الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

السفينة "صافر"... تحذيرات من أخطر كوارث التسرّبات النفطية في التاريخ

المصدر: "النهار"
ناقلة النفط "صافر" قبالة السواحل اليمنية.
ناقلة النفط "صافر" قبالة السواحل اليمنية.
A+ A-
مع انعدام وجود حلّ سريع، قد يسبّب وقوع انفجار أو تسرّب من ناقلة النفط "صافر" التي يأكلها الصدأ، على الساحل اليمني، إلى واحدةٍ من أخطر كوارث التسرّبات النفطية في التاريخ. وفقًا لدراسة جديدة أصدرتها الوحدة العلمية لدى "غرينبيس"، قد تسفر هذه الحادثة عن آثار أوسع نطاقاً وأشدّ حدّةً وأطول أمداً ممّا أشارت له المعطيات المتوفرة سابقاً. فإذا انسكب النفط كلّه، تصبح الحادثة أكبر بأربع مرّات من كارثة إيكسون فالديز، ما يولّد أضراراً بيئية شديدة وواسعة النطاق، ويفاقم الأزمة الإنسانية التي تفتك بالبلاد والبلدان المجاورة.

ويشار إلى أنّ خزان "صافر" هو ناقلة نفط يأكلها الصدأ، وتحوي على متنها أكثر من 1,1 مليون برميل (ما يعادل 140 ألف طنّ) من النفط الخام. ويقع الخزّان في البحر الأحمر، على بعد 6 كيلومترات (4 أميال) من ساحل اليمن الذي قد يشهد على واحدةً من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. ويتبيّن أن القارب عرضة لخطر الانفجار أو تسرّب حمولته النفطية. لكن، حتّى اليوم، لا تزال المفاوضات عاجزة عن إيجاد حل من شأنه أن يعالج وضع الشحنة والسفينة التي تُركت بدون صيانة طوال السنوات السبع الماضية. بالإضافة إلى ذلك، يظهر أعطال في معدات حيوية في مجال مكافحة الحريق ومولدات السفينة.

في هذا الإطار، قال مدير الحملات في "غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، أحمد الدروبي: "تشكّل ناقلة النفط المتروكة، مع حمولتها السامة من النفط الخام، تهديداً خطيراً على المجتمعات الساكنة على ضفاف البحر الأحمر وبيئته. لا يمكن ضمان سلامة الخزان إلّا إذا نُقل النفط منها إلى قارب أو قوارب أخرى. وعلى الرغم من الصعوبات المالية والسياسية، نحثّ الأمم المتحدة وجميع الأطراف والحكومات المعنية في المنطقة وخارجها إلى وضع هذه الجهود على رأس أولوياتها. فالوضع لا يتحمّل التروي والانتظار بعد الآن، بل يجب اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع حدوث كارثة هائلة، أو أقلّه للتخفيف من أثرها."

وفي حال حصول تسرّب نفطي، ستنعكس على الأشخاص والبيئة في المنطقة، آثارٌ كارثية وذلك لجمة من الأسباب:

- يحتوي النفط الخام مواداً كميائية سامة ومسرطنة تؤذي صحة الإنسان. من الممكن أن يتعرّض الملايين من الأشخاص في اليمن والبلدان المجاورة إلى مستويات عالية جداً من تلوّث الهواء الناجم عن الانفجار المحتمل.
 
- من شأن تسرّب نفطي أن يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ممّا يمنع الوصول إلى المرفأين الرئيسيين في الحديدة والصليف، اللذين يدخلان 68 بالمئة من المساعدات الموجّهة إلى البلاد. ويؤثّر ذلك على الإمدادات بالمساعدات الغذائية لأكثر من 8,4 مليون شخص.
 
- كذلك، من الممكن أن تتأثّر مصانع تحلية مياه البحر التي تقع على ساحل اليمن في الحديدة والصليف وعدن، فيُقطع الإمداد بمياه الشرب لعشرة مليون شخص تقريباً. وقد يُلوّث النفط إمدادات مياه الشرب لمنطقة البحر الأحمر كلها في غضون ثلاثة أسابيع من التسّرب.
 
- تشكّل مصائد الأسماك ثاني أكبر صادرات اليمن قبل الحرب، ولا تزال توفّر مصدراً للدخل وللأمن الغذائي في بلد بات على حافة المجاعة. وفي حال وقوع تسرّب نفطي، من المرّجح أن تخسر اليمن المصائد التي تؤمّن معيشة 1,7 مليون شخص.
 
- من الممكن أن يمتدّ النفط على طول ساحل البلدان المجاورة لليمن مثل جيبوتي وإريتريا والمملكة العربية السعودية ممّا قد يعطّل مسارات الشحن من قناة السويس وإليها، فضلاً عن التأثير على السياحة في المنتجعات القائمة على البحر الأحمر والاقتصادات المحلية ذات الصلة.
 
- قد يؤثّر تسّرب نفطي في البحر الأحمر على موقع غني بالتنوّع البيولوجي وذات أهمية عالمية، وينطوي على مكامن ضعف خاصة، وعلى منظومة إيكولوجية ذات تنوّع بيولوجي كبير تضمّ الكثير من الأنواع المتوطنة والموائل الحساسة مثل منابت الأعشاب البحرية، وأشجار المانغروف، والشعاب المرجانية.

إذاً، يُسفر أي تسّرب كبير عن آثار مدمّرة وينبغي على البلدان أن تكون مستعدة. بالتالي، من الضروري نشر حاجز عائم لاحتواء النفط حول سفينة "صافر" كخطوة أولى لمنع اتسّاع البقعة النفطية في حال حدوث تسرّب. لكن، لا يقدّم الحاجز العائم حلًا لمنع الآثار الإنسانية والبيئة المحتملة في المدى القريب والبعيد في المنطقة، وهي آثار لا يمكن تخفيفها إلا بإزالة النفط من متن السفينة.

في السياق، قال بول هورسمان، مدير المشروع في فريق الاستجابة السريعة لأزمة ناقلة النفط "صافر" التابع لمنظمة "غرينبيس" الدولية: "نُدرك أنّ عملية إزالة النفط بشكل آمن من خزان "صافر" تنطوي على تحديات كبرى، ولكنّ العوائق التي تمنع إنجاز هذه المهمة ليست تقنية، بل سياسية. فالتقنيات والخبرات اللازمة لنقل النفط إلى حاملات أخرى متوفرة، ولكننا لا نزال نراوح مكاننا بعد أشهر من المفاوضات، وذلك فيما تستمرّ حالة خزّان "صافر" بالتدهور. ويقع على عاتق الحكومات وقطاع النفط واجب أخلاقي يقضي باتخاذ خطوات طموحة والكفّ عن تعريض الناس والنُظُم الإيكولوجية الخلّابة، كالبحر الأحمر، للخطر نتيجة الاعتماد المستمرّ على الوقود الأحفوري المدمِّر للمناخ".

تمتلك دول مثل النرويج وهولندا والمملكة المتّحدة وفرنسا وألمانيا، ودول أخرى في المنطقة، مثل البحرين، معدّات جاهزة للاستجابة للتسرّبات النفطية، وبإمكانها إرسال هذه المعدّات إلى المنطقة تحسّباً لأي تسرّب، في إطار تنسيق أممي. ونظراً إلى السياق السياسي والنزاع الدائر في اليمن، من الضروري أن تتحرّك الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي لتفادي وقوع كارثة بيئية وإنسانية وضمان إعطاء الأولوية لهذه المسألة في المفاوضات.
 
وتعمل منظمة "غرينبيس" الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنظمة "غرينبيس" الدولية حالياً مع منظمات في اليمن والمنطقة لإيجاد حلّ لإزالة النفط وتقديم الدعم في هذا المجال، بالتوازي مع الاستعداد للاستجابة في حال وقوع تسرّب نفطي كبير.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم