السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

فرنسا تتمسّك بـ"مبادئها" وتركيا تدعو إلى المقاطعة... ردات الفعل مستمرة

المصدر: "النهار"
مقاطعة المنتجات الفرنسي في الكويت (أ ف ب).
مقاطعة المنتجات الفرنسي في الكويت (أ ف ب).
A+ A-
أكّد المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابريال أتال، اليوم، أنّ فرنسا "لن تتراجع أبداً عن مبادئها وقيمها"، رغم "محاولات زعزعة الاستقرار والترهيب"، منوهاً بـ"الوحدة الأوروبية الكبيرة" حول قيمها في مواجهة انتقادات تركيا ودول مسلمة حول الرسوم الكاركاتورية للنبي محمد.

وقال أتال عقب اجتماع مجلس الوزراء أنّ فرنسا "تتعرض لتهديد إرهابي متنامٍ في الأيام الأخيرة، تغذيه دعوات كراهية"، لكن ذلك "يعزز إرادتنا في مكافحة الإسلام المتطرف وكل أوجهه بلا هوادة". واعتبر أنّ هجمات المسؤولين الأتراك على "شارلي إبدو"، التي نشرت رسماً كاريكاتورياً للرئيس رجب طيب إردوغان، "مقيتة".
 
ويُظهر الرسم الساخر على غلاف المجلة، إردوغان، جالساً بملابسه الداخلية ممسكاً بمشروب معلب مع امرأة ترتدي الحجاب. ووصف المسؤولون الأتراك الرسم بأنه "محاولة مثيرة للاشمئزاز" من المجلة، "لنشر عنصريتها الثقافية وكراهيتها".
 
وتجدّد الصراع الفرنسي التركي، حين صدم  الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء الماضي، العالم، في تأبين المدرّس الفرنسي الذي قُتل ذبحاً في فرنسا. يومذاك، اعتبر أنّ "صمويل باتي قتِل لأنّ الإسلاميين يريدون الاستحواذ على مستقبلنا ويعرفون أنّهم لن يحصلوا على مرادهم بوجود أبطال مطمئني النفس مثله". جملة أشعلت غضباً واسعاً في العالم الإسلامي، وأعادت الصراع الفرنسي- التركي إلى الواجهة، عبر أخذ وردّ بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئاسة الفرنسية.

وكان الرئيس الفرنسي اعتبر أنّ صمويل باتي قُتل "لأنّه كان يجسّد الجمهورية"، مؤكداً في الوقت نفسه أنّ بلاده لن تتخلى "عن رسوم الكاريكاتور"، الأمر الذي دانته وزارة الخارجية الأردنية، اليوم، "استمرار"، مندّدة بـ"أي محاولة لربط الإسلام بالإرهاب". وأشار ماكرون، في تأبين وطني لباتي، إلى أنّ الأخير قُتل على يد "جبناء"، لأنه كان يجسّد القيم العلمانية والديموقراطية في الجمهورية الفرنسية.

تصريحات ماكرون لم ترُق لنظيره التركي، فندّد رجب طيب إردوغان بسياسات الرئيس الفرنسي حيال المسلمين، قائلاً إن عليه "فحص صحته العقلية". وبهذا، بكون إردوغان قد جدّد الخلاف المحتدم الذي نشب بين أنقرة وباريس، حول الحقوق البحرية في شرق المتوسط وملفات النزاع في ليبيا وسوريا، ومؤخراً نرع إقليم ناغورنو- كراباخ الانفصالي في أذربيجان.

وقال إردوغان في خطاب متلفز، ألقاه في مدينة قيصري: "ما الذي يمكن للمرء قوله بشأن رئيس دولة يعامل الملايين من أتباع ديانات مختلفة بهذه الطريقة؟ قبل أي شيء: افحص صحتك العقلية".
 
 
تصريحات "غير مقبولة" و"بذاءة"
من جهتها، استنكرت الرئاسة الفرنسية تصريحات إردوغان "غير المقبولة"، التي شكك من خلالها بـ"الصحة العقلية" لماكرون، على خلفية مواقف له تجاه المسلمين. وأعلنت استدعاء سفير فرنسا لدى أنقرة للتشاور.

وقال الإليزيه في تعليق لـ"فرانس برس"، إنّ "تصريحات الرئيس إردوغان غير مقبولة. تصعيد اللهجة والبذاءة لا يمثلان نهجاً للتعامل". وأضاف: "نطلب من إردوغان أي يغيّر مسار سياسته لأنّها خطيرة من الزوايا كافة. لن ندخل في جدالات عقيمة ولا نقبل الشتائم".
 
بدوره، ندّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الأحد، بتصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضد نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، معتبراً أنها "غير مقبولة". ودعا أنقرة إلى "وقف دوامة المواجهة الخطيرة".

وكتب بوريل في تغريدة: "تصريحات الرئيس رجب طيب إردوغان ضد الرئيس إيمانويل ماكرون غير مقبولة. دعوة لتركيا إلى وقف دوامة المواجهة الخطيرة هذه".
 
 
دعوات للمقاطعة وتوضيح فرنسي
الخلاف لم يهدأ هنا، بل تطوّر وتحوّل إلى حملة اقتصادية إقليمية، في عدد من الدول الإسلامية، عاد ودعا إليها إردوغان، الإثنين، تقوم على عدم شراء البضائع الفرنسية، وحضّ زعماء دول الاتحاد الأوروبي على وضع حد لأجندة ماكرون "المعادية للإسلام".
 
وقال إردوغان: "كما يقولون (لا تشتروا البضائع التي تحمل علامات تجارية تركية) في فرنسا، أدعو كل المواطنين من هنا إلى عدم مساعدة العلامات التجارية الفرنسية أبدا أو شرائها".
 
وتجد الإشارة إلى أنّ فرنسا هي عاشر أكبر مُصدر إلى تركيا وسابع أكبر سوق للصادرات التركية، وفقا لمعهد الإحصاءات التركية. وتُعدّ السيارات من بين الواردات الفرنسية الرئيسية وهي من بين الأكثر رواجاً في السوق التركي. وقد تراجعت أسهم الوحدة التركية لشركة معدات الاتصالات الفرنسية الأميركية "ألكاتل لوسنت" بنسبة 10 بالمئة في بورصة إسطنبول بعد تصريحات الرئيس التركي.
 
من جهتها، دعت فرنسا، الأحد، حكومات الدول المعنية إلى "وقف" الدعوات لمقاطعة السلع الفرنسية والتظاهر، معتبرةً أنها تصدر من "أقلية راديكالية".

وقالت الخارجية الفرنسية في بيان، إنّ "الدعوات إلى المقاطعة عبثية ويجب أن تتوقف فوراً، وكذلك كل الهجمات التي تتعرض لها بلادنا والتي تقف وراءها أقلية راديكالية".

واعتبرت أن دعوات المقاطعو والكراهية "تشوّه المواقف التي دافعت عنها فرنسا من أجل حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الديانة ورفض أي دعوة للكراهية". ورأت أيضاً أن هذه المواقف "تستغل لأغراض سياسية التصريحات" التي ادلى بها ماكرون في الثاني من تشرين الأول، خلال عرض مشروع قانون عن الاسلام المتطرف.

وأكّدت الخارجية أن مشروع القانون وتصريحات الرئيس تهدف فقط "إلى مكافحة الإسلام الراديكالي والقيام بذلك مع مسلمي فرنسا الذين يشكلون جزءاً لا يتجزأ من المجتمع والتاريخ والجمهورية الفرنسية".
 
مواقف عربية متباينة
في وقت انتشرت دعوات المقاطعة في العالم العربي، وتحديداً في الأردن والكويت، جدد مجلس الوزراء السعودي في بيان، الثلثاء، رفض المملكة لأي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب، وندد بالرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد. عيرأنّ بيان المملكة لم يتضمن إشارة إلى دعوات في بعض الدول الإسلامية إلى مقاطعة البضائع الفرنسية بسبب الرسوم التي تنشر في فرنسا.

وقال بيان مجلس الوزراء إنه جدّد أيضاً رفض المملكة "وإدانتها ونبذها لكل عمل إرهابي أو ممارسات وأعمال تولد الكراهية والعنف والتطرف، والتأكيد على أن الحرية الفكرية وسيلة للاحترام والتسامح والسلام".
 
من جهته، ومن دون أن يذكر فرنسا صراحة، أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة، اليوم، أنّ الاساءة إلى الرسل والأنبياء تحمل "استهانة بالقيم الدينية الرفيعة".

واعتبر السيسي إنّ "الاساءة إلى الرسل والأنبياء هو استهانة بقيم دينية رفيعة يعتقد فيها كثير من الناس ولا يعتقد فهذا شأنه". كما تساءل بأنه لو أن عدد المسلمين في العالم مليار ونصف ونسبة المتطرفين منهم 1 بالمئة "تتصورون ماذا يمكن أن يفعل 15 مليون إرهابي في العالم؟ .. بالتأكيد العدد ليس كذلك"، بل أقل.

وقال الرئيس المصري: "إذا كان من حق الناس أن تعبر عما يجول في خواطرها، أتصور أن هذا الأمر يقف عندما تجرح مشاعر أكثر من مليار ونصف (مسلم). من فضلكم كفى إيذاء لنا".

والإثنين، أعلن مجلس حكماء المسلمين خلال اجتماع برئاسة شيخ الأزهر عزمه على رفع دعوى قضائية ضدّ صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة التي نشرت رسوماً كاريكاتورية تمثل النبي محمد وكذلك أيضاً ضدّ "كل من يسيء للإسلام ورموزه المقدّسة".

وقال المجلس في بيان صدر في أعقاب اجتماع عقده عبر الفيديو، إنّه "قرّر تشكيل لجنة من الخبراء القانونيين الدوليين لرفع دعوى قضائية على صحيفة (شارلي إيبدو) التي قامت بنشر رسوم كاريكاتورية مسيئة لنبيّ الرحمة وكذلك كلّ من يسيء للإسلام ورموزه المقدّسة".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم