ثلاث نساء "فوق العادة" في حياة "سيّد الإليزيه"

تتابع الصّحف الأجنبيّة يوميّات الرئيس إيمانويل ماكرون، وكواليس حياته الخاصّة، في محاولة لكشف دور ثلاث سيّدات في حياته: الأولى جدّته "جيرمين نوجيس" المعروفة بمانيت نوجيس، الثانية أمّه فرانسواز، المستشارة الطبّية لصندوق التأمين الصحّي الأساسيّ في بيكاردي، التي انفصلت في العام 2010 عن والده المتخصّص في علم الأعصاب واضطرابات النوم والصّرع في مستشفى جامعة "أميان" الدكتور جان ميشال ماكرون، والثالثة زوجته بريجيت، التي تكبر والدته بثلاث سنوات.
 
  
 
والدة ماكرون لم تحبّذ كما والده جان ميشال زواج إيمانويل وبريجيت ماكرون في العام 2007. يكشف مقال في وكالة الصحافة الفرنسية ردّة فعل الوالدين بالقول إنّ الطبيبين جان ميشال ماكرون وفرانسواز نوجيس تحفّظا للغاية على هذه العلاقة.

لكن فرانسواز نوجيس، والدة الرئيس الفرنسي الحالي، تحدّثت الى الإعلام خلال خوض ابنها إيمانويل استحقاق الولاية الثانية لرئاسة فرنسا، فعرضت بإسهاب كواليس حياة الزوجين ماكرون في حديثٍ لها، نُشر في كتابٍ، حمل عنواناً لافتاً "ما دمنا جميعاً" بقلم غايل تشاكالوف، صدر في العام 2021، ولاقى رواجاً بين العامّة والصِّحافة.

فرانسواز البالغة من العمر 72 عاماً، والتي ردّدت أخيراً أنها تعتبر بريجيت صديقتها أكثر منها زوجة ابنها إيمانويل، قالت: "بالنسبة إليّ، بريجيت ليست زوجة ابني. هي صديقة لا مثيل لها. لدينا علاقات وأولويات مشتركة". لكن قبول واقع العلاقة بين ابنها وزوجته تطلّب منها وقتاً طويلاً. 
 

بين المرأتين
  
 
يورد  الكتاب "ما دمنا جميعاً" أن فرانسواز دأبت على الحديث بشأن علاقتها بالمرأة التي قلبت حياة ابنها رأساً على عقب عندما كان طالباً في المدرسة الثانوية فقط، وتوقّفت عند بريجيت ماكرون، مُشيرة إلى أنها عرفتها، وأعجبت بها، لأنها كانت معلّمة اللغة الفرنسيّة لابنتها الصغرى إيستيل، التي كشفت للمؤلف بأن "بريجيت عاشت في الشارع بيننا وبين والدَيّ"، مشيرة إلى أنّها كانت تراها كثيراً.

لا يحتاج الكاتب غايل تشاكالوف إلى تذكير القارئ بأن الوالدة، التي كانت تفضّل مناداة إيمانويل بـ"مانو"، استغرقت أعواماً عدّة لكي تفهم أن مانو بدأ قصّة حبّ حياته". وقد 
كشفت الوجه الآخر لابنها العنيد بقولها: "أنا أعرف مانو، يتمسّك بأيّ فكرة تتربّص بذهنه، وتتكرّر في رأسه وتلازمه من دون أيّ كلل".

وذكرت أنّ هذه الفكرة كانت تعود فعلياً لوعد قطعه إيمانويل لمعلّمة المسرح بريجيت، بأنّ يتزوّجها يوماً ما، وهذا ما حصل في 20 تشرين الأول 2007 في "لو توكيه"، حين كان إيمانويل في الـ30 من عمره، وبريجيت في الـ54 عاماً.
 
 
وفي ما خصّ الإنجاب، أشارت إلى أنها رافقت الثنائي في إجازة، وسرعان ما أدركت أن عدم إنجاب مانو لأطفال لم يكن أمراً ضرورياً.
 
وذكرت أنّ من الواضح أن مانو لا يُمكنه إنجاب أربعة أطفال كما هي حال شقيقه لوران، مع العلم أنّها أيقنت بأنّ الأطفال ليسوا أولويّة عند الثنائيّ ماكرون.

الجدّة والحفيد المحبوب
لم يلقَ إيمانويل ماكرون في صغره عاطفة توازي اهتمام جدّته جيرمين نوجيس، التي تُوفيت في العام 2013 عن عمر يناهز الـ96 عاماً.
 

في التفاصيل أن "جيرمين" ولدت في مدينة "تارب" خلال الحرب العالمية الأولى لأبوين متواضعين للغاية، ولم يكن بإمكانهما القراءة والكتابة، ولا حتّى التحدّث باللغة الفرنسيّة جيّداً. كان الأب يعمل في مزرعة، لكن الابنة جيرمين كانت طموحة جداً لدرجة أنّها أصبحت معلّمة لمادة الجغرافيا فمديرة مدرسة.

عندما أحيلت على التقاعد، جاءت لتستقرّ بالقرب من ابنتها فرانسواز، خاصّة بالقرب من حفيدها المحبوب إيمانويل الصغير. وأشارت المعلومات إلى أنّها كانت تأخذه كلّ ليلة بعد المدرسة، لتنقل إليه شغفها بالأدب، وتعلّمه القواعد والتاريخ والجغرافيا، وكذلك البيانو.

كانت الجدّة جيرمين وحفيدها مقرّبين جداً لدرجة أن إيمانويل ماكرون كان يسأل والديه عمّا إذا كان بإمكانه الانتقال للعيش معها وسط رفض تامّ من الوالدين لهذا القرار.

وذكرت المعلومات أنه عندما بدأ إيمانويل ماكرون علاقة مع مدرّسته للّغة الفرنسية، بريجيت تروجنو، التي تكبره بـ24 عامًا، قبلته جيرمين الجدّة، واستضافت اللقاءات الأولى للثنائي في منزلها. أخبر ماكرون الصحافيّة كورين لايك بأنّ الجميع عارضوا هذه العلاقة باستثناء جدّته جيرمين، التي اهتمّت ببريجيت، وهو أجمل دليل على الحبّ غير المشروط.
 

استمرّت العلاقة الخاصّة والمميّزة بين الحفيد وجدّته حتى النهاية. ماتت جيرمين بين ذراعي إيمانويل ماكرون. وهو لا يزال حتى اليوم يقول إنه يعمل "تحت نظرها"، ويتساءل عمّا كان يمكن أن يكون رأيها بالقرارات التي يتّخذها.

في العام 2013، وتحديداً في يوم وفاتها، كان ماكرون نائب الأمين العام في الإليزيه. غادر العمل فوراً متخطّياً اجتماعاً مهمّاً يرأسه الرئيس الفرنسي السّابق فرانسوا هولاند، الذي لم يفهم كيف يُمكن أن يتأثّر المرء، في سنّ الخامسة والثلاثين، بموت جدّته.

Rosette.fadel@annahar.com.lb
Twitter:@rosettefadel