الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بين 2016 و2020... هل غيّر بايدن رأيه بفلورنوي كوزيرة للدفاع؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
مساعدة وزير الدفاع في ولاية أوباما الأولى ميشال فلورنوي خلال اجتماع مع نظيرتها الصينية ما شياوتيان في بيجينغ، كانون الأول 2011 - أندي وانغ "أ ف ب" - عبر "غيتي"
مساعدة وزير الدفاع في ولاية أوباما الأولى ميشال فلورنوي خلال اجتماع مع نظيرتها الصينية ما شياوتيان في بيجينغ، كانون الأول 2011 - أندي وانغ "أ ف ب" - عبر "غيتي"
A+ A-
في مطلع الأسبوع الحاليّ، أعلن الرئيس المنتخب جو بايدن عدداً من الأسماء التي ستتولّى المناصب العليا في إدارته المستقبليّة، لكنّه لم يكشف الاسم الذي سيتولّى وزارة الدفاع. أشارت مختلف التقارير الأميركيّة إلى أنّ ميشال فلورنوي تتقدّم على سائر المرشّحين لهذا المنصب. ومع ذلك، يبدو أنّ ثمّة ما أخّر إعلان هذا الترشيح. إنّ نظرة سريعة إلى مسيرة فلورنوي وعلاقتها بشركات الدفاع الأميركيّة توضح بعضاً من هذه المخاوف. لكنّها ليست مخاوف تعتري بايدن، بل تحديداً الجناح اليساريّ في الحزب الديموقراطيّ.

وُلدت فلورنوي في لوس أنجلس (كاليفورنيا) سنة 1960 وحازت على ماجيستير في العلاقات الدوليّة من جامعة أكسفورد سنة 1983. شغلت فلورنوي منصب نائب وزير الدفاع للشؤون الاستراتيجيّة وتخفيض التهديد في إدارة بيل كلينتون. بين سنتي 1996 و 2000، نالت عدداً من الجوائز التقديريّة لأعمالها الحكوميّة من بينها مساهمتها في "مراجعة الدفاع الرباعيّ" التي شدّدت على ضرورة أن يكسب الجيش الأميركيّ حربين بارزتين على مسرحين منفصلين بشكل شبه متزامن.
 
عملت فلورنوي في عدد من الجامعات ومراكز الرأي البارزة مثل "جامعة الدفاع الوطني" و"مركز الدراسات الاستراتيجيّة والدوليّة" ثمّ شاركت في تأسيس "مركز الأمن الأميركيّ الجديد". وفي 2009، أصبحت مساعدة وزير الدفاع خلال الولاية الأولى من إدارة أوباما، قبل أن تقدّم استقالتها سنة 2011 للعودة إلى الحياة الخاصّة.

إشادة ثمّ توصية
في حزيران 2016، ووفقاً لموقع "ديفنس نيوز"، أشادت فلورنوي ببايدن خلال مؤتمر نظّمه "مركز الأمن الدوليّ الجديد" واصفة إيّاه بأنّه مفكّر في شؤون الأمن القوميّ. وأشادت بالروابط بين فريق عمله في البيت الأبيض من جهة ومركزها من جهة أخرى. ردّ بايدن بالقول: "حسناً السيّدة الوزيرة (هيلاري كلينتون)، أنا أكتب توصية من أجلها (كي تتولّى وزارة الدفاع في إدارتِك)". أعقب ذلك تصفيق وضحك بين الجمهور. لكنّ فوز الديموقراطيّين تأجّل أربع سنوات، ومعه توصية بايدن.

بعد الخسارة الديموقراطيّة، شاركت فلورنوي في تأسيس مؤسّسة رأي أخرى، "ويست أكزيك"، وقد جمعت عدداً من المسؤولين في وزارتي الخارجيّة والدفاع كما في مجلس الأمن القوميّ خلال إدارة أوباما. وشريكُها التأسيسيّ كان وزير الخارجيّة المعيّن حديثاً في إدارة بايدن أنطوني بلينكن. ويذكر الموقع أنّ وزير الدفاع الأسبق جايمس ماتيس فكّر في تعيين فلورنوي ضمن فريق عمله.

الشهيّة لا تزال مفتوحة
روابط فلورنوي مع شركات الصناعة الدفاعيّة أثارت قلق جزء واسع من اليسار الديموقراطيّ والمقرّبين منه. ذكرت منظّمة "مشروع الرقابة على الحكومة" التي تحقّق في الهدر والفساد والتعسّف العام في استخدام السلطة، أنّ فلورنوي لن توقف "شهيّة" الإنفاق لدى البنتاغون والكونغرس والشركات الدفاعيّة.

وعرضت كيفيّة انتقال فلورنوي من جامعة الدفاع الوطنيّ إلى "مركز الدراسات الاستراتيجيّة والدوليّة" الذي وصفته بالانتماء إلى الصقور والذي يلقى التمويل من الصناعة الدفاعيّة ومن مساهمات البنتاغون. أمّا "مركز الأمن الأميركيّ الجديد" الذي شاركت في تأسيسه فهو ثاني أكبر مؤسّسة دفاعيّة من حيث تلقّي مساهمات المتعاقدين الدفاعيّين في واشنطن، ووصفته أيضاً بعالي التأثير. وانتقلت أيضاً إلى "مجموعة بوسطن للاستشارات" حيث توسّعت التعاقدات العسكريّة للشركة من 1.6 مليون دولار إلى 32 مليون دولار في ثلاث سنوات. أمّا في "وست أكزيك" فقد ساعدت الشركات الدفاعيّة على تسويق منتجاتها للبنتاغون ووكالات أخرى. وانتقدت المنظّمة أيضاً أفكارها التي تؤيّد زيادة الإنفاق الدفاعيّ. وبدا بايدن مقتنعاً بذلك. ففي أيلول، قال إنّه التقى بعدد من مستشاريه واقترحوا وجوب زيادة الإنفاق في بعض المجالات الدفاعيّة.

ليس الجناح اليساريّ في الحزب الديموقراطيّ من يبدي حساسيّة تجاه فلورنوي وحسب. من الظواهر القليلة في الإعلام الأميركيّ، أن يشيد بعض المحافظين بما يكتبه اليساريّون. وهذا ما حدث في تمّوز الماضي حين أبدت كيلّي فلاهوس في مجلّة "ذي اميركان كونسيرفاتيف" إعجابها بما نشره جوناثان غاير في موقع "ذي اميركان بروسبكت" التقدّميّ. ويخشى المحافظون من أن يؤدّي الإنفاق الدفاعيّ إلى توريط الولايات المتّحدة في حروب خارجيّة، السبب الذي دفعهم إلى التصويت لصالح ترامب. وهذه الخشية تمثّل نقطة تقاطع بين الطرفين.


مفاجأة مبكرة؟
في مقابلِ إشارة "ديفنس نيوز" إلى توصيته المفترضة بها، نقلت مجلّة "بوليتيكو" منذ أربعة أيّام عن مسؤولَين في إدارة أوباما مقرّبين من بايدن قولهما إنّ الأخير لم يطوّر علاقة شخصيّة خاصّة مع فلورنوي. وقالا أيضاً إنّه بمجرّد انتهاء الانتخابات، مال بايدن إلى التفكير بخيارات أخرى. وذكرت المجلّة أنّ فلورنوي لا تزال في مقدّمة الخيارات المطروحة، لكن ثمّة مسائل تعيق استعجال بايدن صوب الحسم، من بينها خلافات سابقة في وجهات النظر مثل تأييدها رفع عدد القوّات الأميركيّة في أفغانستان، وهو أمرٌ عارضه نائب الرئيس السابق. كذلك، لا يبدو اليسار رافضاً لفكرة تعيين فلورنوي وحسب، بل هو يطالب بايدن بتمثيله في وزارة الدفاع، وهي مشكلة أخرى يواجهها الرئيس المنتخب.

لكنّ فلورنوي عادت وكسبت بعض الأصوات التقدّميّة في الكونغرس يوم الأربعاء مثل جيم لانجفين وجاكي سباير، وهما رئيسان للجنتين فرعيّتين في الخدمات المسلّحة للمجلس النيابيّ، كما ذكرت المجلّة في تقرير لاحق. ولفتت "فورين بوليسي" النظر إلى أنّ الضغط الذي تواجهه فلورنوي من اليسار قد لا يكون شاملاً بما أنّ كونها أوّل امرأة تشغل منصب وزيرة الدفاع في الولايات المتّحدة، يمكن أن يخفّف – من دون أن يلغي – احتجاجات اليسار.

في نهاية المطاف، قد لا يرتبط تعيين اسم وزير الدفاع بالديموقراطيّين وحسب. فالتعيين يحتاج إلى مصادقة مجلس الشيوخ الذي قد لا يملك فيه الديموقراطيّون الغالبيّة بعد انتخابات 5 كانون الثاني. واختيار بايدن لشخصيّة يساريّة يمكن ألّا يمرّ بسهولة في الكونغرس. فهل يحسم بايدن تردّده ويؤكّد التوقّعات المبدئيّة باختيار فلورنوي أم يفجّر أوّل مفاجأة حتى قبل دخول البيت الأبيض؟ قد لا ينتظر المراقبون كثيراً لمعرفة الجواب.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم