الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

حركة طالبان في مناطق باكستان القبليّة تعتمد الابتزاز وسيلة تمويل... "من لا يدفعون يواجهون العواقب"

المصدر: أ ف ب
عامل يدفع عربة في سوق مزدحمة في مينجورا بمنطقة سوات في خيبر باختونخوا (25 ت1 2022، أ ف ب).
عامل يدفع عربة في سوق مزدحمة في مينجورا بمنطقة سوات في خيبر باختونخوا (25 ت1 2022، أ ف ب).
A+ A-
كان نائب يتناول الشاي مع ناخبين في تموز في دائرته الانتخابية في المنطقة القبلية شمال غرب باكستان، حين ارتجّ هاتفه لدى تلقيه اتصالا من حركة طالبان لمطالبته بـ"التبرع" بأموال.

جاء في الرسالة النصيّة التي تنطوي على تهديد مبطن وأرسلها وسيط لحساب حركة طالبان باكستان "نأمل ألّا تخيب ظننا".

وتلتها رسالة ثانية سريعا حذرت من أن "رفض تقديم دعم مالي سيجعل منك مشكلة. نعتقد أن رجلا حكيما سيفهم ما نعنيه".

منذ أن سيطرت حركة طالبان على السلطة في كابول في آب 2021، تزايدت محاولات طالبان الباكستانية على الحدود مع أفغانستان لابتزاز المال.

وحركة طالبان باكستان هي جماعة منفصلة عن حركة طالبان الأفغانية لكنها مدفوعة بالعقيدة نفسها وبينهما تاريخ مشترك، وهي اشتدت عزيمتها بعد سيطرة الحركة الأفغانية على البلد المجاور العام الماضي.

أرغم النائب الذي طلب عدم كشف اسمه منذ الصيف على دفع خوّات لطالبان الباكستانية بلغت حتى الآن 1,2 مليون روبي (5200 يورو).

وأوضح لفرانس برس أن "الذين لا يدفعون يواجهون العواقب. أحيانا يلقون قنبلة يدوية على بابهم، وأحيانا يطلقون النار عليهم".

وتابع "الغالبية الكبرى من النخب تدفع الخوّة. بعضهم يدفع أكثر، وبعضهم أقل، لكن لا أحد يفصح عن الأمر، الكلّ يخشى على حياته".

تأسست حركة طالبان الباكستانية عام 2007 وأنشأها جهاديون باكستانيون متحالفون مع تنظيم القاعدة، قاتلوا إلى جانب طالبان في أفغانستان في التسعينات قبل أن يعارضوا دعم إسلام اباد للأميركيين بعد اجتياحهم البلد المجاور عام 2001.

ومعظم عناصر الحركة من إتنية الباشتون، على غرار طالبان الأفغان.

- تزايد الهجمات -
تشكل المناطق القبلية في شمال غرب باكستان على الحدود مع أفغانستان مهد طالبان باكستان التي قتلت في أقل من عقد عشرات آلاف من المدنيين وعناصر قوات الأمن الباكستانيين.

وبلغت ذروة نفوذها بين 2007 و2009 حين كانت تسيطر على وادي سوات على مسافة 140 كلم شمال إسلام اباد، فارضة فيه تفسيرها المتشدد للشريعة.

وبعد تراجع قوتها على وقع قصف المسيّرات الأميركية والانقسامات الداخلية وانضمام عناصر منها إلى تنظيم الدولة الإسلامية، طُردت الحركة من المناطق القبلية خلال عملية واسعة النطاق نفذها الجيش الباكستاني عام 2014.

وبدأت طالبان باكستان تستعيد قوتها في صيف 2020 مع انضمام فصائل منشقة إليها، غير أن نقطة التحول الحقيقية كانت مع عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان.

وأوضح المحلل الأمني الباكستاني امتياز غول أن أفغانستان باتت منذ ذلك الحين "ملاذا مفتوحا" لمقاتلي الحركة بعدما كان التحالف بقيادة الولايات المتحدة يطاردهم فيها.

وقال "لديهم الآن حرية الحركة الكاملة" في البلد المجاور مضيفا "هذا من الأسباب التي أدت إلى تزايد هجمات حركة طالبان باكستان".

وإن كانت هذه الهجمات أقل دموية من الماضي وموجهة بصورة أساسية ضد قوات الأمن، إلا أنها ازدادت بنسبة 50% منذ آب 2021 متسببة بمقتل 433 شخصا، وفق "معهد باكستان للخدمات البرلمانية".

وقال الناشط في سوات احمد شاه "إنهم يعاودون اللعبة ذاتها كما من قبل: اعتداءات محددة الهدف وتفجير قنابل وعمليات خطف واتصالات هاتفية لابتزاز أموال".

وعمليات الابتزاز هي وسيلة تمويل تعتمدها الحركة، كما تسمح لها بتقويض ثقة السكان في المؤسسات المحلية. ويقول النائب ناصر محمد إنها تطال 80 إلى 95% من سكان المنطقة الميسورين.

وتعرض بعض البرلمانيين لهجمات بعدما رفضوا دفع أموال، فيما توقف آخرون عن زيارة دوائرهم الانتخابية خشية التعرض لاعتداءات.

وقال محمد أن حركة طالبان باكستان لديها "نظامها الخاص للثواب والعقاب، أقامت حكومة بديلة، فكيف يمكن للناس مقاومتها؟".

- أيام قاتمة -
وثمة خلافات قديمة بين حركتي طالبان الأفغانية والباكستانية. وأكدت طالبان أفغانستان مرارا أنها لن تسمح لمجموعات إرهابية بأن تنشط على أراضيها. 

غير أن أول مؤشر لمحاولة ابتزاز من طالبان باكستان هو رقم المتصل الذي يبدأ برمز أفغانستان 0093، ثم تليه رسالة نصيّة تبدد أي التباس، أو رسالة صوتية بلغة الباشتون باللكنة الباكستانية.

واطّلعت وكالة فرانس برس على رسالة موجهة إلى أحد الملّاكين، وهي تحذره "ساعة إظهار القسوة تقترب. لا تظنّ أنّ أمرنا انتهى".

وغالبا ما يتم تسديد المبلغ المطلوب عبر وسيط، ويُطالَب ضحايا الابتزاز بالمساهمة عدة مرات في السنة.

تدّعي حركة طالبان الباكستانية التي خسرت قسما كبيرا من الدعم الشعبي التي كانت تحظى به محليا قبل 2014، أن نظام الابتزاز هذا من فعل مجرمين يستخدمون اسمها.

لكن مسؤولا في الاستخبارات المحلية يؤكد أن الحركة "هي التي تقف خلف التهديد".

ويخشى سكان وادي سوات عودة الأيام القاتمة، وأبدوا معارضتهم  للحركة بتنظيمهم عدة تظاهرات في الأسابيع الماضية.

وتجري مفاوضات سلام حاليا بين إسلام آباد وحركة طالبان التي أعلنت هدنة لا يحترمها أي من الطرفين.

وتثبت عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان بعد عقدين من الحرب مع الغربيين، أن الحل لن يكون على الأرجح عسكريا.

وقال محمد علي سيف أحد المفاوضين عن الحكومة "علينا أن نبحث عن حل يكون مقبولا من الطرفين" مؤكدا "لا بد من التوصل إلى اتفاق دائم".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم