الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تركيا في عين عاصفة التغيّر المناخي

المصدر: "أ ف ب"
الحرائق في تركيا (أ ف ب).
الحرائق في تركيا (أ ف ب).
A+ A-
من الفيضانات المفاجئة وحرائق الغابات وصولاً إلى "مخاط البحر"، ترزح تركيا تحت وطأة الكوارث البيئية المتكرّرة التي يلقى باللوم فيها على التغيّر المناخي، ما يفرض ضغطاً على الرئيس رجب طيب إردوغان للتحرّك.

وأودت حرائق الغابات بثمانية أشخاص منذ أواخر تموز في المناطق الساحلية الجنوبية حيث أتت على المساحات الخضراء وحوّلت قرى إلى رماد، في كارثة أعقبت ظهور طبقة مخاطية لزجة في بحر مرمرة قضت على الحياة المائية.

كما أعقبت فيضانات أدّت إلى سقوط قتلى في شمال شرق البلاد، موجة جفاف أدّت إلى جفاف السدود وهدّدت إمدادات المياه. وتصل المجاري التي تتسبّب بها سوء إدارة المياه إلى منازل المزارعين.

ويحذّر الخبراء من أن البلد الشاسع والمتنوع جغرافياً يواجه خطر التعرّض لكوارث متتالية ما لم يواجه التغيّر المناخي الذي يرفع درجات حرارة البحر في مناطق عديدة ومنها المتوسط.

وحذّر تقرير للأمم المتحدة الأسبوع الجاري من أنّ "الاحترار العالمي يحدث أسرع ممّا كان متوقعاً".

ويزداد تسييس القضية إذ تظهر الاستطلاعات أنّها تحمل أهمية بالغة بالنسبة لما يصل إلى سبعة ملايين من أبناء ما يعرف بـ"الجيل زد" الذين سيصبح بإمكانهم التصويت في الانتخابات المقبلة المقرّرة في 2023.

وادرج خبراء وسياسيون يضعون قضايا البيئة نصب أعينهم المصادقة على اتفاقية باريس للمناخ التي تبنتها 196 دولة عام 2015 ضمن أولويات تركيا.

ولا تزال تركيا إحدى ست دول فقط تشمل العراق ولبنان لم توافق رسمياً بعد على الاتفاقية.

وقالت الناطقة باسم "حزب الخضر" التركي أمينة أوزكان "هذه خطوة أولى، علينا أن نصبح جزءاً من المعركة العالمية ضدّ تغيّر المناخ"، مشدّدةً على أنّه "لم يعد هناك وقت نخسره".

"لا سياسة شاملة" 
وأفاد مركز أبحاث "كلايميت أكشن تراكر" الذي يقيّم الخطط الوطنية لخفض الانبعاثات أنّ "جهود تركيا باتّجاه تحقيق أهداف الاتفاقية غير كافية بدرجة خطيرة".

وتصر أنقرة من جانبها على أن الاتفاقية تصنّف تركيا بشكل غير منصف على أنّها "متقدّمة" بدلاً من "نامية"، وهو ما يمنعها من الحصول على تمويل.

لكن خبراء يشيرون إلى أن تركيا أخفقت في إدراك الرابط بين مسائل خطيرة مثل الأمن الغذائي والجفاف المتزايد.

وأفادت الباحثة في مجال سياسة المياه والمناخ غوكشي سنجان "لا أرى أنّ لدى تركيا أيّ سياسة واسعة الإدراك وشاملة بشأن تغير المناخ تتعامل مع جميع القضايا بشكل مترابط".

وأضافت: "لا يمكن فصل قضايا الأمن الغذائي عن تلك المرتبطة بأمن الطاقة، وأسعار المواد الغذائية عن مسألة الجفاف".

ومثّل الوقود الأحفوري ما يصل من 83 في المئة من موارد الطاقة التركية في 2019.

وأشادت وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الحالي بجهود أنقرة في تنويع مزيج الوقود لديها، في ظلّ تطور "مبهر" في مجال الطاقة المتجدّدة.

لكن المدافعين عن البيئة يشيرون إلى القلق حيال اعتماد تركيا على الفحم المسبب للتلوث، إذ تخطّط لتوسيع إمكانياتها في مجال طاقة الفحم محلياً رغم أنّها تهدف إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة بما يصل إلى 21 في المئة بحلول العام 2030.

الجفاف "أكبر خطر" 
وسجّلت تركيا الشهر الماضي أعلى درجة حرارة لديها منذ العام 1961 بلغت 49,1 درجة مئوية في بلدة جزرة.

ويلفت الخبراء إلى أنّ الجفاف سيبقى مشكلة أساسية بتداعيات لا تنعكس على إنتاج الغذاء فحسب، بل كذلك على علاقات تركيا بجيرانها وسط نزاعات على حقوق مائية.

وتعاني مستويات المياه في السدود وإنتاج المزارعين من انخفاض الأمطار إلى ما دون معدلاتها منذ العام 2019.

وقالت سنجان: "الجفاف هو أكبر خطر نواجهه حالياً".

وأوضح مدير مركز التغيّر المناخي ودراسات السياسة ليفنت كورناز أنّ "المسألة مرتبطة بشكل مباشر بالغذاء والزراعة"، مؤكّداً أنّه "إن لم يكن بإمكانك إطعام نفسك فإنك في مشكلة كبيرة".

واستجاب إردوغان إلى الدعوات فنظمّ اجتماعاً لمجلس المياه في آذار، لكن الخبراء يصرون على أنّ "الحكومة لا تأخذ المسألة على محمل الجدّ بشكل كاف".

وذكرت أوزكان التي لم يتمّ تسجيل حزبها رسمياً رغم أنّه تقدّم بطلب العام الماضي "يفترض بأن الحكومة تعترف بالتغيّر المناخي لكنها لا تبادر للنظر في المشاكل الحقيقة الذي يتسبّب به".

وأشار كورناز بدوره إلى "التأثير الأوسع للمياه على المنطقة"، علماً أنّ تركيا تطل على نهري دجلة والفرات اللذين يصلان إلى سوريا والعراق.

وأكّدت شنجان "أهمية خلق مرونة في ما يتعلّق بالمياه نظراً إلى أن هطول الأمطار سيتراجع جرّاء التغيّر المناخي في منطقة المتوسط".

ويزداد الاهتمام الشعبي بمسألة البيئة إذ أظهرت دراسة في تشرين الثاني 2020 بأنّ القضية تثير قلق 70 في المئة من الأتراك.

وبالنسبة لكورناز، ليس هناك بلد واحد مستعدّ لمواجهة أزمة المناخ، فيما "تقلّل" السّلطات المركزية والمحلية على السواء من خطورة القضية، مشيراً إلى أنّه "إذا لم تتعلّم وحدث أمر جلل، فستبدو غير جاهز مجدّداً".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم