الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مسؤول سابق بـ"سي آي أي": تصريحات بايدن مُضلِّلَة

المصدر: "النهار"
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ ف ب).
الرئيس الأميركي جو بايدن (أ ف ب).
A+ A-

منذ تمظهر الانسحاب الكارثي للولايات المتحدة من أفغانستان، خصوصاً على خلفية إصرار بايدن على قراره وعدم تحمل مسؤولية سوء الأداء في تنفيذ الخطة على الأقل، تصاعدت الانتقادات التي تطال إدارته، من المحافظين والليبيراليين على حد سواء. لكن بعيداً من المقاربات السياسية، ثمة تحليلات أمنية قد تكشف الكثير عن خلفيات القرار وكيفية تطبيقه.

 

آخر هذه التحليلات والمعلومات، ما نشره الرئيس السابق (حتى 2019) لمكافحة الإرهاب في جنوب وجنوب غرب آسيا في وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) دوغلاس لندن في موقع "دْجَست سيكيوريتي" (الأمن وحسب) الأميركي.  

على الرغم من الانتقادات التي وجهها سابقاً لعمل "سي آي أي"، لا يرى لندن في الحدث الأفغاني المأسوي إخفاقاً أمنياً. إنه إخفاق أسوأ بكثير كما كتب.

يشير لندن إلى أنّه من المناسب للسياسيين تحميل المسؤولية عن القرارات التي يتخذونها لاعتبارات سياسية وإيديولوجية لكبش فداء، بدلاً من تقديم دفاع مقنع عنها.

كان لندن مسؤولاً عن التقييمات المرتبطة بأفغانستان وقد أعدها للرئيس السابق دونالد ترامب. وقدم هذه التقييمات أيضاً إلى جو بايدن بصفته متطوعاً في حملته الانتخابية ضمن المجموعة العاملة على شؤون الإرهاب.

 

لقد اتخذ كلا الرئيسين قرار الانسحاب على الرغم من التحذيرات الاستخبارية. لقد سمح الرئيسان لنفسيهما بأن يصبحا أسيرين لشعار "إنهاء الحروب التي لا تنتهي" والذي قاما بتبنيه. قدم المجتمع الاستخباري الأمني تصورات عن مستقبل أفغانستان وفقاً لسيناريوهات وشروط مختلفة وبالاعتماد على بدائل سياسية متنوعة يمكن الرئيس الاختيار بينها.

 

إذاً، هل كان اجتياح "طالبان" سيتم بعد 30 يوماً على الانسحاب؟ أم 60 يوماً؟ أم 18 شهراً؟ يجيب لندن على هذه التساؤلات بالقول إن جميع الاحتمالات المذكورة صحيحة، بحسب التوقع المرتبط بإذا الشرطية. لكن في نهاية المطاف، تم توقع أن القوات الأفغانية قد تستسلم "خلال أيام" وفقاً للشروط التي شهدها المجتمع الاستخباري، وهي توقعات تم تسليط الضوء عليها في رسالة إلى مسؤولي ترامب ومسؤولي بايدن المستقبليين على حد سواء.

تابع لندن: في ملاحظاته المدونة يوم الاثنين الماضي، أعلن بايدن "أنني وعدت دوماً الشعب الأميركي بأنني سأكون صريحاً معكم. الحقيقة هي: حدث ذلك أسرع مما استشرفناه". يعلّق المسؤول الاستخباري السابق نفسه كاتباً: "هذه مضلل في أفضل الأحوال. لقد استشرفته سي آي أي كسيناريو محتمل".

 

أشار لندن إلى أن ترامب أراد الخروج من أفغانستان بحلول أوائل 2018، وذلك على الرغم من النتائج المقلقة التي حذر منها المجتمع الاستخباري. مع ذلك، هو لم يرد أن يترأس المشاهد الكابوسية التي تتجلى حالياً. كان وزير الخارجية السابق مايك بومبيو المهندس الرئيسي للتواصل الأميركي مع "طالبان" والذي انتهى بالاتفاق الكارثي الذي تم التوقيع عليه معها سنة 2020 والذي كان يهدف إلى إكساب ترامب الانتخابات الرئاسية.

 

دافع بومبيو عن الخطة بالرغم من تحذير المجتمع الأمني من أن قطع "طالبان" علاقتها بـ"القاعدة" وسعيها إلى حل سلمي للنزاع كانا غير مرجحين إلى حد بعيد. كذلك، ساد انطباع لدى الأوساط الاستخبارية بأن زلماي خليل زاده، موفد ترامب الأفغاني، كان يطمح كي يصبح وزير الخارجية المقبل لو فاز الرئيس السابق بولاية ثانية. لهذا السبب، كان سيقول أو يفعل ما سيقال له أن يفعله من أجل إرضاء الرئيس المزاجي، مثل تقديم تسويات مستمرة حول أي نفوذ تمتعت به واشنطن حيال "طالبان".

مع ذلك، بحسب لندن، كان واضحاً ايضاً أن بايدن التزم مغادرة أفغانستان، حتى أن فريقه كان واثقاً من قدرته على إدارة تداعياته الأمنية علماً أن هذا ما لم تدعمه الاستخبارات. لقد رأى بايدن في دعم اتفاق ترامب انتصاراً مضموناً. فالانسحاب تمتع بتأييد غالبية الأميركيين، كما أن الإدارة الديموقراطية، أقله من منظور لندن، كانت قادرة على اتهام ترامب والجمهوريين وخليل زاد بالتداعيات السلبية.

 

بالنسبة إلى المرشح الديموقراطي الذي ناصر الانسحاب، كانت النتيجة، كما كانت مع ترامب، محسومة بصرف النظر عن نصائح المستشارين في محاربة الإرهاب.

لقد كان صنّاع القرار مطلعين على استخدام "طالبان" الفعال لهيكلية "حكومة الظل" الموازية التي حافظت عليها منذ فقدانها للسلطة وقد أمّنت خطوط تواصل يُعتمد عليها مع الشيوخ المحليين في الولايات والسلطات الحكومية.

كانت "طالبان" في موقع جيد للتفاوض عوضاً عن القتال على طريق سيطرتها المتتالية على الأراضي الأفغانية. علاوة على ذلك، كانت "طالبان" مستعدة للحكم سريعاً ولتوفير الخدمات في المناطق التي احتلتها.

يؤكد لندن ختاماً أنه لم يكن هنالك إخفاق استخباري في تحذير ترامب أو بايدن من نتائج الانسحاب. والعمل في الظلال كما "دعم البيت الأبيض" سيمنع المجتمع الأمني من الدفاع عن نفسه. لكن الفشل لم يكن بسبب نقص التحذير، بل بسبب الغطرسة وحسابات المخاطر لدى صناع القرار الذين اعتمدوا في الغالب على مصالحهم السياسية والشخصية أو على سياسات محسومة سلفاً عوضاً عن التقييمات الاستخبارية والمصالح الكاملة للولايات المتحدة.

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم