اشترِك في نشرتنا الإخبارية
"يوم الأرض": من نشاط جامعي إلى حدث عالمي لمواجهة التغيّر المناخي (صور)
22-04-2022 | 12:21
المصدر: "النهار"
يصادف اليوم 22 نيسان من كل عام الذكرى السنوية لميلاد الحركة البيئية الحديثة في عام 1970، وهو "يوم الأرض".
في العقود التي سبقت يوم الأرض الأول، كان الأميركيون يستهلكون كميات هائلة من الغاز الذي يحتوي على الرصاص من خلال سيارات ضخمة وغير فعّالة. قامت الصناعة بإخراج الدخان والحمأة دون خوف من العواقب سواء من القانون أو الصحافة السيئة. تم قبول تلوث الهواء على أنه "رائحة الرخاء". حتى هذه النقطة، ظلت الولايات المتحدة غافلة إلى حد كبير عن المخاوف البيئية وكيف تهدد البيئة الملوثة صحة الإنسان.
إلّا أن المسرح كان مهيّئاً للتغيير مع نشر كتاب راشيل كارسون الأكثر مبيعاً، وفق صحيفة "النيويورك تايمس"، "الربيع الصامت" في عام 1962. يمثّل الكتاب لحظة فاصلة، وبيع أكثر من 500,000 نسخة في 24 دولة حيث زاد الوعي العام والاهتمام بالكائنات الحية، البيئة والروابط التي لا تنفصم بين التلوث والصحة العامة.
فكرة يوم الأرض الأول
كان السناتور جايلورد نيلسون، عضو مجلس الشيوخ من ولاية ويسكونسن، قلقاً منذ فترة طويلة بشأن تدهور البيئة في الولايات المتحدة. ثم في كانون الثاني 1969، شهد برفقة العديد الدمار الناجم عن التسرب النفطي الهائل في سانتا باربرا، كاليفورنيا.
مستوحياً من الحركة الطلابية المناهضة للحرب، أراد السناتور نيلسون أن يبث طاقة الاحتجاجات الطلابية المناهضة للحرب بوعي عام ناشئ حول تلوّث الهواء والماء. وأعلن نيلسون عن فكرة التدريس في حرم الجامعات، وأقنع بيت مكلوسكي، عضو الكونغرس الجمهوري المهتم بالحفاظ على البيئة، للعمل كرئيس مشارك له. وجنّدا دينيس هايز، وهو ناشط شاب، لتنظيم التدريس في الحرم الجامعي، وتم اختيار 22 نيسان، وهو يوم من أيام الأسبوع يقع بين عطلة الربيع والامتحانات النهائية، لتحقيق أقصى قدر من مشاركة الطلاب.
وسرعان ما توسّع الجهد ليشمل مجموعة واسعة من المنظمات والجماعات الدينية وغيرها. وتم تغيير الاسم إلى "يوم الأرض"، والذي أثار على الفور اهتمام وسائل الإعلام الوطنية، وانتشر في جميع أنحاء البلاد.
ألهم "يوم الأرض" 20 مليون أميركي - 10 بالمئة من إجمالي سكان الولايات المتحدة في ذلك الوقت - للنزول إلى الشوارع والمتنزهات والقاعات للتظاهر ضد تأثيرات 150 عاماً من التنمية الصناعية التي خلّفت إرثاً خطيراً من التأثيرات على صحة الإنسان. ونظّمت آلاف الكليات والجامعات احتجاجات ضد تدهور البيئة، وكانت هناك مسيرات ضخمة من الساحل إلى المدن والبلدات والمجتمعات.
الجماعات التي كانت تقاتل بشكل فردي ضد الانسكابات النفطية، المصانع الملوثة ومحطات الطاقة، مياه الصرف الصحي الخام، المخلفات السامة، المبيدات، وانقراض الحياة البرية، توحّدت في "يوم الأرض" حول هذه القيم المشتركة.
اقرأ أيضاً: "أمازون" تستثمر في الطاقة المتجددة
حقّق "يوم الأرض 1970" تحالفاً سياسياً نادراً، إذ حشد الدعم من الجمهوريين والديموقراطيين، والأغنياء والفقراء، وسكان الحضر والمزارعين، وقادة الأعمال والعمال.
وبحلول نهاية عام 1970، أدّى "يوم الأرض" الأول إلى إنشاء وكالة حماية البيئة الأميركية وإقرار قوانين بيئية أخرى، بما في ذلك قانون التثقيف البيئي الوطني، وقانون السلامة والصحة المهنية، وقانون النظافة وقانون الهواء. بعد ذلك بفترة، أقرّ الكونغرس قانون المياه النظيفة، وأصدر قانوناً حول الأنواع المهددة بالانقراض. ووفّرت هذه القوانين الحماية لملايين الرجال والنساء والأطفال من الأمراض والموت وحمت مئات الأنواع من الانقراض.
1990: "يوم الأرض" أصبح عالمياً
مع اقتراب عام 1990، اتصلت مجموعة من قادة البيئة بدينيس هايز لتنظيم حملة كبرى أخرى من أجل الكوكب. هذه المرة، أصبح "يوم الأرض" عالمياً، إذ حشد 200 مليون شخص في 141 دولة ورفع القضايا البيئية إلى المسرح العالمي.
أعطى "يوم الأرض 1990" دفعة كبيرة لجهود إعادة التدوير في جميع أنحاء العالم وساعد في تمهيد الطريق لقمة الأرض للأمم المتحدة عام 1992 في ريو دي جانيرو. كما دفع الرئيس الأميركي بيل كلينتون إلى منح السناتور نيلسون وسام الحرية الرئاسي - وهو أعلى تكريم يُمنح للمدنيين في الولايات المتحدة - لدوره كمؤسس ليوم الأرض.
"يوم الأرض" اليوم
اليوم ، يُعرَف "يوم الأرض" على نطاق واسع بأنه أكبر احتفال علماني في العالم، ويتميّز بمشاركة أكثر من مليار شخص كل عام باعتباره يوماً للعمل من أجل تغيير السلوك البشري وإحداث تغييرات في السياسات العالمية والوطنية والمحلية.
الآن، يستمر الكفاح من أجل بيئة نظيفة بإلحاح متزايد في العالم، حيث تصبح ويلات تغيّر المناخ أكثر وضوحاً كل يوم.
