لا نص في الدستور الأميركي حول ما يجب فعله إذا رفض رئيس الولايات المتحدة تسليم السلطة

 
لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرفض الإقرار بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 3 تشرين الثاني، مما يتسبب بجدل دستوري وقانوني في الولايات المتحدة بشكل غير مسبوق. 
وحول هذا المأزق الذي تواجهه الولايات المتحدة كتب جوليان بروكيل في صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية قائلاً، إن ترامب يواصل انكار نتائج الانتخابات، ممارساً الضغوط على المسؤولين في ولايتي ميشيغن وجورجيا لقلب إرادة الناخبين، مما يزيد المخاوف من أنه قد لا يتنازل عن السلطة للرئيس المنتخب جو بايدن.   
وأشار إلى أن أولئك الذين يتطلعون إلى مؤسسي الأمة، أو إلى الدستور الذي صاغوه، من أجل الحصول على إجابة في شأن هذه الأزمات، سيعودون خالي الوفاض. لا يوجد شيء في الدستور حول ما يمكن فعله إذا ما رفض رئيس التنازل عن السلطة عندما تنتهي ولايته، وفق ما يقول ثلاثة مؤرخين وأستاذ في القانون الدستوري.   
ويقول المؤرخ في جامعة برنستون شين فيلنتز :"كلا، إن واضعي الدستور لم يتصوروا أن رئيساً سيرفض التنازل، أو ما يمكن فعله في هذه الحال...لا شيء في الدستور حيال هذه المسألة".    
ولاحظ المؤرخ جاك راكوف الأستاذ الفخري في جامعة ستانفورد أن "هذه حال طارئة لم يكن أحد يفكر بها بجدية قبل هذا الخريف".   
وقال المدير المؤسس لمركز التاريخ الرئاسي في جامعة ساوثرن ماثوديست جيفري أ. أنجل :"نحن (المؤرخين) نفتخر بأنفسنا عندما نقول: لا تقلق لقد حدث هذا من قبل، أو عليك أن تقلق، لقد حدث هذا من قبل". وأضاف:" في الوقت الحاضر، كل المؤرخين لا يسعهم إلا القول: نحن في مياه مضطربة، ولا أعلم حتى كيف تنتهي هذه الجملة".   
وأخيراً، طلب أنجل من زملاء أنهوا دراسة الدكتوراه ومن طلاب يتعاملون مع المركز- من بين الذي تتراوح دراساتهم من جورج واشنطن إلى ترامب- أن يتخلوا عن كل ما يفعلونه وبدء البحث عن أي ألغاز تاريخية أو أحداث مشابهة. وأضاف :"كلهم قالوا إنهم لم يعثروا على شيء".   
وينص الدستور على أن ولاية الرئيس تنتهي بعد أربعة أعوام. هذا كل شيء. وحدد الكونغرس الولاية الأولى لواشنطن رسمياً في 4 أذار 1789. وصار 4 أذار تاريخ الأمر الواقع لتسلم الرئاسة حتى التعديل الدستوري الثاني عشر بحيث جعله رسمياً في 1804. وفي عام 1933، جعل التعديل الدستوري العشرين، تاريخ تسلم الرئاسة في 20 كانون الثاني،  وذهب في الدقة أكثر كي ينص على أن ولاية الرئيس تنتهي ظهر ذلك اليوم.    
وقال الكاتب إن هذا الأمر جرى اتباعه طوال التاريخ الأميركي، سواء في السراء أو في الضراء، وفق ما يقول أنجل. وذكّر بواقعة حدثت يوم تسلم الرئاسة عام 1989، عندما انتهت الولاية الثانية لرونالد ريغان وكان نائب الرئيس جورج إتش. دبليو. بوش يستعد لتولي الرئاسة. إذ أنه بحلول اليوم الأخير الذي يتسلم فيه الإيجاز اليومي في الصباح، قال ريغان :" حسناً أعتقد إنني أنجزت مهمتي"، وأخرج الشيفرة النووية من جيبه ليسلمها لكولن باول ، الذي كان مستشاراً للأمن القومي. لكن باول قال :"سيدي الرئيس عليك أن تحتفظ بالشيفرة النووية حتى لا تعود أنت الرئيس"، مشيراً إلى توقيت الظهيرة.   
ولفت أنجل إلى بعض المرشحين الرئاسيين كانت لديهم حججاً أقوى من ترامب كي يسعوا إلى منازعات قانونية، مثل أندرو جاكسون عام 1824، وريتشارد نيكسون عام 1960 وآل غور عام 2000 "لكن أياً منهم لم يلمح إلى أنه لن يحترم السلطة الشرعية مهما انتهت إليه النتائج".       
وذكّر فيلنتز بأن حملة بايدن سبق أن قالت إنه في حال رفض ترامب مغادرة البيت الأبيض في 20 كانون الثاني"فإن حكومة الولايات المتحدة قادرة تماماً على مواكبة متجاوزي (القانون) إلى خارج البيت الأبيض". لكن ذلك ببساطة مجرد "منطق سليم"، وليس عملية موثقة في الدستور أو في أي قانون آخر.   
إذن لماذا لم يتحسب الآباء المؤسسون لمثل هذا السيناريو، أي أن يرفض رئيس ببساطة التسليم بأنه خسر الانتخابات؟ ويجيب أنجل لأنهم لم يكونوا قادرين على استيعاب الفكرة. ويضيف :" لم يستوعبوا أمرين: أن شخصاً صار رئيساً يفتقر إلى الفضيلة التقليدية كي يضع مصلحته فوق وحدة البلاد، والأمر الثاني، أنهم لم يستوعبوا فكرة أن رئيساً سيعرض وحدة البلاد للخطر ويسخر أو يقوض شرعية الديموقراطية الأميركية، لماذا لم يتم عزله أو إزاحته من المنصب".