الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أزمة جديدة بين أميركا وإيران؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يرافقه رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي في زيارة إلى محطة بوشهر للطاقة النووية (الرئاسة الإيرانية- أ ف ب).
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يرافقه رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي في زيارة إلى محطة بوشهر للطاقة النووية (الرئاسة الإيرانية- أ ف ب).
A+ A-

رأت مجلة "إيكونوميست" أن أزمة جديدة تلوح في أفق العلاقات الأميركية-الإيرانية حيث تسلك المحادثات الثنائية مساراً "سيئاً" بينما تبدو البدائل "قاتمة". وإيران لا تسهّل على الرئيس الأميركي جو بايدن مهمة إعادة إحياء الاتفاق النووي. هي رفضت التفاوض المباشر مع الأميركيين وماطلت في العودة إلى التفاوض بعد الانتخابات الرئاسية التي أوصلت المتشدد ابرهيم رئيسي إلى السلطة. اليوم، تقول إيران إنّ المفاوضات ستستأنف في تشرين الثاني.

علاوة على ذلك، صعّدت إيران برنامجها النووي. في 9 تشرين الأول، أعلنت السلطات الإيرانية أنها أنتجت أكثر من 120 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 120%، وهي زيادة حادة عن الـ84 كيلوغراماً التي تحدث عنها المفتشون الأمميون أواخر الشهر الماضي. وتقترب البلاد من عتبة الـ170 كيلوغراماً التي تتحتاج إليها لصنع قنبلة.

من ناحية ثانية، تسرّع إيران زيادة مخزونها من المواد الانشطارية المخصبة بنسبة 60% مما يبعدها "شعرة" واحدة عن المواد التي يمكن استخدامها في صناعة القنابل. ساعد هذا التسريع إيران في نشر المزيد من أجهزة الطرد المتطورة لتنقية المواد المخصبة. ومن المواد المقلقة بحسب المجة تحويل غاز سادس فلوريد اليورانيوم إلى معدن اليورانيوم المرجح استخدامه في القنابل، إضافة إلى عرقلة عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تقلص زمن الاختراق النووي الإيراني إلى حوالي شهر بحسب الباحث في معهد الأمن والعلوم الدولي دايفد أولبرايت. يضع المسؤولون الأميركيون هذا الفاصل الزمني عند "أشهر قليلة". في كلتا الحالتين، باتت هذه الفترة أقصر بكثير من فترة العام الواحد، أو أكثر، التي تمتع بها العالم حين كان الاتفاق النووي لا يزال منفذاً. وربما يستغرق وضع رأس نووي على صاروخ سنتين أخريين بحسب "إيكونوميست".

بين مراقبي إيران في واشنطن، ثمة شعور بالخطر من اقتراب المواجهة. "المدرج يصبح أقصر"، بحسب تعبير وزير الخارجية أنتوني بلينكن. وأضاف أنه إن لم يتم إحراز تقدم قريباً سيكون هنالك لجوء إلى "خيارات أخرى". لكنه لم يحددها. من جهته، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن برنامج إيران النووي وصل إلى "لحظة مفصلية. وهكذا تساهُلنا".

ولا تخوض حملتها لاغتيال علماء نويين إيرانيين أو لتقويض المنشآت النووية الإيرانية بكثير من السرية. وهذا ما قاله رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية أفيف كوخافي: "العمليات لتدمير الإمكانات الإيرانية ستستمر – في مجالات مختلفة وفي أي وقت".

خاض بايدن حملة على وعود بإعادة إحياء الاتفاق النووي. بعد وصوله إلى البيت الأبيض، احتفظ بغالبية العقوبات التي فرضها سلفه دونالد ترامب لضمان قوة واشنطن التفاوضية. لكن مع تسارع البرنامج النووي، إيران هي التي تفرض "الضغط الأقصى" وفقاً لتحليل مارك فيتزباتريك من "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية".

بحسب وجهة النظر الإيرانية، برهنت واشنطن أنها غير جديرة بالثقة وكانت منافع الاتفاق النووي ذات أجل قصير ولم يشعر بها سوى سكان المدن. كذلك، تعتقد إيران أنها استطاعت تجاوز أسوأ ضغط اقتصادي بإمكان واشنطن فرضه. والآن، إن الاقتصاد الإيراني آخذ بالتحسن حيث قدّر صندوق النقد الدولي في نيسان أن نمو إيران سيكون 3% هذه السنة، وذلك حتى قبل ارتفاع أسعارالنفط. في هذه الأثناء، أصبحت الصين أكبر مستورد للنفط الإيراني ومن غير المرجح أن تخضع لرغبات واشنطن. ويتم دمج إيران في "مشروع الحزام والطريق" بينما تتحدث روسيا عن دمجها في مجموعة التجارة الأوراسية.

تعهد بايدن "عدم حصول إيران أبداً على سلاح نووي تحت ناظريّ". لكنّ إيران تدرك أنه يريد إخراج بلاده من "الحروب التي لا تنتهي" في العالم الإسلامي وسيكون متردداً في خوض حرب جديدة ضد سلاح إيران النووي.

لقد سعت إدارة بايدن إلى اتفاق "أطول وأقوى" من ذلك الأساسي. طالبت إيران أيضاً باتفاق ذي شروط أفضل بعدما اتهمت الأميركيين بانتهاكه. وطالبت واشنطن برفع جميع عقوبات ترامب وبضمان ألا يتم فرضها مجدداً. لذلك، يبدو أن اتفاقاً يحصل فيه الطرفان على المزيد من المكاسب بعيد المنال. الاحتمال المرجح هو ما يسميه بلينكن بأنه "عودة متبادلة إلى الالتزام" بالاتفاق النووي الأساسي. لكن حتى هذا الاحتمال يفقد بريقه أيضاً بحسب المجلة.

حتى لو تم شحن مخزونات اليورانيوم العالية التخصيب إلى خارج إيران ولو فككت طهران أجهزة الطرد المركزي، لن يكون بالإمكان التخلص من المعرفة القيمة التي اكتسبتها سلطاتها. وتعني بنود الغروب أنه سيتم السماح لإيران بتوسيع برنامج التخصيب بدءاً من 2025.

سيأمل بايدن بأن يقبل معارضوه بالتوصل إلى اتفاق مع إيران بعد رؤيتهم للتداعيات الخطيرة التي ترتبها إيران متفلتة من القيود. وإذا فشلت المحادثات على الرغم من إجرائها بحسن نية، يظن بايدن بأنه سيكون من الأسهل إقناع الأوروبيين بفرض عقوبات جديدة.

أذعنت إسرائيل للمحادثات حالياً. حتى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين يرون إيجابيات في الاتفاق. لكنّ آخرين يعبرون عن استيائهم من افتقاد الإدارة للخطة باء، بما فيها الخيارات العسكرية. وروجت إسرائيل لفكرة تدعو إلى قتل إيران عبر عدد من الضربات الخفيفة التي لا تصل إلى حد إشعال حرب.

من جهته، يحذر كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ جيم ريش من أن إحياء الاتفاق النووي سيخضع للإلغاء حين يستلم الجمهوريون السلطة. وتنقل عنه المجلة قوله إن على هذه الإدارة الإجابة على السؤال التالي: "إذا اقترب الإيرانيون من الحصول على أسلحة نووية... ما الذي ستفعله حين تتلقى اتصالاً من الإسرائيليين؟"

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم