"مباحثات مثمرة" بين طهران ووكالة الطاقة الذريّة: النتيجة تُنشر مساء

أعلنت إيران أنها أجرت مباحثات "مثمرة"، الأحد، مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يزورها قبل يومين من بدء تطبيق قانون يقلّص عمل المفتشين الدوليين بحال عدم رفع العقوبات الأميركية.

وستكون الخطوة الإيرانية التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الثلثاء، الأحدث ضمن سلسلة إجراءات قامت بها طهران اعتبارا من العام 2019، بالتراجع عن العديد من التزاماتها بموجب الاتفاق حول برنامجها النووي بعد انسحاب واشنطن منه عام 2018.

ووصل رافايل غروسي، مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة، الى طهران ليل السبت، والتقى الأحد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ويلتقي وزير الخارجية محمد جواد ظريف.

وقال كاظم غريب أبادي، سفير طهران لدى الوكالة التي تتخذ من فيينا مقرا لها: "إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية أجرتا مباحثات مثمرة مبنية على الاحترام المتبادل، وسيتم نشر نتيجتها هذا المساء"، وذلك في تعليق على تويتر بعد حضوره الاجتماع.

ولم يذكر تفاصيل إضافية، علما بأن غروسي سيعقد مؤتمرا صحافيا لدى عودته الى فيينا مساء الأحد.

وسبق أن أكدت إيران أن تنفيذ قرار مجلس الشورى لن يؤدي الى وقف عمل المفتشين بالكامل أو طردهم، وهو موقف أعاد ظريف تأكيده الأحد، محذرا في الوقت نفسه من أن طهران ستواصل خفض التزاماتها ما لم يعد الأطراف الآخرون الى التزاماتهم، خصوصا رفع العقوبات.

وقال في حوار مع قناة "برس تي في" الإيرانية الناطقة بالانكليزية، إن طهران ستتحدث الى غروسي عن "احترام قواعد وقوانين بلادنا التي تعني تنفيذ قرار البرلمان (...) وفي الوقت نفسه، عدم الوصول الى طريق مسدود لكي يتمكن من تنفيذ الالتزامات لاظهار أن برنامج إيران النووي يبقى سلميا".

وكان المدير العام أكد سابقا أن زيارته هدفها ايجاد "حل مقبول من الطرفين (...) لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران".

- "عندما يعودون إلى التزاماتهم، سنعود" -
وانسحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أحاديا من الاتفاق النووي العام 2018، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.

وبعد عام من ذلك، بدأت إيران بالتراجع تدريجيا عن العديد من الالتزامات الأساسية في الاتفاق المبرم في فيينا العام 2015 بينها وبين كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.

وأبدت إدارة بايدن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.

وبموجب قانون أقره مجلس الشورى الإيراني في كانون الأول/ديسمبر، يتعين على الحكومة الإيرانية تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع واشنطن للعقوبات بحلول 21 شباط/فبراير. 

وسيقيد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة التي تبلغت من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في 23 منه.

وأشار ظريف الى أن من بين الاجراءات الجديدة "عدم تزويد (الوكالة) بتسجيلات الكاميرات" في المنشآت، موضحا أن التفاصيل التقنية ستبحث بين الوكالتين الدولية والإيرانية.

وشدد الوزير على أن الإجراءات المتخذة من قبل بلاده لا تشكل خرقا للاتفاق المعروف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

وأوضح "أننا لا نخرق خطة العمل الشاملة المشتركة، نحن نطبق خطوات تعويضية ملحوظة في خطة العمل نفسها"، مكررا أن إيران "قالت دائما (...) عندما يعودون الى التزاماتهم، سنعود".

وكان النائب الأول لظريف، عباس عراقجي، أشار السبت الى أن الخطوة الجديدة ستقلص قدرة الوكالة على التفتيش "بنحو 20 الى 30 بالمئة".

- لا تغيير مع بايدن -
وسبق أن أكد ظريف أن الاتفاق يسمح لإيران بالتراجع عن التزاماتها، في حال أخلّ الآخرون بالتزاماتهم.

ورأى في تصريحاته الأحد أن "شيئا لم يتغير" منذ تولي بايدن منصبه في كانون الثاني، وأن إدارته تواصل النهج الذي اعتمده ترامب.

وأكد ظريف أن لإيران الحق في التراجع عن التزاماتها بشكل "كامل أو جزئي" في حال لم يلتزم الآخرون، مضيفا "لا زلنا في المرحلة الجزئية. يمكننا أن نكون (في المرحلة) الكاملة".

وأبرم الاتفاق النووي بعد أعوام من المفاوضات وهدف بشكل أساسي الى رفع الكثير من العقوبات المفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان عدم سعيها لتطوير سلاح نووي.

وأبدت إدارة بايدن الخميس استعدادها للمشاركة في مباحثات برعاية الاتحاد الأوروبي ومشاركة كل أطراف الاتفاق، للبحث في السبل الممكنة لإحيائه.

وقال عراقجي إن طهران تدرس الاقتراح.

وأوضح السبت "أننا نحن ندرس هذا الاقتراح ونتشاور مع أصدقائنا وحلفائنا مثل الصين وروسيا"، معتبرا أن رفع العقوبات مسألة لا تحتاج لتفاوض.

وسبق أن حذرت الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتفاق، إيران من تبعات خطوتها المقبلة. 

ودعت هذه الدول بعد اجتماع لوزراء خارجيتها الخميس، إيران الى تقييم "عواقب إجراء خطير كهذا، خصوصاً في هذه اللحظة التي تسنح فيها الفرصة، العودة إلى الدبلوماسية".

وأبلغ بايدن مؤتمر ميونيخ للأمن أن بلاده ستتعاون مع حلفائها في سبل التعامل الدبلوماسي مع إيران، بعدما اعتمد سلفه ترامب سياسة "ضغوط قصوى".

وقال: "تهديد الانتشار النووي لا يزال يتطلّب دبلوماسيّةً وتعاوناً دقيقَين (...) لهذا السبب قُلنا إنّنا مستعدّون لإعادة الانخراط في مفاوضات مع مجموعة 5+1 بشأن برنامج إيران النووي".

وعكست الصحف الإيرانية الأحد آراء متباينة بشأن قانون مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون.

واعتبرت صحيفة "كيهان" المحافظة أن الخطوة الجديدة "استراتيجية"، وتوفّر "ضمانة" من خلال افهام الطرف الآخر أن "فسخ العقد (الاتفاق) أمر مكلف".

ورأت "شرق" الاصلاحية أن واشنطن "لم تظهر أي نية للعودة الى الاتفاق، على رغم معرفتها بقرار البرلمان"، مرجحة أن تكون الأيام المقبلة "مفصلية بالنسبة الى إيران ومجموعة 4+1، وأيضا للولايات المتحدة".