضم المركز حوالى أربعين طفلا تراوح أعمارهم بين عشرة أعوام و17 عاما تم انتزاعهم مؤخرا من مجموعات مسلحة.

بشأن تعليمهم مهنة، قال كاهنيدو آسفا: "نفعل ذلك أحيانا لكن ليس كثيرا... تنقصنا الأموال لإعادة دمجهم اجتماعيا واقتصاديا". ومع ذلك، يشعر الرجل بالفخر والسعادة عندما يتحدث عن شاب "اشترينا له آلة خياطة ونسمع أخباره دائما"، وآخر يدير "صالونا لتصفيف الشعر".

وقال المشرف الذي يتعاطف مع هؤلاء الأطفال في الأهوال التي قد يكونون عاشوها "يجب أن يكونوا قادرين على الاهتمام بشيء ما...".
 
وأضاف انهم "رأوا الناس يُقتلون وبعضهم انتحر" مثل مراهق يعرفه "أُجبر على دفن أشخاص أحياء".

من جهته، قال فوستان بوسيمبا المكلف تنفيذ برامج المنظمة غير الحكومية نفسها إن الأطفال الصغار "يستخدمون في التجسس والطبخ والمياه والحطب"، موضحا أن "الطفل الذي يبقى لمدة سنتين أو ثلاث سنوات في مجموعة مسلحة يذهب إلى الجبهة".

- لائحة سوداء -
في تسعينات القرن الماضي، كان هؤلاء الأطفال الذين يسمونهم "كادوغو" كثيرين في قوات لوران ديزيريه كابيلا الذي أطاح بالرئيس موبوتو في 1997. واليوم ، لم يعد الجيش النظامي لجمهورية الكونغو الديموقراطية مدرجا على "اللائحة السوداء" للمنظمات المتهمة باستخدام أطفال.

لكن "فريق العمل المعني بالأطفال والنزاعات المسلحة في جمهورية الكونغو الديموقراطية" بقيادة قسم حماية الطفل في بعثة الأمم المتحدة (مونوسكو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) يقول إن هذه اللائحة تضم 13 مجموعة مسلحة من حوالى 140 تنشط في شرق البلاد لأكثر من ربع قرن. 

ويصعب تقييم العدد الدقيق للأطفال الذين طالتهم هذه الظاهرة لكنه يراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف حسب المصدر نفسه. وبين خمسة وعشرة بالمئة بالمئة من هؤلاء فتيات، بحسب "كاجيد".

وقالت مصادر في المنظمة غير الحكومية إن بعضهم "أخذوا بالقوة" وآخرين التحقوا بهذه الميليشيات من تلقاء نفسهم بدافع الانتقام أو "مكانة" مفترضة يمكن أن يؤمنها التزام من هذا النوع.

وأحصى فريق العمل التابع للأمم المتحدة 2253 طفلا "فصلوا" عن المجموعات المسلحة في 2018 و3107 في 2019 و2101 في 2020 و957 في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021. 

وقد تم ذلك بعد تدخل بعثة الأمم المتحدة لدى قادة مجموعات مسلحة. وفر آخرون وحرر الجيش البعض خلال عملياته.

وقال بابي ميروهو (36 عاما) في بوكافو (جنوب كيفو) "في 2002 كنت من بين أول الأطفال الذين تم تسريحهم وكان عمري 15 عاما". كان قد أمضى عامين في مجموعة مسلحة انضم إليها للدفاع عن مجتمعه. وأضاف "قُتل والدي". 

وابدى سروره لأن "مكتب التطوع في خدمة الأطفال والصحة" استقبله قبل أن يواصل دراسته حتى حصل على إجازة في علم الاجتماع. هو نفسه عمل في هذه المنظمة غير الحكومية ويقود عندما يتاح له ذلك، الأعمال مع الجنود الأطفال السابقين. 

- "لم تؤت ثمارها" -
لكن عندما تزوج وأصبح رب عائلة، عثر على وظيفة بأجر أفضل وأصبح تاجرا في بانزي في ضواحي بوكافو ، حيث يبيع الدقيق. وهو لا يشعر بالاسف لكنه يرغب في الحصول على وظيفة أقرب إلى تدريبه ورغباته. 

وهو يعرف جنودا أطفالا سابقين آخرين أحدهم حلاق.

أما كريستيان موليندوا فقد خطفته عندما كان في الثالثة عشرة وعائدا من المدرسة، مجموعة مسلحة تمكن من مغادرتها بعد عامين قبل أن يتسلمه "مكتب التطوع في خدمة الأطفال والصحة".

قال الشاب البالغ اليوم 32 عاما: "أنشأت مع شابين آخرين في 2010 جمعية للإشراف والتوظيف" في تصفيف الشعر وأجهزة الكمبيوتر وغيرها، موضحا أن "معظم الذين تعنى بهم من الجنود الأطفال السابقين".

وأضاف: "كان المجتمع ينظر إلينا بازدراء". 

في بعض الأحيان وبسبب العنف الذي يشتبه بأنهم ارتكبوه يرفض هؤلاء الشباب من قبل بعض الأقارب وقد يتعرضون للانتقام.

وقال كريستيان: "اجتمعنا لنمنح أنفسنا الشجاعة  لكن الذين لم يتمكنوا من الخروج (من المجموعات المسلحة) عددهم أكبر من الذين نجحوا".

واضاف أن "مواكبة الجنود الأطفال لم تؤت ثمارها المتوقعة"، مشيرا إلى أن "الأشخاص الذين تم تسريحهم من دون إشراف عادوا إلى حمل السلاح".

لدى المنظمة غير الحكومية في غوما، يبدو أربعة فتية تراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا مفعمين بالأمل. ويستعدون للانضمام إلى عائلاتهم وتم تزويد كل منهم "بمجموعة أدوات لإعادة دمجهم".

وقال فرانسوا: "أريد أن أصبح مزارعا". 

أما أفريل (*)، فسيبقى وقتا قليلا في مركز العبور حيث "يلعب كرة القدم". وهو يبلغ 12 عاما فقط وسيكون بالتأكيد مزارعا في وقت لاحق.

وصديقه ديودوني (*) (11 عاما) يريد أن "يدرس". في يوم من الأيام سيكون مدرسًا. 

(*) تم تغيير اسمي الطفلين.

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم