الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

كيف يعقّد ارتفاع أسعار الطاقة مواجهة التغيّر المناخيّ؟

المصدر: "النهار"
دخان يتصاعد من أبراج التبريد في محطة شولفن للطاقة التي تعمل بالفحم في غلزنكيرشن بألمانيا (أ ف ب).
دخان يتصاعد من أبراج التبريد في محطة شولفن للطاقة التي تعمل بالفحم في غلزنكيرشن بألمانيا (أ ف ب).
A+ A-

رأى الكاتب السياسي في صحيفة "نيويورك تايمس" براد بلومر أنّ ارتفاع أسعار الطاقة يعقّد مكافحة التغير المناخي. فقد بلغت أسعار النفط العالمية أعلى مستوى لها خلال سبعة أعوام (قرابة 90 دولاراً للبرميل) بسبب تطورات سياسية عالمية من بينها الخوف من اجتياح روسي لأوكرانيا. وارتفع الطلب العالمي على الفحم، وهو أكثر وقود أحفوري تلويثاً، إلى مستويات قياسية مع تعافي الاقتصادات من تأثير جائحة "كورونا".

حتى مع استثمار الحكومات والأعمال في مصادر الطاقة المنخفضة الكربون مثل الرياح والطاقة الشمسية، سيبقى العالم معتمداً بشدة على الوقود الأحفوري خلال السنوات المقبلة، لذلك ثمة حاجة إلى مرحلة انتقالية تدار بعناية.

أضاف بلومر أن الاستثمار العالمي في مشاريع النفط والغاز تراجع بـ30% في 2020 وظل تعافيه بطيئاً. لكن الطلب العالمي على النفط ارتفع سريعاً ومن المتوقع أن يبلغ أرقاماً قياسية هذه السنة. وعانت الإمدادات في تلبية الطلب. في هذه الأثناء، أدت التطورات في قازاقستان والمخاوف من اجتياح روسي لأوكرانيا إلى رفع الأسعار نحو أعلى مستوى لها في 2014.

وأعلنت "إكسون موبيل" مؤخراً أنّها ستزيد الإنفاق على الآبار النفطية الجديدة ومشاريع أخرى بنسبة 45% بعد الإبلاغ عن أرباح بقيمة 23 مليار دولار في 2021، وهو أفضل رقم لها في سبعة أعوام. وحذّرت مؤسسة الرأي البريطانية "كربون تراكر" من أنّ ارتفاع أسعار النفط قد يدفع شركات الطاقة إلى الاستثمار بمليارات الدولارات في مشاريع التنقيب التي يمكن أن تقوّض الجهود الدولية في محاربة التغير المناخي.

في الولايات المتحدة، كان ارتفاع أسعار البنزين بدولار واحد عن السنة الماضية عبئاً على شعبية الرئيس جو بايدن الذي يعاني في إقناع الكونغرس بتمرير سياسات مناخية لتخفيف انبعاثات الوقود الأحفوري. في الوقت نفسه، دافعت إدارة بايدن عن خطوات لاستصدار رخص تنقيب جديدة عن النفط والغاز على الأراضي العامة.

لكن ارتفاع أسعار النفط ليس دوماً خبراً سيئاً للطاقة النظيفة بحسب الكاتب. فهو قد يدفع الناس إلى شراء السيارات الكهربائية التي شكلت السنة الماضية 20% من جميع المبيعات الجديدة في أوروبا و15% في الصين.

خلال الأشهر الأخيرة، عانى العالم من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي الذي يغذي منشآت الطاقة وتدفئة المنازل. أدى ذلك إلى أزمة حادة خصوصاً في أوروبا حيث ارتفعت أسعار الغاز خمسة أضعاف عما كانت عليه منذ عام. وثمة مؤشرات إلى أن هذا التطور قد يقوض وحدة الاتحاد الأوروبي حيال مكافحة التغير المناخي.

دعت بعض الدول مثل إسبانيا إلى الابتعاد بشكل أسرع عن الوقود الأحفوري لتقليص تعرض أوروبا لاهتزازات أسواق الغاز. لكن دولاً أخرى مثل بولونيا حثت على تأخير فرض سياسات مناخية صارمة وسط الأزمة. وهنالك احتمال في أن تطلق أسعار الطاقة المرتفعة اضطرابات مثل "السترات الصفر" في 2018 والتي دفعت باريس إلى التراجع عن خطط لزيادة الضرائب كوسيلة لتقليص الانبعاثات.

وأوضح بلومر أن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي عزز الطلب على الفحم الذي ينتج ضعفي حجم ثاني أوكسيد الكربون الذي تنتجه معامل الكهرباء العاملة على الغاز. بلغ استهلاك الفحم مستوى قياسياً في 2021 ومن المتوقع أن يرتفع أكثر في 2022 وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. يعود ذلك إلى ارتفاع الطلب على الكهرباء في دول مثل الصين والهند وانخفاض وتيرة الاستثمار في الطاقة المتجددة. وأجبر ارتفاع الأسعار العديد من منشآت توليد الطاقة الكهربائية على التحول إلى الفحم.

في الولايات المتحدة، ومع التقدم في تقنية التصديع التي أدت إلى ازدهار إنتاج الغاز الداخلي، أصبحت الدولة واحدة من كبار مصدّري الغاز الطبيعي المسال. أصبحت الصادرات الأميركية مصدراً أساسياً للإمداد خلال الأزمة الأخيرة. لكنها رفعت الأسعار في الداخل مما دفع بعض المرافق إلى الاستدارة نحو تشغيل محطات الفحم الخاصة بها في كثير من الأحيان.

في مقال حديث، كتب المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول أنّ سياسات التغيّر المناخي ليست المسؤولة عن أزمة الطاقة الدوليّة لكنه حذّر من أنّ الطريق إلى صفر انبعاثات لن يكون سلساً. ولفت إلى أنّه من أجل وقف الاحترار العالمي عند 1.5 درجات مئوية بالمقارنة مع الحقبة ما قبل الصناعية، سيكون هناك حاجة لأن تتضاعف الاستثمارات الدولية في الطاقة النظيفة ثلاث مرات عما هي عليه اليوم بحلول 2030.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم