فرنسا تحت الصدمة... اعتداء وحشي بـ"دوافع مجهولة"، وهذا ما نعرف عن منفذ هجوم أنيسي

في اعتداء لا تزال دوافعه مجهولة، طعن لاجئ سوري بسكّين أربعة أطفال، يبلغ أكبرهم ثلاث سنوات وأصغرهم 22 شهراً فقط، وبالغَين، قرب بحيرة في منطقة الألب الفرنسية اليوم.
 
سُمع المهاجم، والذي ذكرت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية أنّ اسمح عبد المسيح ح.، وهو يهتف بالإنكليزية "باسم يسوع المسيح"، بينما كان يرتدي ثياباً سوداء ويحمل سكّيناً طوله نحو 10 سنتيمترات، في مقطع فيديو التقطه أحد المارّة واطّلعت عليه وكالة "فرانس برس".
 
(أ ف ب)
 
سارعت رئيسة الحكومة الفرنسية إليزابيت بورن إلى البلدة التي تقع على مسافة نحو 30 كلم جنوب مدينة جنيف السويسرية، وقالت في المؤتمر الصحافي إنّ المشتبه فيه "لم يكن معروفاً لدى أيّ جهاز استخبارات"، وليس لديه "أيّ سجلّ مشاكل نفسية".
 
 
من جهتها، قالت النائبة العامة لين بونيه-ماتيس في مؤتمر صحافي إنّه "ليس هناك دافع إرهابي واضح".
 
المشتبه فيه طلّق زوجته مؤخراً وهو في أوائل الثلاثينيات من عمره، وعاش سابقاً لمدّة عشر سنوات في السويد حيث حصل على وضع لاجئ في نيسان، وفق ما أفادت مصادر أمنيّة وطليقته وكالة "فرانس برس".
 
 
ما نعرفه عن عبد المسيح ح.
قالت زوجة المعتدي السابقة، والتي طلبت عدم الكشف عن اسمها: "اتّصل بي قبل نحو أربعة أشهر. كان يعيش في كنيسة"، مضيفة أنّه غادر السويد لأنّه لم يتمكّن من الحصول على جنسية البلد.
 
وأكّد شهود أنّ المهاجم بدا بحالة هستيرية، وهاجم الناس بشكل عشوائي على ما يبدو، قبل أن تُطلق الشرطة النار عليه وهو يجري في حديقة عامة على ضفاف بحيرة أنيسي وتوقفه.
 
بدوره، قال لاعب كرة القدم السابق أنتوني لوتاليك الذي كان يركض في الحديقة لصحيفة "دوفين ليبر" المحلّية: "بدا أنّه يريد مهاجمة الجميع. ابتعدتُ وانقضّ هو على رجل مسنّ وامرأة وطعن الرجل المسنً".
 
 
كان المهاجم يرتدي صليباً عندما قُبض عليه. ونقلت صحيفة "لو موند" الفرنسية عن مصدر في الشرطة أنّه في طلب اللجوء الذي قدّمه في فرنسا، عرّف عن نفسه بأنّه "مسيحيّ من سوريا".
 
وأشارت التحقيقات الأولية إلى أنّه "لم يكن تحت تأثير المخدّرات ولا الكحول"، بحسب المدّعية العامة لأنيسي.
 
قدم عبد المسيح طلب لجوء في المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (Ofpra) في 28 تشرين الثاني 2022، في إجراء عادي، وفق ما ذكر مصدر قريب من التحقيق لـ"لو فيغارو"، وكان متزوجاً من امرأة سويدية ولهما طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات.
 
 
أوردت صحيفة "افتونبلاديت" السويدية اليومية أنّ المعتدي "تقدّم بطلب للحصول على الجنسية السويدية في عامي 2017 و2022، وكانت طلبات دائماً غير ناجحة". وبحسب وزارة الخارجية السويدية، فإنّه كان يعيش "حياة منتظمة"، حتى أنّه درس اللغتين الإنكليزية والسويدية من أجل تحقيق الاندماج بالمجتمع. ومع ذلك، فقد حُكم عليه في عام 2022 بتهمة الاحتيال في المساعدة الحكومية.
 
رسمياً، لا يزال عبدالمسيح ح. مسجّلاً كمقيم في الدولة الاسكندنافية مع زوجته البالغة من العمر 26 عاماً.
 
(أ ف ب)
 
في فرنسا ، "لم يُجدِ طلب اللجوء الذي قدّمه"، وفق ما ذكرت "لو فيغارو" عن مصدر مطّلع "تواجده (في فرنسا) نظاميّ من وجهة نظر قانون الاتحاد الأوروبي". فبمجرّد حصوله على صفة لاجئ سوريّ في السويد، بات بإمكانه التنقّل بحرّية داخل منطقة "شنغن".
 
وفق المدّعية العامة في أنيسي لين بونّيه-ماتيس، فإنّ عبد المسيح هو شخص بلا مأوى، ليس له تاريخ في سجلّات الطب النفسي، وغير معروف للشرطة.
 
 
هجوم صادم
جميع الضحايا الأطفال الأربعة، ومن بينهم فتيان بريطاني وألماني، في حالة حرجة في مستشفى محلي.
 
في مؤتمر صحافي، قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي خلال زيارة يجريها إلى باريس: "لقد كلفنا بالفعل مسؤولين من القنصلية البريطانية الانتقال إلى المنطقة ودعم الأسرة".
 
 
في برلين، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إنّ "ألمانيا صُدمت بهذا الهجوم البغيض والخسيس في أنيسي والذي طاول أيضاً طفلاً ألمانياً".
 
ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهجوم بأنّه "اعتداء جبان".
 
 
شهدت فرنسا سلسلة اعتداءات صادمة في السنوات الأخيرة.
 
عام 2012، قتل متطرف فرنسي من أصل جزائري يدعى محمد مراح سبعة أشخاص في عمليات إطلاق نار في مدينة تولوز (جنوب) بينهم ثلاثة أطفال وحاخام في مدرسة يهودية.
 
وفي 2020، أثار قطع لاجئ شيشاني متطرّف رأس مدرّس في وضح النهار قرب مدرسته في إحدى ضواحي باريس صدمة وأطلق نقاشاً وطنيّاً في شأن التطرّف في أوساط سكان الضواحي الفقيرة في البلد.
 
 
هجرة
يرجّح أن يؤدّي اعتداء اليوم إلى مزيد من الجدل المرتبط بالهجرة وسياسة اللجوء، إذ سارع سياسيون يمينيون للتركيز على أن المهاجم لاجئ.
 
في الإطار، قال زعيم حزب الجمهوريين اليميني إريك سيوتي للصحافيين في البرلمان إن "التحقيق سيحدّد ما حدث، لكن يبدو أن المنفّذ لديه الأوصاف نفسها التي ترونها عادة في هذا النوع من الهجمات".
 
وتابع: "علينا التوصل إلى استنتاجات من دون أن نتّسم بالسذاجة، بقوة وتفكير واضح".
 
أمّا زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن فقالت إنّها علمت بالاعتداء وسط حالة من "الفزع والذعر".
 
 
وفي ظلّ سلسلة اعتداءات وتصاعد المخاوف إثر الجريمة، أشار ماكرون مؤخراً إلى أنّ فرنسا تشهد عملية "نزع للحضارة"، وهو عنوان لكتاب للمفكر اليميني المتطرف المعروف رينو كامو. وتُعدّ التصريحات تكراراً لتلك الصادرة عن وزير الداخلية جيرالد دارمانان عام 2020 التي قال فيها إن فرنسا "تتحوّل إلى الوحشية".
 
وكان دارمانان يشارك الخميس في اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ حيث يحاولون التوصل إلى اتفاق في شأن مراجعة معطّلة منذ فترة طويلة للقواعد من أجل مشاركة أكثر مساواة في استضافة طالبي اللجوء والمهاجرين.
 
كما يعمل وزير الداخلية الفرنسي على صياغة قانون جديد للهجرة يأمل أن يتضمن إجراءات أكثر صرامة لترحيل الرعايا الأجانب مع إتاحة مزيد من السبل القانونية للحصول على تأشيرات دخول للعمال غير المهرة.