روسيا تكثّف هجومها للسيطرة على دونباس... الوضع "جحيم"، و"حملة تدمير" تستهدف سيفيرودونيتسك

قصفت القوات الروسية مدينة تطل على نهر، فيما بدا أنه نذير بشن هجوم كبير للسيطرة على آخر منطقة لا تزال في يد أوكرانيا في إقليم تسعى روسيا للسيطرة عليه لحساب الانفصاليين الموالين لها هناك.

وقال مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية شنت قصفا مركزا بالمدفعية على سيفيرودونيتسك، أحد آخر المعاقل التي لا تزال أوكرانيا تحتفظ بالسيطرة عليها في لوغانسك، وهي إحدى منطقتين في الجنوب الشرقي تزعم موسكو ووكلاؤها في المنطقة أنهما جمهوريتين مستقلتين.

وتلك المدينة ونظيرتها على الضفة الأخرى لنهر سيفرسكي دونيتس وهي مدينة ليشانسك تشكلان الجزء الشرقي من جيب لا يزال تحت السيطرة الأوكرانية وتحاول روسيا الاستيلاء عليه منذ منتصف نيسان بعد أن أخفقت في السيطرة على العاصمة كييف.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن موسكو شنت هجوما على سيفيرودونيتسك لكنها تكبدت خسائر واضطرت للتقهقر في إطار ما وصفته هيئة الأركان بأنها عمليات هجومية روسية كبرى على الجبهة الأمامية للقتال.

وعلى الرغم من خسارتها في مناطق أخرى في الأسابيع القليلة الماضية، تقدمت القوات الروسية على جبهة لوغانسك، في ما يعتبره بعض المحللين العسكريين بأنه تكثيف كبير للجهود لتحقيق أهداف أقل للحرب بالاستيلاء على كل المناطق التي يطالب الانفصاليون بالسيطرة عليها.

وقال حاكم لوغانسك سيرهي غايداي عبر قناة تلغرام "الجيش الروسي بدأ حملة تدمير مكثفة على مدينة سيفيرودونيتسك. شدة القصف تضاعفت ويقصفون مناطق سكنية ويدمرون البنايات منزلا منزلا".

وأضاف "لا نعلم عدد من قتلوا لأن البحث في كل شقة ببساطة مستحيل".

وفي موسكو، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن "تحرير جمهورية لوغانسك الشعبية" سيكتمل قريبا.

وفي خطاب خلال الليل، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الوضع في إقليم دونباس، الذي يضم لوغانسك ودونيتسك، بأنه "جحيم". وقال إن المنطقة "دمرت بالكامل".

ومن شأن السيطرة على لوغانسك ودونيتسك أن تسمح لموسكو بإعلان انتصارها بعد أن قالت الشهر الماضي أن هذا هو هدفها. وحققت خطوة كبرى على الطريق هذا الأسبوع عندما أمرت أوكرانيا كتيبتها في ميناء دونباس الرئيسي في مدينة ماريوبول بالاستسلام بعد حصار دام نحو ثلاثة أشهر.

وقال شويغو إن نحو ألفي مقاتل أوكراني استسلموا من هناك على مدى الأيام الأربعة الماضية.

ولم تؤكد كييف عدد المقاتلين الذين استسلموا. لكن بريطانيا أعطت أول تأكيد رسمي غربي على أن عددا كبيرا من القوات استسلم فعلا وقالت إن نحو 1700 استسلموا وأضافت أن عددا غير معروف يعتقد أنه لا يزال في الداخل.

وفي تسجيل فيديو، قال دنيس بروكوبينكو قائد كتيبة آزوف، التي دافعت عن مصنع الصلب في ماريوبول، إنه تم تنفيذ أمر وقف القتال وأشار إلى أن كل المدنيين وكذلك المقاتلين المصابين خرجوا بالفعل من المكان.

ولم يقدم مزيدا من التفاصيل عن مصير باقي المقاتلين لكنه قال إن عملية جارية لانتشال جثث القتلى من الأنفاق والمخابئ تحت الأرض.

وقال بروكوبينكو "أتمنى في المستقبل القريب أن يتمكن الأقارب وأوكرانيا من دفن الجنود بما يستحقونه من تكريم".

وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومقرها سويسرا، بأنها سجلت مئات الأسرى من المصنع الذي تسيطر عليه روسيا الآن، لكنها لم تعلن رقما محددا ولا مزيدا من التفاصيل.

وتقول كييف إنها تريد ترتيب عملية لتبادل الأسرى لتأمين الإفراج عن المدافعين عن آزوفستال الذين وصفتهم بأنهم أبطال وطنيون.

وقالت موسكو إنهم سيعاملون بشكل إنساني لكن سياسيين روس قالوا إن بعضهم يجب أن يُحاكم على ما ارتكبوه من جرائم، بل وينفذ فيهم حكم الإعدام.

الغذاء كسلاح
شهد الأسبوع المنصرم تقدم السويد وفنلندا بطلبين للانضمام لعضوية حلف شمال الأطلسي، في أكبر تغير في المشهد الأمني الأوروبي منذ عقود، لكن تركيا قالت حتى الآن إنها ستعارض الخطوة واتهمت الدولتين بإيواء متشددين أكراد.

وبعد أسابيع من التهديد برد انتقامي، بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هادئا في رده على ذلك وقال قبل أيام إن عضوية البلدين في الحلف لا تشكل تهديدا إلا إذا أرسل الحلف أسلحة جديدة أو قوات إليهما. لكن وزير الدفاع شويغو قال اليوم الجمعة إن موسكو تعتزم تعزيز قواتها في المناطق المحاذية ردا على ما وصفه بتهديدات جديدة.

واضطرت القوات الروسية في أوكرانيا في الأسابيع القليلة الماضية للانسحاب من مناطق حول خاركيف، ثاني كبرى مدن البلاد، في أسرع تراجع منذ اضطرارها للانسحاب كذلك من شمال البلاد ومن المناطق المحيطة بالعاصمة كييف في نهاية آذار.

لكن القوات الروسية تسيطر حاليا على أجزاء كبيرة من جنوب أوكرانيا وشرقها، وانتهاء القتال في ماريوبول يعني أن المنطقة الآن غير قابلة للاختراق إلى حد كبير. لكن محللين عسكريين يقولون إن روسيا تستهلك ما لديها من قوة هجومية وإن الوقت ينفد أمامها لتحقيق هدف السيطرة الكاملة على دونباس.

وفي مؤشر الى أن روسيا تسعى لتعزيز الجهد الحربي، أعلن البرلمان الروسي إنه سيناقش مشروع قانون يسمح للروس ممن تخطت أعمارهم 40 عاما وأجانب تخطت أعمارهم 30 عاما بالتجنيد في الجيش.

ولم يصل بوتين لحد إعلان الحرب ووصف تحركاته في أوكرانيا بأنها "عملية عسكرية خاصة" بما يعني أن من الصعب عليه حشد جنود الاحتياط والمجندين.

وكثفت قوى غربية، أدانت بشدة التحركات الروسية وسعت لعزل موسكو بسلسلة من العقوبات، دعمها لأوكرانيا. ووافقت مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى أمس الخميس على تزويد أوكرانيا بمبلغ 18.4 مليار دولار.

كما وافق مجلس الشيوخ الأميركي أمس الخميس بأغلبية ساحقة على ما يقرب من 40 مليار دولار من المساعدات الجديدة لأوكرانيا، وهي أكبر حزمة مساعدات أميركية حتى الآن. ويوازي المبلغ ما يفوق ربع الدخل الإجمالي المحلي لأوكرانيا قبل الحرب.

وذكر مسؤولون أن البيت الأبيض يعمل على تزويد المقاتلين الأوكرانيين بصواريخ متقدمة مضادة للسفن للمساعدة في دحر الحصار البحري الروسي. وتسبب الحصار في وقف صادرات أوكرانيا وهي من بين مصدري الحبوب الرئيسيين في العالم مما دفع الأمم المتحدة للتحذير من أزمة غذاء عالمية.

واتهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن روسيا باستخدام الغذاء كسلاح من خلال منع الإمدادات وحبسها "رهينة" بما يضر ليس الأوكرانيين فحسب، إنما أيضا الملايين حول العالم.