الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مارين لوبن يمينية متطرّفة خرجت من عباءة والدها لا عن مواقفه

المصدر: "أ ف ب"
المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبن (أ ف ب).
المرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبن (أ ف ب).
A+ A-
للمرة الثانية على التوالي، تصل زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن الى الدورة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، متوّجةً عقداً أمضته في تحسين صورتها لدى الرأي العام من دون أن تُبدّل برنامجها.

السيدة الطموحة التي عُرِفت بطباعها الحادة، هي الابنة الصغرى لجان-ماري لوبن، مؤسِّس "الجبهة الوطنية" وأحد أبرز الوجوه المثيرة للجدل في التاريخ الحديث للسياسة الفرنسية.

ومثل والدها في 2002، بلغت مارين الدورة الثانية الفاصلة لانتخابات 2017 حين خسرت أمام إيمانويل ماكرون الذي ستواجهه مجدّداً الأحد.

على مدى عقود، بقي لوبن الأب الاسم الطاغي في اليمين المتطرّف الفرنسي. إلّا أنّه لم يكن ليحلم بالمدى الذي بلغته الصغرى بين بناته الثلاث.

لكن حضور لوبن لم يكُن حصراً نتاج الوراثة السياسية، بل يعود نجاحها في تحقيق ذلك بشكل أساسي الى عملها بتروٍّ على تفكيك ما أسّسه والدها، خصوصا إزالة كل الرواسب العنصرية والمعادية للسامية التي طبعت خطابه.

مضت لوبن في "نزع الشيطنة" عن الجبهة الوطنية، ووصلت الى حد طرد والدها المؤسس في آب 2015، بعدما باتت على قناعة بأن مواقفه الخلافية والجدلية ستبقى عائقا أمام أي انتصار على المستوى الوطني.

وقالت في هذا الشأن: "اقتديتُ بهذا الرجل... قاتلتُ كثيراً لأجله لكن في لحظة معيّنة، وجب التوقف عن ذلك".

عملت لوبن على تغيير صورة الحزب الذي تترأسه منذ 2011، عبر مسار "تطبيع" كانت إحدى محطاته تغيير الاسم، اذ حلّ "التجمع الوطني" بدلا من "الجبهة الوطنية" في 2018.

لعبة الأسماء لم تَعُد غريبة عن تكتلها السياسي: الإرث الثقيل الذي تركه جان-ماري دفع الحزب إلى أن يخوض الحملة الانتخابية مع التركيز على اسم "مارين" بدلاً من كنيتها التي كانت عبئاً عليها منذ أعوام طويلة.

وقالت في مقابلة مع مجلة "كلوزر" إنّه خلال شبابها "لم يكُن سهلاً على الناس الانخراط في علاقة عاطفية مع مارين لوبن" بسبب الاسم الذي تحمله. وأضافت: "أذكر أنّ أحد الرجال اختار الانفصال عني بسبب ثقل الضغط الذي فرضه عليه محيطه الاجتماعي".

ولوبن (53 عاماً) هي أم لثلاثة أولاد من زواجين أفضيا إلى الطلاق.
 


العلاقة مع روسيا

أبعد من القضايا الشخصية والأسماء، سعت لوبن خلال الأعوام الماضية الى تقديم صورة أكثر ودّية: ردود فعل أقلّ انفعالاً في مواجهة أسئلة الصحافيين، ملابس بألوان فاتحة، وابتسامة حاضرة حتى في خضم المناظرة التلفزيونية مع ماكرون قبل أيام من يوم الحسم.

في الجوهر السياسي، تُركّز على الاقتصاد الذي كان هامشيّاً في قائمة أولويات الجبهة الوطنية، سعياً لجذب ناخبين "خسروا" جراء العولمة.

ركزت لوبن في حملة 2022 في مواجهة ماكرون، المصرفي السابق الذي يصف البعض بأنه "رئيس للأثرياء"، على القدرة الشرائية التي باتت الشغل الشاغل للفرنسيين مع ارتفاع أسعار موارد الطاقة والغذاء عالميا في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.

حضرت العلاقة بين لوبن وروسيا التي زارتها خلال 2017، بشكل أساسي في المناظرة التلفزيونية مع الرئيس.

اتهمها الأخير بالارتهان مادّياً لروسيا بسبب قرض حصلت عليه من مصرف روسي، وبأنها باتت "تعتمد" على الرئيس الروسي بوتين. ردّت لوبن بتأكيد دعمها "أوكرانيا حرّة لا تتبع لا للولايات المتّحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي".

خاض المتنافسان نقاشاً حادّاً بشأن الاتحاد الأوروبي الذي يُعَدّ محوراً أساسيّاً في سياسة ماكرون الخارجية، بينما نفت لوبن الاتهامات بأنها ترغب في إخراج فرنسا من التكتّل.

وقالت: "أريد تطوير هذه المنظمة الأوروبية، لكن يا سيد ماكرون لم أعتقد أنك ستتبنى نظرية مؤامرة"، في حين اعتبر الرئيس المنتهية ولايته أن مواقف لوبن تجعل من انتخابات الأحد "استفتاء مع أو ضد أوروبا".
 


الهجرة والاسلام

في الدورة الأولى، حضر على يمين لوبن المرشح إيريك زيمور صاحب المواقف المتطرفة والمثيرة للجدل.

خرج زمور من السباق بعدما نال نحو سبعة بالمئة من الأصوات، لكنه دعا للتصويت للوبن في الدورة الثانية.

أثار المنافس السابق الجدل خلال حملته. فقد قال على سبيل المثال إنه سيلزم العائلات بإطلاق "أسماء فرنسية" على المواليد الجدد، وقد يؤسس وزارة "لإعادة الهجرة" لطرد الأجانب غير المرغوب بهم. وعلى رغم انتمائها أيضاً لليمين المتطرف، تفادت لوبن الانجرار لمواقف زمور الحادة.

وقالت الباحثة المشاركة في معهد العلوم السياسية في باريس سيسيل آلدوي إنّه بالمقارنة "مع الخطاب الراديكالي وحتى الفظ" الذي اعتمده زمور، "اختارت مارين لوبن العكس، أن تقوم بتطبيع وتلطيف وتليين خطابها".

وشدّدت آلدوي، المتخصصة في دراسة اليمين المتطرف، على أنّ "برنامج (مارين لوبن) لم يحِد على الاطلاق عن أسس الجبهة الوطنية مثل الهجرة والهوية الوطنية، إلّا أنّها اختارت مفردات أخرى لتبريره".

وتوضح أنّ لوبن باتت "تُهاجم الاسلام وتريد الحدّ بشكل جذري من الهجرة غير الأوروبية تحت ذرائع العلمانية والقيم الجمهورية، وحتى النسوية".

وخلصت دراسة لمؤسسة جان جوريس نُشرت حديثاً، إلى أنّ مواقف لوبن بشأن الهجرة باتت أكثر تشدّداً.

وتريد المرشحة اليمينية المتطرفة أن تدرج في الدستور "الأولوية الوطنية" التي ستحرم الأجانب من امتيازات عدة.

وتريد أيضاً، حالها كحال زمور، طرد المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين ومرتكبي الجنح الأجانب، إضافة الى الذين يشتبه بتطرّفهم والأجانب العاطلين عن العمل لأكثر من عام.
مارين لوبن يمينية متطرّفة خرجت من عباءة والدها لا عن مواقفه

للمرة الثانية على التوالي، تصل زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن الى الدورة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، متوّجةً عقداً أمضته في تحسين صورتها لدى الرأي العام من دون أن تُبدّل برنامجها.

السيدة الطموحة التي عُرِفت بطباعها الحادة، هي الابنة الصغرى لجان-ماري لوبن، مؤسِّس "الجبهة الوطنية" وأحد أبرز الوجوه المثيرة للجدل في التاريخ الحديث للسياسة الفرنسية.

ومثل والدها في 2002، بلغت مارين الدورة الثانية الفاصلة لانتخابات 2017 حين خسرت أمام إيمانويل ماكرون الذي ستواجهه مجدّداً الأحد.

على مدى عقود، بقي لوبن الأب الاسم الطاغي في اليمين المتطرّف الفرنسي. إلّا أنّه لم يكن ليحلم بالمدى الذي بلغته الصغرى بين بناته الثلاث.

لكن حضور لوبن لم يكُن حصراً نتاج الوراثة السياسية، بل يعود نجاحها في تحقيق ذلك بشكل أساسي الى عملها بتروٍّ على تفكيك ما أسّسه والدها، خصوصا إزالة كل الرواسب العنصرية والمعادية للسامية التي طبعت خطابه.

مضت لوبن في "نزع الشيطنة" عن الجبهة الوطنية، ووصلت الى حد طرد والدها المؤسس في آب 2015، بعدما باتت على قناعة بأن مواقفه الخلافية والجدلية ستبقى عائقا أمام أي انتصار على المستوى الوطني.

وقالت في هذا الشأن: "اقتديتُ بهذا الرجل... قاتلتُ كثيراً لأجله لكن في لحظة معيّنة، وجب التوقف عن ذلك".

عملت لوبن على تغيير صورة الحزب الذي تترأسه منذ 2011، عبر مسار "تطبيع" كانت إحدى محطاته تغيير الاسم، اذ حلّ "التجمع الوطني" بدلا من "الجبهة الوطنية" في 2018.

لعبة الأسماء لم تَعُد غريبة عن تكتلها السياسي: الإرث الثقيل الذي تركه جان-ماري دفع الحزب إلى أن يخوض الحملة الانتخابية مع التركيز على اسم "مارين" بدلاً من كنيتها التي كانت عبئاً عليها منذ أعوام طويلة.

وقالت في مقابلة مع مجلة "كلوزر" إنّه خلال شبابها "لم يكُن سهلاً على الناس الانخراط في علاقة عاطفية مع مارين لوبن" بسبب الاسم الذي تحمله. وأضافت: "أذكر أنّ أحد الرجال اختار الانفصال عني بسبب ثقل الضغط الذي فرضه عليه محيطه الاجتماعي".

ولوبن (53 عاماً) هي أم لثلاثة أولاد من زواجين أفضيا إلى الطلاق.
 


العلاقة مع روسيا

أبعد من القضايا الشخصية والأسماء، سعت لوبن خلال الأعوام الماضية الى تقديم صورة أكثر ودّية: ردود فعل أقلّ انفعالاً في مواجهة أسئلة الصحافيين، ملابس بألوان فاتحة، وابتسامة حاضرة حتى في خضم المناظرة التلفزيونية مع ماكرون قبل أيام من يوم الحسم.

في الجوهر السياسي، تُركّز على الاقتصاد الذي كان هامشيّاً في قائمة أولويات الجبهة الوطنية، سعياً لجذب ناخبين "خسروا" جراء العولمة.

ركزت لوبن في حملة 2022 في مواجهة ماكرون، المصرفي السابق الذي يصف البعض بأنه "رئيس للأثرياء"، على القدرة الشرائية التي باتت الشغل الشاغل للفرنسيين مع ارتفاع أسعار موارد الطاقة والغذاء عالميا في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.

حضرت العلاقة بين لوبن وروسيا التي زارتها خلال 2017، بشكل أساسي في المناظرة التلفزيونية مع الرئيس.

اتهمها الأخير بالارتهان مادّياً لروسيا بسبب قرض حصلت عليه من مصرف روسي، وبأنها باتت "تعتمد" على الرئيس الروسي بوتين. ردّت لوبن بتأكيد دعمها "أوكرانيا حرّة لا تتبع لا للولايات المتّحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي".

خاض المتنافسان نقاشاً حادّاً بشأن الاتحاد الأوروبي الذي يُعَدّ محوراً أساسيّاً في سياسة ماكرون الخارجية، بينما نفت لوبن الاتهامات بأنها ترغب في إخراج فرنسا من التكتّل.

وقالت: "أريد تطوير هذه المنظمة الأوروبية، لكن يا سيد ماكرون لم أعتقد أنك ستتبنى نظرية مؤامرة"، في حين اعتبر الرئيس المنتهية ولايته أن مواقف لوبن تجعل من انتخابات الأحد "استفتاء مع أو ضد أوروبا".

الهجرة والاسلام

في الدورة الأولى، حضر على يمين لوبن المرشح إيريك زيمور صاحب المواقف المتطرفة والمثيرة للجدل.

خرج زمور من السباق بعدما نال نحو سبعة بالمئة من الأصوات، لكنه دعا للتصويت للوبن في الدورة الثانية.

أثار المنافس السابق الجدل خلال حملته. فقد قال على سبيل المثال إنه سيلزم العائلات بإطلاق "أسماء فرنسية" على المواليد الجدد، وقد يؤسس وزارة "لإعادة الهجرة" لطرد الأجانب غير المرغوب بهم. وعلى رغم انتمائها أيضاً لليمين المتطرف، تفادت لوبن الانجرار لمواقف زمور الحادة.

وقالت الباحثة المشاركة في معهد العلوم السياسية في باريس سيسيل آلدوي إنّه بالمقارنة "مع الخطاب الراديكالي وحتى الفظ" الذي اعتمده زمور، "اختارت مارين لوبن العكس، أن تقوم بتطبيع وتلطيف وتليين خطابها".

وشدّدت آلدوي، المتخصصة في دراسة اليمين المتطرف، على أنّ "برنامج (مارين لوبن) لم يحِد على الاطلاق عن أسس الجبهة الوطنية مثل الهجرة والهوية الوطنية، إلّا أنّها اختارت مفردات أخرى لتبريره".

وتوضح أنّ لوبن باتت "تُهاجم الاسلام وتريد الحدّ بشكل جذري من الهجرة غير الأوروبية تحت ذرائع العلمانية والقيم الجمهورية، وحتى النسوية".

وخلصت دراسة لمؤسسة جان جوريس نُشرت حديثاً، إلى أنّ مواقف لوبن بشأن الهجرة باتت أكثر تشدّداً.

وتريد المرشحة اليمينية المتطرفة أن تدرج في الدستور "الأولوية الوطنية" التي ستحرم الأجانب من امتيازات عدة.

وتريد أيضاً، حالها كحال زمور، طرد المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين ومرتكبي الجنح الأجانب، إضافة الى الذين يشتبه بتطرّفهم والأجانب العاطلين عن العمل لأكثر من عام.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم