الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مشاكل الاتحاد الأوروبي مع "غوغل"... غايات بعيدة المدى؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
هل تتخطى "غوغل" قريباً مشاكلها؟ (تعبيرية- أ ف ب).
هل تتخطى "غوغل" قريباً مشاكلها؟ (تعبيرية- أ ف ب).
A+ A-

يوم الاثنين الفائت، طلبت المفوضية الأوروبية والسلطات الوطنية لحماية المستهلك من شركة "غوغل" أن تكون أكثر شفافية في الطريقة التي تعرض بها نتائج البحث عن الرحلات الجوية والفنادق، مع توضيح متى تؤثّر المدفوعات على مثل هذه التصنيفات. وتتوقع أوروبا أن تعرض نتائج Google Flights و Google Hotels الأسعار النهائية بما في ذلك الرسوم أو الضرائب. ويفترض أن تقوم الشركة بالإبلاغ عن التحسينات في غضون شهرين.

 

طلب وترحيب أولي

قال الطرفان إنّ على "غوغل" تفسير معايير التصنيف لديها تحت طائلة مواجهة عقوبات محتملة. وواجهت الشركة المتعددة الجنسيات تدقيقاً من هيئات إنفاذ منع الاحتكار وضمان التنافسية العادلة، كما من مجموعات تدافع عن حقوق المستهلكين حول العالم، استهدف ممارساتها التجارية. وشدّدت المفوضية على وجوب تضمين الأسعار النهائية الضرائب والرسوم بشكل يمكن احتسابها بشكل مسبق، وعلى ضرورة تحديد الأسعار المرجعية المستخدمة في احتساب تنزيلات الأسعار الخاضعة للترويج، بشكل واضح.

 

وتحدث مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي ديدييه رايندرز عن وجوب عدم "تضليل المستهلكين في الاتحاد الأوروبي عند استخدام محركات البحث للتخطيط لعطلاتهم. نحن بحاجة إلى تمكين المستهلكين لاتخاذ قراراتهم بناء على معلومات شفافة وغير منحازة". وطلب الاتحاد الأوروبي أيضاً من الشركة مراجعة الشروط المعيارية لمتجرها لأنّ حالات عدة أظهرت أنّ المتداولين لديهم حقوق أكثر من المستهلكين. وتقود وكالتان هولندية وبلجيكية الجهد الأوروبي باتجاه دفع "غوغل" إلى المزيد من الشفافية.

بالمقابل، رحّبت "غوغل" بالحوار مضيفة: "نحن نعمل عن كثب مع وكالات حماية المستهلك والمفوضية الأوروبية لمعرفة كيف يمكننا إدخال تحسينات تكون إيجابية لمستخدمينا وتأمين المزيد من الشفافية".

وكانت المفوضية الأوروبية قد أطلقت الشهر الماضي تحقيقاً لمعرفة ما إذا كان عملاق البحث "غوغل" ينتهك قواعد المنافسة من خلال تفضيل تقنيات الإعلان على الشبكة الإعلانية الخاصة به، وذلك من خلال منع وصول المنافسين إلى بيانات المستخدم بشكل غير عادل. وأراد الاتحاد تقييم القيود التي يحتمل أن تكون "غوغل" قد وضعها على قدرة المعلنين والناشرين والأطراف الثالثة على الوصول إلى البيانات المتعلقة بهوية المستخدم وسلوكه. مثّلت الخطوة الأخيرة قضية جديدة ضد غوغل تتبع حوالي 9.5 مليار دولار من الغرامات على مدى السنوات القليلة الماضية، بسبب حظر المنافسين في التسوق عبر الإنترنت والهواتف الذكية التي تعمل بنظام "أندرويد" والإعلان عبر الإنترنت، كما ذكرت "رويترز".

وقالت نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية مارغريت فيستاجر في بيان "إنّنا نشعر بالقلق من أنّ غوغل جعلت من الصعب على خدمات الإعلان عبر الإنترنت المنافسة في ما يسمى بتكنولوجيا الإعلانات".

تهيمن "غوغل" على السوق الاستهلاكية الرقمية عالمياً حيث تستحوذ على 27.5% من إجمالي الإنفاق الإعلاني العالمي بحسب شركة أبحاث السوق "إي ماركتر". وبلغت حصتها من سوق الإعلانات في الولايات المتحدة 28.9% سنة 2020 وفقاً لأرقام السوق نفسها. أكسبت الإعلانات الشركة 147 مليار دولار السنة الماضية، وهو ما يعادل 80% من المدخول الكامل لـ"غوغل". وشكلت الإعلانات على منصات غوغل الخاصة ومن ضمنها "يوتيوب" و"جي مايل" القسم الأكبر من مبيعات الشركة الإعلانية وأرباحها سنة 2020، بحسب "رويترز". وتقول "غوغل" إنّ لدى المستهلكين خيارات أخرى غير هذه الشركة بإمكانهم التعامل معها مثل "أمازون" و"يلب" و"مايكروسوفت" و"ترافيلوسيتي" التي تتحدث دوماً عن نموّ قوي لعدد مستخدميها.

 

غرامة باهظة أخرى بعد أشهر؟

في 2018، فرض الاتحاد الأوروبي غرامة على غوغل بقيمة 5 مليارات دولار لإجبارها شركات تصنيع الهواتف الخلوية على تحميل تطبيقات "غوغل" على الأجهزة التي تستخدم أنظمة "أندرويد". وفي 2017 أيضاً، أجبرت بروكسل الشركة عينها على دفع 2.7 مليار دولار لاستخدامها محرّك البحث من أجل دفع الزبائن نحو استخدام منصتها الخاصة بالتبضّع. أمّا في 2019، ففرض الاتحاد الأوروبي غرامة بقيمة 1.7 مليار دولار تتمحور حول ممارسة مبيعات الإعلانات في غوغل.

 

وقالت غوغل في ردها أمام محكمة أوروبية في لوكسمبورغ العام الماضي إنّ محور عملها هو صناعة منتجات ابتكارية عوضاً عن مساعدة المنافسين، نافية أن تكون قد فضّلت خدمتها الخاصة. وقد تواجه غرامة بقيمة 2.8 مليار دولار في تشرين الثاني المقبل بسبب قضية متعلقة بمكافحة الاحتكار.

 

هل تساهم حلحلة محتملة في مسألة خدمتي الرحلات الجوية والفنادق التي تقدّمها "غوغل" في حلحلة قضيّة مكافحة الاحتكار التي قد تكبّد الشركة غرامة مالية باهظة بعد ثلاثة أشهر تقريباً؟

 

في تعليق لـ"النهار"، استبعد الزميل الباحث في "مركز من أجل الإصلاح الأوروبي" الدكتور زاك مايرز هذا الأمر موضحاً أنّ القلق الأخير من نتائج Google Flights و Google Hotels أعربت عنه المفوضية الأوروبية وسلطات حماية المستهلك. يرتبط القلق بما إذا كانت نتائج هاتين الخدمتين تتوافق مع قانون حماية المستهلك الأوروبي وحول كيفيّة تقديمهما المعلومات والأسعار. ويضيف مايرز: "هذا ليس إجراء رسمياً بعد، ولا يوجد نتيجة رسمية عن عدم امتثال. إذا وافقت ‘غوغل‘ على تغيير ممارساتها، فمن المرجح أن تُحل هذه المسألة".

 

أمّا بالنسبة إلى جلسة المحكمة في 10 تشرين الثاني المقبل فهي تتعلّق بقضية "مكافحة الاحتكار الطويل المدى في Google Shopping وبما إذا كانت نتائج بحث ‘غوغل‘ أعطت Google Shopping أفضلية غير عادلة على خدمات مقارنات-الأسعار لشركات أخرى". وأوضح مايرز أنّ المحكمة لن تنظر إلى أنواع أخرى من سلوك غوغل حصل في هذه الأثناء، مثل قضايا حماية المستهلك.

 

غايات خفية؟

ثمّة سؤال آخر جائز طرحه في هذا الإطار. ماذا لو كان هدف بروكسل من كل المطالبات الحالية أبعد من مجرد إلزام "غوغل" بقوانين الشفافية الأوروبية، ويهدف إلى تمهيد الطريق أمام تظهير شركات أوروبية عملاقة منافسة للعملاق الأميركي؟

حملت "النهار" هذا السؤال إلى العالم السياسي والمعلّق على شؤون السياسات التكنولوجية فيلهلم شولتز الذي لم يستبعد وجود مثل هذا الاحتمال، لكنه قدّم بعض التفاصيل التي لا بدّ منها لرسم صورة كاملة: "من المؤكد أن المفوضية الأوروبية تستعرض عضلاتها لإضعاف معارضة شركات التكنولوجيا الأميركية للتنظيم الشامل. الطلب الأخير من ‘غوغل‘ هو واحد من قضايا مفتوحة عدة رفعها الاتحاد الأوروبي ضد ‘ألفابيت‘ (الشركة الأم لـ‘غوغل‘) وشركات التكنولوجيا أخرى".

وتابع شولتز: "إنّ الهدف الأسمى هو إعداد ساحة لعب متكافئة وفتح الفضاء الرقمي لمزيد من المنافسة. أن تأتي هذه المنافسة من داخل أوروبا أو خارجها، هو أمر ثانوي، على الرغم من حقيقة أنّ الكثيرين في بروكسل يرغبون بالتأكيد في رؤية المزيد من الأبطال الأوروبيين في المجال الرقمي".

على أيّ حال، وخصوصاً بالنسبة إلى المصالح المستدامة، يختم شولتز بأنّ "استبدال هذه الدعاوى القضائية المكلفة والممتدة على فترة زمنية طويلة بقواعد تنظيمية واضحة وفعالة لتأمين اقتصاد رقمي عادل ومزدهر، عوضاً عن تعزيز فكرةِ مركزيةٍ أوروبيةٍ للتنافس مع شركات أميركية، سيُفيد المستهلكين والشركات داخل أوروبا وخارجها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم