إيران: زيارة مدير الوكالة الذريّة حقّقت "انجازاً مهماً"

رأت إيران، الإثنين، أن الزيارة التي قام بها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية لطهران، أفضت إلى تحقيق "إنجاز مهم"، وذلك عشية دخول قانون برلماني يحد من عمليات التفتيش حيّز التنفيذ.

وستكون الخطوة الإيرانية الأحدث ضمن سلسلة إجراءات قامت بها طهران اعتبارا من العام 2019، تراجعت من خلالها عن العديد من التزاماتها بموجب الاتفاق حول برنامجها النووي، بعد انسحاب واشنطن أحاديا منه عام 2018.

ويستند الإجراء الجديد الى قانون لمجلس الشورى (البرلمان) حدد فيه مهلة زمنية لتقليص عمل مفتشي الوكالة التابعة للأمم المتحدة، في حال لم يتم رفع العقوبات الاقتصادية التي أعادت واشنطن فرضها، بحلول 21 شباط.

وقبيل نهاية المهلة، وصل المدير العام للوكالة الدولية رافايل غروسي الى طهران السبت والتقى رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، قبل أن يعود الى فيينا مساء الأحد معلنا التوصل الى اتفاق تقني يتيح مواصلة بعض عمليات التفتيش لفترة تصل الى ثلاثة أشهر.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن اجتماعات غروسي أدت الى تحقيق "انجاز ديبلوماسي مهم جدا وانجاز تقني مهم جدا" للمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

وأضاف في مؤتمر صحافي الإثنين: "لم يتم فقط تعليق العمل بالتطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي (الملحق بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية)، لكن كل ما تم الاتفاق عليه الآن هو في إطار قانون" مجلس الشورى الإيراني.

وأعلن غروسي بعيد وصوله الى فيينا الأحد التوصل الى "حل موقت" يسمح للوكالة بمواصلة عمليات تفتيش في إيران على رغم تقليص عمل المفتشين الدوليين اعتبارا من الثلثاء.

وتطرق الى القانون البرلماني بالقول: "هذا القانون موجود، وهذا القانون سينفذّ، ما يعني أن البروتوكول الاضافي للأسف سوف يُعَلّق"، متابعا "سوف يتم تقييد عملنا، لنواجه هذا الأمر. لكنّنا تمكنا من الإبقاء على الدرجة اللازمة من أعمال المراقبة والتحقق".

ووصف الترتيبات الجديدة بأنها "تفاهم تقني موقت".

وانسحبت إدارة ترامب أحاديا من الاتفاق النووي عام 2018، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.

وبعد عام من ذلك، بدأت إيران بالتراجع تدريجيا عن العديد من الالتزامات الأساسية في الاتفاق المبرم في فيينا العام 2015 بينها وبين كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.

وأبدت إدارة بايدن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.

وبموجب القانون الذي أقره مجلس الشورى في كانون الأول، يتعين على الحكومة تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي ما لم ترفع العقوبات بحلول 21 شباط. 

وسيقيد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة التي تبلغت من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في 23 من الشهر الجاري.

- المجال لـ"مناقشات سياسية" -
وكانت إيران اعتبرت الأحد، قبل عودة غروسي الى فيينا، أن المباحثات معه كانت "مثمرة".

وقال مدير الوكالة، لدى عودته أمس الى العاصمة النمسوية، إن "ما اتفقنا عليه هو شيء قابل للحياة (...) من المجدي جسر هذه الفجوة التي نواجهها الآن، هذا ينقذ الوضع الآن".

ولم يعط غروسي تفاصيل دقيقة عن الأنشطة التي لن يكون بإمكان الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بها. لكنه أكد عدم خفض عدد المفتشين في إيران واستمرار عمليات التفتيش المفاجئة في ظل التفاهم المؤقت.

من جهتها، أكدت إيران أن من ضمن الاجراءات التي ستتخذها، وقف حصول الوكالة الذرية الدولية على تسجيلات كاميرات موضوعة في بعض المواقع.

وأفاد خطيب زاده، الإثنين، أن كاميرات موضوعة في بعض المواقع ستبقى تعمل "لكن لن يتم اعطاء أي تسجيل الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، موضحا أن شرح التفاصيل التقنية للاتفاق الموقت ستقوم به قريبا المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.

وكانت الأخيرة أشارت في بيان منفصل منفصل ليل الأحد، الى أن تسجيلات هذه الكاميرات ستبقى في حوزة طهران خلال الأشهر الثلاثة للاتفاق الموقت، على أن تعطى للوكالة في نهاية هذه الفترة بحال تم رفع العقوبات الأميركية، أو يتم اتلافها في حال لم يتم ذلك.

وألمح غروسي، الأحد، الى أن الاتفاق المؤقت يمهّد الطريق لإجراء مباحثات سياسية قد تفضي الى حل التجاذب القائم بين طهران وواشنطن، بشأن من يجدر به القيام بالخطوة الأولى تمهيدا لاحياء الاتفاق النووي.

وهدف اتفاق فيينا المبرم بعد أعوام من المفاوضات، الى تخفيف العقوبات الاقتصادية على طهران، في مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها وعدم تطويرها لسلاح نووي.

ووصف غروسي الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه بأنه "نتيجة جيدة (...) ومنطقية" بعد "مشاورات مكثفة جدا" مع المسؤولين الايرانيين، ويفسح في المجال أمام "إجراء مناقشات سياسية على مستويات أخرى، والأهم من كل ذلك تجنب وضع قد نكون فيه، بتعبير عملي، نسير على غير هدى" على مستوى التفتيش.

وفي سلطنة عمان، دعا قائد القيادة المركزية الأميركية ("سنتكوم") الجنرال كينيث ماكينزي إيران لعدم القيام بأي "استفزاز" راهنا، بينما تتكثف محاولات إحياء الاتفاق النووي.

وقال لوكالة فرانس برس في مسقط: "أظن أن هذا وقت مناسب للجميع للتصرف بحيطة وحذر، وترقب ما سيحدث".