السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

كيم وجّه رسائل في 2020... هل يلتقطها بايدن؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون - "أ ب" نقلاً عن وكالة الأنباء الكوريّة الشماليّة
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون - "أ ب" نقلاً عن وكالة الأنباء الكوريّة الشماليّة
A+ A-
في 2020، برّد "كورونا" ملفّات ساخنة عدّة. الملفّ الكوريّ الشماليّ أحدها. التطوّرات السياسيّة ساهمت بدورها في التبريد. بعد ثلاث قمم جمعت الزعيم الكوريّ الشماليّ كيم جونغ أون والرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، لم يتوصّل الطرفان إلى أيّ نتيجة جوهريّة على صعيد تفكيك الترسانة النوويّة.
 
لكنّ التوتّر الإقليميّ انخفض إلى حدّ كبير مع توقّف كيم عن إجراء تجارب صاروخية البالستيّة. يمكن إرجاع ذلك إلى أنّ كيم أنجز هدفه في تجربة ناجحة لصاروخ "هواسونغ-15" سنة 2017 والذي يطال البرّ الأميركيّ بأكلمه تقريباً. مع ذلك، استمرّ في إطلاق القذائف والصواريخ التقليديّة نحو بحر اليابان، خصوصاً في آذار. لكن بعد شهر، أخذت التطوّرات الداخليّة في كوريا الشماليّة تسلك منحى أكثر دراميّة.


"اختفاء"
كانت إطلالة كيم على الإعلام المحلّيّ في 12 نيسان الإطلالة الأخيرة له قبل أن يثير التكهّنات عن سبب عدم حضوره احتفالات 15 نيسان التي تتزامن مع عيد ميلاد جدّه ومؤسّس النظام كيم إيل سونغ. اقترنت آخر إطلالة بتنفيذ بعض التعديلات الحكوميّة كتشكيل لجنة شؤون الدولة وإعادة تعيين شقيقته كيم يو جونغ في إدارة اللجنة المركزيّة لحزب العمّال الحاكم.
 
أمكن أن تمرّ تلك التعديلات من دون تحليلات كثيرة لو لم يختفِ بعدها كيم لحوالي ثلاثة أسابيع متتالية. فقد نُظر إلى تلك القرارات في إطار الاستعداد لتسمية من يخلفه في الحكم، وهي على الأرجح شقيقته يو. طوال فترة اختفائه تراوحت التحليلات والأخبار الأساسيّة في التقارير بين أن يكون كيم قد خضع لعمليّة جراحيّة في القلب وهو يتعافى منها، وبين أن يكون قد توفّي بسبب خطأ طبّيّ خلال الجراحة، مروراً باحتمال أن يكون هذا الخطأ قد أدخله في غيبوبة.

وضع كيم حدّاً للتكهّنات خلال إطلالته في الأوّل من أيّار وهو يفتتح مصنعاً للأسمدة ويدخّن سيجاراً، في استمرار لعاداته الصحّيّة السيّئة. لكنّه لم يفقد الوزن الذي يخسره من يعانون من فترة غيبوبة طويلة المدى. وعلى أيّ حال، لا تزال صحّته هشّة بحسب المراقبين الذين يتوقّعون ألّا يستطيع كيم الحكم للفترة نفسها التي حكم فيها والده وجدّه البلاد إن لم يقلع عن عاداته. وبعد ساعات على إطلالته الإعلاميّة وقع إطلاق نار متبادل بين الكوريّتين على الحدود المنزوعة السلاح.

"الشرطيّ السيّئ" و"الشرطيّ الجيّد"
في حزيران 2020، فجّرت كوريا الشماليّة مكتب الاتّصال المشترك مع جارتها الجنوبيّة. وتمّ افتتاح المكتب في 2018 بعد التحسّن الكبير في العلاقات بين الدولتين. وعمدت بيونغ يانغ إلى اتّخاذ هذه الخطوة التصعيديّة بسبب تحرّكات مجموعة منشقّين تعيش في الجنوب دأبت على إرسال دعايات إلى الشمال. وكانت شقيقة كيم قد أطلقت التهديدات بتفجير المكتب قبل أيّام، في إشارة أخرى إلى أنّها الشخص الذي يُحتمل تولّيه قيادة البلاد في حال مغادرة الحكم لأيّ سبب كان. لكن بعد تفجير المكتب، ابتعدت يو عن الأضواء، واعتمد كيم لغة أكثر تصالحيّة مع الجنوب.

كان كيم وشقيقته يلعبان دور "الشرطيّ السيّئ" و "الشرطيّ الجيّد" بحسب الباحث في معهد "كايتو" دوغ باندو. بالفعل، خلال استعراض عسكريّ أقيم في تشرين الثاني، وجّه كيم مواساته لكوريا الجنوبيّة بفعل ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس "كورونا". بالحديث عن "كورونا"، صعُبت معرفة حجم تفشّي الوباء في الشمال بسبب التعتيم الإعلاميّ.


مفاجأة؟
بدا أنّ كوريا الشماليّة ذات النظام الصحّيّ البدائيّ، أحيطت بدولتين انتشرت فيهما الجائحة بشكل سريع على الرغم من تمتّعهما بموارد صحّيّة ومادّيّة كبيرة: كوريا الجنوبيّة والصين. لكن كانت كوريا الشماليّة من الدول الأولى التي منعت قدوم السيّاح الأجانب في كانون الثاني 2020. وأوقفت الرحلات من وإلى الصين، حتى قبل ثلاثة أيّام على عزل السلطات الصينيّة مدينة ووهان، منشأ الفيروس. كذلك، فرضت حجراً صحّيّاً على جميع الأشخاص الذين دخلوا البلاد بعد 13 كانون الثاني. الدولة الثانية التي فرضت حظر سفر كانت إيطاليا، في 9 آذار.
 
ونجحت كوريا الشماليّة في منع "سارس" (2003) و"إيبولا" (2014) من التفشّي داخل حدودها. يمكن أن تكون بيونغ يانغ بفعل قبضتها الأمنيّة وإجراءاتها السريعة واستقدامها أجهزة اختبار من روسيا قد استطاعت تخفيف أو تفادي الجائحة بحسب تقرير "نورث 38" الذي نُشر أواخر نيسان الماضي.

في تقرير نشرته أوائل الشهر الحاليّ، نقلت شبكة "سي أن أن" عن نائب كوريّ جنوبيّ قوله إنّ بوينغ يانغ أعدمت أشخاصاً من بينهم مسؤول في الجمارك لأنّه لم يتّبع قواعد الوقاية من "كوفيد-19" خلال استيراده البضائع من الصين. لم تستطع "سي أن أن" التحقّق من الخبر، لكنّ لو صحّ كلام النائب فهذا يعني وجود جدّيّة كبيرة داخل البلاد في مواجهة الجائحة.
 
كذلك، انخفضت صادرات الصين إلى بيونغ يانغ في تشرين الأوّل بنسبة 99% عن شهر أيلول بسبب "كورونا". وكان هذا أقلّ ممّا صدّرته الصين إلى ليختنشتاين وموناكو في تشرين الأوّل، على الرغم من حاجة الشمال الكبيرة لبيجينغ. مع ذلك، فإنّ الأخبار عن الإعدامات وتشديد الإجراءات الحدوديّة وتقليص حجم التجارة هي مؤشّرات إلى أنّ الجائحة تتفاقم داخل البلاد بحسب المساعد السابق لوزير الخارجيّة لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ إيفانز ريفير.


دموع
في الاستعراض العسكري بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس "حزب العمّال"، عرضت كوريا الشماليّة واحداً من أكبر من الصواريخ البالستيّة في العالم. أكان هذا الصاروخ قادراً على حمل قنبلة نوويّة أم لا، مسألة أخرى. لكنّ الرسالة واضحة. غياب التجارب لا يعني غياب استمرار النيّة في تطوير الأسلحة. لكنّ القدرة على الإنفاق التسلّحيّ هي موضع شكّ أيضاً.

في ذلك الاستعراض، بكى كيم معتذراً من مواطنيه بسبب "عدم تمكّنه من تحسين ظروف حياتهم". تراجع الاقتصاد واحتمال تفشّي "كورونا" واستمرار الخضوع للعقوبات الدوليّة وهشاشة صحّة كيم هي عوامل نفوذ تمكّن إدارة بايدن من استخدامها في الحوار مع كيم، بحسب باندو. ويحذّر الأخير من مواصلة فرض المطالب القصوى نفسها التي طالبت بها إدارة ترامب.
 
فكيم برهن هذه السنة والسنوات الماضية أنّه مهتمّ بالحوار وإن لم يكن يريد تقديم الكثير من التنازلات النوويّة. ويضيف: "حان الوقت لمواجهة الواقع بصراحة. جمهورية كوريا الديموقراطيّة الشعبيّة هي أساساً دولة نوويّة وكيم لن يفكّك سلاحه بالاعتماد على وعودِ حسْنِ النيّة غير القابلة لفرض تنفيذها. الآن، سيكون وقتاً سيّئاً من أجل التضحية بالجيّد على طريق التفتيش عن الكامل".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم