الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لتعزيز دور تركيا كقوة إقليمية... إردوغان يقدّم نفسه مدافعاً عن الإسلام

المصدر: "أ ف ب"
رجب طيب إردوغان (أ ف ب).
رجب طيب إردوغان (أ ف ب).
A+ A-
يقدّم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نفسه، على أنه حريص على صيانة قضايا الإسلام، وتهدف انتقاداته الحادة لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الإسلام إلى تعزيز مكانته وتسجيل نقاط على حساب منافسيه في الشرق الأوسط، على ما يقول محللون.
 
وإذا كان إردوغان قد صعّد الموقف وذهب إلى حد الدعوة إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية والتشكيك في "الصحة العقلية" لماكرون لأنه دافع عن نشر رسم كاريكاتورية تمثل النبي محمد وحذّر من "الانعزالية" الإسلامية في فرنسا، فقد امتنع خصومه الإقليميون، ولا سيما قادة مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، عن أي تعليق على هذه المسألة الحساسة بالنسبة للعالم العربي والإسلامي.
 
فهذه الدول الثلاث تقف في صف موقف باريس المتشدد إزاء الإسلام السياسي الذي انبثق منه إردوغان، والذي تعتبره تهديداً لاستقرارها.
 
لخّص المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، في تغريدة على "تويتر"، التناقض بين موقف الدول الثلاث وموقف الرئيس التركي، بقوله إنّ "المعادلة بسيطة وواضحة: عندما يهاجم إردوغان ماكرون، فاعلم أن ماكرون على حق".
 
من حهته، يعتبر أوزغور أونلوهيسارجيكلي، مدير مكتب صندوق "جرمان مارشال فاند" الأميركي الألماني في أنقرة، رد فعل إردوغان المعروف بتدينه، "صادقاً" في الجدل الدائر حول نشر الرسوم الكاريكاتورية، لكنه برأيه "يستفيد أيضاً من هذا الخلاف مع ماكرون على الجبهتين المحلية والدولية".
 
"تحدي غطرسة الغرب"
 
ويوضح قائلاً: "إن خوض مواجهة مع قادة الغرب يعزز صورة إردوغان بين أبناء شعبه كزعيم يتحدى غطرسة الغرب ضد تركيا أو المسلمين".
 
ويضيف أنّ هذا الموقف يسمح له أيضاً "تعميق استياء المجتمعات الإسلامية في بعض البلدان مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من قادتها الذين لا يستطيعون مجاراة حزمه عندما يتعلق الأمر (بالدفاع عن الإسلام)".
 
ويرى ديدييه بيون، المتخصص في الشؤون التركية ونائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في باريس، أنّ إردوغان يسعى، لتعزيز دوره في المنطقة، للاستفادة من "الفراغ الاستراتيجي في الشرق الأوسط" الذي تسبب به حسب قوله تراجع نفوذ دول مؤثرة تقليدياً مثل السعودية ومصر.
 
ويقول: "أظنّ أنّ إردوغان يحاول استغلال الوضع لزيادة نفوذه في المنطقة. (...) يريد أن يظهر على أنه الشخص الذي لا يحني رأسه أمام الغرب". ويضيف: "يلاحظ إردوغان، وهو ليس مخطئاً، أن الإسلاموفوبيا تتعمق في فرنسا"، وانتقاداته اللاذعة لماكرون تعكس في هذا السياق "رغبة في التأثير على مسلمي فرنسا. (...) لكنّ هذا الجهد سيذهب سدى، لأن الإسلام في فرنسا مبني على أسس وطنية، حتى وإن كان لإردوغان تأثير مبهر لدى بعض الشباب المسلمين".
 
من جانبه، يؤكّد جان ماركو، الأستاذ في معهد العلوم السياسية في غرونوبل بفرنسا، البعد الجيوسياسي للتوترات بين تركيا وفرنسا التي وصلت إلى ذروتها مع تهجم إردوغان الشخصي على نظيره الفرنسي.
 
ويقول إنه، "منذ الصيف الماضي، شهدنا سلسلة من المناوشات بين البلدين في ساحات صراع استراتيجية: ليبيا وشرق المتوسط ولبنان ومالي وناغورنو- كراباخ".
 
ويضيف أنّ "هذه المواجهات الكلامية هي نتيجة سياسة هجومية تعتمدها تركيا التي تريد أن تظهر كقوة إقليمية. إذا وجدت تركيا باريس في طريقها، فهذا بلا شك لأن فرنسا، في سياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي لديها قوة نووية ومقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

"صراع الديكة"
 
ويقارن ديدييه بيون العلاقة بين الرئيسين الفرنسي والتركي "بصراع الديكة"، مشيراً إلى أن ماكرون وجّه في الفترة الأخيرة تصريحات لاذعة لإردوغان.
 
ويقول إنّ "ماكرون يسعى لإظهار أنه لن يقف مكتوف الأيدي في مواجهة الإسلام السياسي. لقد صار الأمر بالنسبة له قضية أساسية لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية. (...) في هذا السياق، فإن زعيماً مثل إردوغان يمثل كنزاً ثميناً بالنسبة لماكرون".
 
ويوافق أونلوهيسارجيكلي على هذا القول مضيفاً أن "ماكرون يبدو أيضاً وكأنه يستمتع بهذه المنازلة. قد يكون لديه هو الآخر استراتيجية لتحسين صورته كزعيم يحمي القيم الغربية". ويقول: "يبدو أن هذا الوضع مفيد لكلا الزعيمين في حين أنه يشكل خسارة لبلديهما".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم