السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"دموع" و"خيانة"... أوستراليا دولة "ناسكة" بفعل كورونا

المصدر: "النهار"
دار الأوبيرا في سيدني - "أ ب"
دار الأوبيرا في سيدني - "أ ب"
A+ A-

لقيت الدول التي فرضت إجراءات متشددة لمواجهة كورونا إشادة عامة بدورها في تخفيف تداعيات الجائحة. لكن لتلك الإجراءات أكلاف متفاوتة بين دولة وأخرى. في هذا السياق، يرى البعض أنّ أوستراليا تتصدّر الدول الديموقراطية لناحية الإفراط في فرض الإجراءات الأكثر تشدّداً، إلى درجة أنّ بعض مواطنيها بدأوا يسعون للحصول على جنسيّات أخرى.

هذا ما تسرده الصحافية أميليا ليستر في مجلة "فورين بوليسي" حيث كتبت عن تجربتها وتجربة آخرين في العيش خارجاً بسبب منع المغتربين الأوستراليين من العودة إلى بلادهم خوفاً من بروز موجة أخرى من فيروس "كورونا". ويمكن أن يستمر إغلاق الحدود الوطنية حتى أواسط 2022 على الأقل.

ذكرت ليستر أنّ أوستراليا تركت حدودها مغلقة بشكل أكثر تشدداً من أي دولة أخرى، ربما باستثناء كوريا الشمالية. لكن دولاً قليلة جداً منعت مواطنيها من المغادرة، حتى الصين لم تفعل ذلك. وبالتأكيد لم تقم أي دولة ديموقراطية بذلك باستثناء أوستراليا. وثمة حوالي 40 ألف أوسترالي حول العالم يريدون العودة بشكل يائس إلى وطنهم لكنهم لا يستطيعون ذلك بحسب الكاتبة.

السبب الأول ماليّ حيث تفرض الولايات الأوسترالية مبلغ 2500 دولار للفرد البالغ إذا أراد العودة وحجر نفسه في الفندق (وحوالي 2070 دولاراً لغير البالغين). ويعجز البعض عن إيجاد رحلات عائدة إلى أوستراليا بعدما تم تأميم طيران "كانتاس" الوطني سنة 1993 والشركات التجارية القليلة المتبقية ألغت رحلاتها شكل متكرر. وأعطت الأخيرة الأولوية للأثرياء حيث تضاعفت التسعيرة ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الجائحة. تمكن أوستراليون أثرياء جداً من العودة إلى أوستراليا وسُمح لهم بحجر أنفسهم داخل ملكياتهم. وكذلك فعل بعض المشاهير.

تابعت ليستر أن الإغلاق الشامل الأساسي في أوساط آذار 2020 استمر حوالي ستة أسابيع. الوفيات في أوستراليا أقل من ألف. وكتبت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سكوت موريسون تحرك بسرعة وحزم وهو يستحق الثناء على ذلك.

لكن المواطنين العاديين اليوم لا يستطيعون العودة إلى أوستراليا بسبب الصعوبات المادية وأيضاً بسبب الموانع القانونية. هنالك حوالي 9500 أوسترالي في الهند سيواجهون السجن لمدة خمس سنوات وغرامة بقيمة 50 ألف دولار إذا حاولوا العودة إلى ديارهم.

وأضافت ليستر أنّ الحكومة أخفقت في تأمين عدد كاف من اللقاحات وفي إطلاق عمليات التلقيح بسرعة، لأن موريسون أخبر الأوستراليين أنه لم يكن هنالك من داع للعجلة في تلقي اللقاح بالنظر إلى انخفاض عدد الإصابات. من دون اللقاحات يصعب الإبقاء على أوستراليا خالية من الفيروس بحسب الكاتبة. ولن يتلقى معظم الأوستراليين جرعتهم الأولى من اللقاح قبل نهاية 2021.

كذلك، وجّهت الحكومة رسائل تحذير إلى المواطنين من مخاطر "كورونا" لكنّها تجاهلت الحديث عن فاعلية اللقاحات. ونقلت الكاتبة كلام البعض عن أنّ موريسون يريد تأخير فتح الحدود حتى يستفيد منه إلى الحد الأقصى قبل إجراء الانتخابات التي يتمتع رؤساء الوزراء الأوستراليون بصلاحية كبيرة في الدعوة إليها.

لهذا السبب، تشعر ليستر بحس من "الخيانة". لم تعد التعددية الثقافية التي توفرها الهجرة كلاماً رسمياً أوسترالياً يُعتد به وفقاً للكاتبة، خصوصاً مع احتمال دخول 10 آلاف مواطن أوسترالي السجن إذا عادوا من الهند ومع عدم إدراك عشرات الآلاف موعد عودتهم إلى ديارهم.

مع ذلك، إنّ نقص الغضب العام تجاه هذا المشهد "صادم" حيث يقول 33% من الأوستراليين فقط إنه يجب بذل جهد أكبر لإعادة الأوستراليين إلى ديارهم. ونادراً ما تُسمع أصوات الأبناء المنفصلين عن آبائهم في الخارج، حيث ولدت نسبة 30% من السكان خارج أوستراليا. ولم تأخذ الحكومة بالاعتبار العامل الاقتصادي الملحّ عندما اتّخذت قرار تشديد إقفال الحدود.

وفي صحيفة "ذا صن هيرالد" التي تكتب فيها ليستر، أعربت لاتيكا بوركي المولودة في الهند والتي تم تبنيها من والدين أوستراليين عن حزنها الشديد بسبب طريقة تعامل البلاد مع الفيروس: "لقد ذرفت الكثير من الدموع خلال الأشهر الـ12 الماضية وأنا أتساءل عن السبب الذي، وخلال سعيها إلى إيقاف وفيات كوفيد-19، سمحت أوستراليا لنفسها بفقدان إنسانيتها". وتعيش بوركي الآن في لندن ساعية للحصول على الجنسية البريطانية لأنها تظن أنّ بريطانيا لن تحاول سجنها خارج حدودها كما فعلت أوستراليا.

وأرسلت والدة ليستر التي لم تلتق بحفيدها المولود في نيسان 2020 صورة إليها عن ميناء سيدني وكتبت عليها تعليقاً يعبّر عن قيمة أوستراليا التي لا يريد قادة البلاد نشرها: "صباح جميل هنا من المملكة الناسكة".

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم