السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الرحيل وإلا "سيقطعون رؤوسنا"... الأرمن في كلبجار يحزمون حقائبهم بحزن بعد هزيمة ناغورنو- كراباخ

المصدر: أ ف ب
أرمن يوضبون أغراضهم قبل مغادرة منزلهم في كلبجار (12 ت2 2020، أ ف ب).
أرمن يوضبون أغراضهم قبل مغادرة منزلهم في كلبجار (12 ت2 2020، أ ف ب).
A+ A-
"نبقى هنا؟ مستحيل، سيقتلوننا!". بعد هزيمة قوات ناغورنو- كراباخ أمام الجيش الأذربيجاني، بات أرمن المناطق التي سيتم تسليمها قريبا إلى باكو مقتنعين بأن لديهم خيارا من اثنين: إما الرحيل، إما الموت.

في منطقة كلبجار الجبلية وعاصمتها التي تحمل اسمها، يحزم السكان حقائبهم والحزن يعتصر قلوبهم على عجل، قبل أن تتسلم أذربيجان الأحد، بموجب الاتفاقية التي رعتها موسكو، هذه الأراضي التي ضمها الأرمن في التسعينيات. 

في قرية نور جيتاشين الواقعة عند سفح المنحدرات الصخرية السوداء التي تشكل وادياً، تقف شاحنات روسية قديمة ومتينة من طراز كاماز في اماكن متفرقة أمام المنازل التي تحيط بها الحدائق على امتداد الطريق الذي تفترشه الحصى.

ويكدس الرجال الأرائك والغسالات والحقائب والمتعلقات التي لا مجال لتركها بين أيدي "الأتراك"، في اشارة إلى الأذربيجانيين الناطقين بالتركية، الذين فروا من هذه الأراضي نفسها قبل ثلاثين عامًا مع وصول الأرمن.

وتقول أنوشافان (63 عاماً) التي ارتدت ملابس رياضية مهترئة، ووضعت شعرا مستعارا كيفما اتفق: "بكيت طوال الليل عندما سمعت الأخبار"، فيما كانت منشغلة في البحث داخل الخزائن والصناديق المفتوحة.

ووُضع مرطبان من الفلفل الأحمر بالزيت على سرير بلا فراش. وتبعثرت الأواني المنزلية التي تم استخدامها على مر السنوات في كل مكان، بين الأحذية العسكرية وكتب باللغة السيريلية. 

في هذا المنزل الريفي المتواضع، الذي تتم تدفئة غرفتيه بواسطة موقد على الحطب، حان الوقت لفرز ما يجب التخلي عنه على عجل. 

كانت الفوضى هي نفسها أمام طاولة عمل زهراب، الزوج الذي بالكاد يرى ويبلغ من العمر 82 عامًا، وقد وقف محتارا أمام ما يجب أن يأخذه. ويقول الرجل المسن: "لا نعرف إلى أين نذهب. بمساعدة الأبناء، سنحاول استئجار شقة صغيرة في يريفان. قد نتمكن من العودة، ألا تعتقدون ذلك؟".

- سنترك الأبقار -
لم يأت أحد ليطلب منهم الرحيل بشكل رسمي، "لكننا أدركنا ذلك سريعًا. لا يوجد خيار آخر. الأذربيجانيون سيعذبوننا أو يقطعون رؤوسنا"، قالت أنوشافان بغضب.

جاء الابنان من العاصمة لتقديم يد المساعدة، حيث تم بيع الماشية. لأنه يجب الرحيل إذا أمكن قبل السبت. 

وأضاف زهراب بأسف: "لم يكن المنزل فارها، لكننا كنا سعداء هنا. الهواء نقي والعنب ينمو بشكل جيد"، فيما بدت عيناه حزينتين وهو ينظر إلى عناقيده.
 
وأضاف: "لن نحرق المنزل. لكننا سنأخذ ميكي، إنه كلب وفي".

وتغزو وسائل التواصل الاجتماعي الأرمينية شائعات عن إحراق السكان منازلهم قبل مغادرتهم. ولكن لا يوجد شيء من هذا القبيل في الوادي الصغير الضيق المؤدي على امتداد نحو 20 كيلومترًا إلى بلدة كلبجار، التي خلت من جميع سكانها تقريبًا.

عند مدخل القرية، يبدو زوجان في الستينات من العمر منشغلين بملء شاحنة ضخمة. وتقول المرأة ساخطة: "لماذا نعيد هذه المدينة إلى الأتراك؟ ليس لديهم ما يفعلونه هنا!". وصبت لعنتها على "المسؤولين عن كل هذا". 

وقالت هذه الأم لسبعة أبناء والجدة لـ22 حفيدا: "سنترك الأبقار، لم نجد من يشتريها في الوقت المناسب. اضطررنا إلى توسيع المنزل، والقيام ببعض التصليحات... لن نحرقه، لكن من سيأتي ويأخذه لا يستحقه".
 
وأضافت قبل ان تنهار بالبكاء: "ماذا سنفعل؟".

وصل السكان الأرمن إلى هذه المنطقة في أعقاب الحرب الأولى، بعد ان تم تشجيعهم عبر تلقي مساعدات وتحفيز من حكومة "ارتساخ"، وهو الاسم الأرمني لناغورنو- كراباخ.

وستضاف منازلهم الفارغة إلى تلك المدمرة لتشكل ندوب النزاع القائم منذ  التسعينيات، والتي تشهد على مدينة ذات أغلبية أذربيجانية.

في وسط المدينة، ينتزع رجال الصفائح المعدنية الجديدة من سطح مبنى كبير، وآخرون النوافذ. واصبحت المدينة تبدو بالفعل أنها مدينة أشباح.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم