الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

لقاح "مودرنا" أُنجِز بيومين... ماذا عن لقاحات المستقبل؟

المصدر: "النهار"
"أ ب"
"أ ب"
A+ A-
بات العالم أكثر تأكداً من أنّ المستقبل يخبّئ المزيد من المفاجآت حول انتشار الفيروسات. حذّر العلماء منذ سنوات من هذا الواقع لكنّ فيروس "كورونا" أخذ الحكومات على حين غفلة. اليوم، ومع إنتاج اللقاحات المضادة لـ "كوفيد-19"، يبرز سؤال أساسيّ: هل بالإمكان تطوير لقاحات بسرعة أكبر في المستقبل؟

طبيب الأعصاب في كلية الطب التابعة لجامعة ييل الدكتور ستيفن نوفيلا يبدو واثقاً من ذلك. أشار نوفيلا في منظمة "ذا نيو إنغلند سكپتيكل سوسايتي" إلى التقارير الكثيرة التي تحدثت عن أنّ شركة "مودرنا" احتاجت إلى يومين فقط لتطوير لقاحها. كانت تركيبة اللقاح حاضرة في كانون الثاني.

يعود ذلك إلى إمضاء الشركة عشر سنوات في تطوير تقنية "الحمض النووي الريبوزي المرسال" أو اختصاراً "أم آر أن أي" لإنتاج اللقاحات. وهذه التقنية هي ميزة أساسية في نجاحها. بمجرّد أن أعلنت الحكومة الصينية التسلسل الجيني
للفيروس، وصل إلى "مودرنا" ما كانت تحتاج إليه. لكن لماذا تأخر طرح اللقاح 11 شهراً؟

كانت الشركة تجري اختبارات على فاعلية وسلامة اللقاح. تبيّن أن الأخير فعّال بأكثر ممّا كان مأمولاً: 95% في التحليلات الأولية للمرحلة الثالثة. كانت بحاجة أيضاً إلى تحديد الجرعات المناسبة وإلى التأكد من أنّ اللقاح ينتج مضادات الأجسام المطلوبة لتحييد "كورونا". وبرزت حاجة أيضاً للتأكد من أنّ الناس محميّون فعلاً من المرض.

أجريت الأبحاث بسرعة قياسية بعدما تمّ السماح بإجرائها بطريقة متوازية عوضاً عن انتظار نتائج تحليل المرحلة الأولى قبل الانطلاق إلى الثانية. وبدأت الشركة استعداداتها للإنتاج حتى قبل إعطائها الموافقة. وأمكن تحقيق الهدف بطرح لقاح قبل نهاية السنة عبر 15 سنة من الأبحاث والقواعد التنظيمية.

لتأدية عمل أفضل في المستقبل، يقترح الطبيب تطوير منصة للقاح واختبار سلامتها وفاعليتها. بعدها، كل ما يتطلّبه الأمر هو نشر التسلسل الجيني ثم إدخال المعلومة إلى المنصّة والبدء بإنتاج اللقاح. "يمكن فعل ذلك حرفيّاً في أسبوع"، يضيف الطبيب. بما أنّ المنصّة اختُبرت في الماضي، لن يكون العلماء بحاجة لأشهر من الاختبارات قبل التوزيع. ويمكن إجراء المزيد من الاختبارات عبر نماذج الكومبيوتر أو عبر الاختبار. لكن سيكون هنالك صعوبة في تحديد الفاعلية من دون إجراء اختبارات سريرية واسعة.

لكن حتى في هذه الحالة، بالإمكان القيام بتوقعات منطقية. يمكن نظرياً طرح النسخة الأولى للّقاح لأكثر الناس حاجة إليه مع تعقب النتائج وتغيير المكونات لو تطلب الأمر ذلك. يمكن مقارنة ذلك بالكناية القائلة "بناء الطائرة بينما تطير". لكن في هذه الحالة، تكون الطائرة قد بنيت بنسبة 90%. لو فعل العالم لذلك، لتبيّن أنّ لقاح "مودرنا" فعّال بنسبة 95% في كانون الثاني.

يبرز دوماً سؤال المخاطر في مواجهة المنافع. وهذا يعني قبول المزيد من المخاطر بسبب اللقاح لتقليص مخاطر الجائحة. لكن ثمة فوز مزدوج هنا يكمن في أنّه كلما طوّر العالم منصة لقاح عالمية ازدادت نسبة الأمان والفاعلية. لكنّ ذلك يتطلب قبولاً من الجمهور ولهذا السبب يجب طمأنته حول المسار والاستراتيجية وعدم التسييس.

ثمّة احتمال في أن تكون الجوائح أكثر تكرراً في المستقبل بسبب تشابك العالم. تحتاج الحكومات اليوم إلى استراتيجية للتعامل معها في بداية تفشيها. ويوضح نوفيلا الأمر خاتماً: "أنتم لا تنتظرون بناء قسم لمكافحة الحريق إلى ما بعد اندلاعه".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم