إيران: 41 قتيلاً ومئات المعتقلين بعد وفاة مهسا أميني

قُتل 41 شخصاً على الأقلّ واعتقل المئات في إيران خلال ثماني ليالٍ من المظاهرات احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، وفق حصيلة جديدة أعلنتها وسائل إعلام رسمية.
 
وتنفي السلطات أيّ ضلوع في وفاة أميني (22 عاما) وتندّد بالمتظاهرين الذين ينزلون إلى الشارع كلّ مساء منذ 16 أيلول للتعبير عن غضبهم، فتصفهم بأنهم "مثيرو شغب" و"معادون للثورة".
 
وأفاد التلفزيون الرسمي بأنّ عدد القتلى ارتفع إلى 41 قتيلاً، وبثّ لقطات تظهر "مثيري الشغب" في شوارع شمال وغرب طهران إضافة إلى "بعض المحافظات"، قائلاً إنهم أشعلوا النار في ممتلكات عامة وخاصة. غير أنّ العدد قد يكون أكبر من ذلك، إذ أفادت منظمة "ايران هيومن رايتس" غير الحكومية المعارضة، التي تتخذ مقرّاً في أوسلو، بسقوط ما لا يقلّ عن خمسين قتيلاً خلال قمع التظاهرات.
 
بدورها، أفادت منظمة "نت بلوكس" غير الحكومية التي تعنى بمراقبة أمن الشبكات وحرية الإنترنت بأنّ "سكايب" أصبح الآن مقيّداً في إيران، في إطار الحملة على الاتصالات التي استهدفت آخر المنصات مثل "إنستغرام" و"واتسآب" و"لينكدإن".  
 
 
"مجموعات معادية للثورة"
تحدّثت تقارير عن اعتقالات بالجملة، وأعلن الجنرال عزيز الله مالكي قائد شرطة محافظة كيلان "اعتقال 739 من مثيري الشغب بينهم 60 امرأة" في المحافظة وفق وكالة "تسنيم" للأنباء.
 
وتواجه المتظاهرون على مدى ثماني ليالٍ مع قوات الأمن فأحرقوا آليات للشرطة وأطلقوا شعارات معادية للجمهورية الإسلامية في العاصمة طهران، كما في أصفهان وقم (وسط) ومشهد (شمال) وعشرات المدن الأخرى، وفق وسائل إعلام وناشطين. وأوقِف المئات منهم. وفي محافظة غيلان (شمال) وحدها أوقف "739 من مثيري الشغب بينهم ستون امرأة" بحسب ما نقلت وكالة "تسنيم" للأنباء عن قائد الشرطة هناك.
 
واعتقلت قوات الأمن أعداداً من النشطاء والصحافيين، وأفاد شريف منصور من لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة عن توقيف 11 صحافيا منذ الإثنين، بينهم نيلوفر حميدي من صحيفة "شرق" الإصلاحية الذي كتب عن وفاة أميني. 
 
أوقفت شرطة الأخلاق أميني المتحدرة من كردستان (شمال غرب) في 13 أيلول بسبب "لباسها غير المحتشم"، وتوفيت بعد ثلاثة أيام في المستشفى. وأكّد وزير الداخلية أحمد وحيدي السبت أن أميني لم تتعرّض للضرب. ونقل عنه الإعلام الإيراني قوله إنّ "نتائج الشواهد العينية والمحادثات مع الموجودين في مكان الحادث وتقارير الأجهزة المعنية وسائر التحقيقات الأخرى أظهرت أنه لم يكن هناك ضرب واستخدام عنف".
 
وأشار الوزير إلى أنّ الحكومة تحقّق في سبب وفاة أميني، مضيفاً: "علينا انتظار الرأي النهائي للطبيب الشرعي، وهو أمر يستغرق وقتاً". واتّهم المتظاهرين بأنّهم "يتبعون الولايات المتحدة والدول الأوروبية والمجموعات المعادية للثورة".
 
وتوعدت وزارة الداخلية السبت بأنّها "ستواصل التصدّي لأعمال الشغب... مع الالتزام الكامل القواعد القانونية والإسلامية".
 
وردّاً على التظاهرات، عبأت الحكومة الجمعة آلاف الأشخاص الذين تظاهروا عبر إيران دعماً للحجاب وتنديداً بـ"مثيري الشغب". غير أنّ التظاهرات الليلية تجددت بعد بضع ساعات وتخلل بعضها أعمال عنف في طهران وفي مدن أخرى بينها تبريز (شمال غرب)، على ما أظهرت تسجيلات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
 
 
إطلاق نار "متعمّد"
في بعض التسجيلات، يمكن مشاهدة عناصر أمن يطلقون الذخيرة الحية على ما يبدو، باتجاه متظاهرين غير مسلحين في بيرانشهر وماهاباد وأورميا. وفي تسجيل مصور نشرته "إيران هيومن رايتس"، يمكن مشاهدة عنصر من قوات الأمن يطلق النار من رشاش "إي كيه-47" على ما يبدو باتجاه متظاهرين في شهري ري، بالضواحي الجنوبية لطهران.
 
واتهمت منظمة العفو الدولية قوات الأمن بإطلاق النار "بصورة متعمّدة... بالرصاص الحي على متظاهرين" داعية إلى "تحرك دولي عاجل لوضع حد للقمع". كما أبدت مخاوف حيال "قطع الإنترنت المفروض عمداً" في إيران مع حجب "واتساب" و"إنستغرام".
 
من ناحية أخرى، قال مركز "هنكاو" لحقوق الإنسان الكردي، ومقرّه أوسلو، إنّ المتظاهرين "سيطروا" على أجزاء من مدينة أشنويه في شمال غرب إيران. وأظهرت مشاهد مصورة متظاهرين يسيرون رافعين شارة النصر، لكنّ "هنكاو" أبدى مخاوف من حملة قمع جديدة في هذه المدينة الكردية.
 
وأقرّت السلطة القضائية بأن "مثيري الشغب هاجموا ثلاث قواعد للباسيج" في المدينة، لكنها نفت من خلال وكالة الأنباء التابعة لها أن تكون قوات الأمن خسرت السيطرة على أنحاء من المدينة.
 
وتوعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت بـ"التعامل بحزم" مع التظاهرات، وذلك في اتصال هاتفي أجراه مع عائلة عنصر من الباسيج قتل في مشهد، بحسب ما أوردت وكالة "إرنا" الرسمية.
 
من جهته، ندّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بالمحاولات الأميركية "الرامية إلى المساس بالسيادة الإيرانية"، مؤكّداً أنّها "لن تمرّ من دون ردّ".
 
توازياً، حضّ الحزب الإصلاحي الأبرز في إيران السبت، السلطات على إلغاء إلزامية ارتداء الحجاب. وقال حزب "اتحاد شعب إيران الإسلامي" الذي شكله مقربون من الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي (1997-2005) إنه "يطالب" السلطات بـ"إعداد العناصر القانونية التي تمهد لإلغاء قانون الحجاب الإجباري"، وفق ما جاء في بيان أصدره السبت.
 
وأضاف البيان أنّ الحزب الذي ليس في السلطة، يطالب أيضاً بأن تعلن الجمهورية الإسلامية "انتهاء عمل شرطة الإرشاد رسمياً" و"السماح بالتظاهرات السلمية".
 
كما دعا الحزب إلى تشكيل لجنة تحقيق "محايدة" في وفاة أميني و"الإفراج الفوري عن الموقوفين مؤخراً".