الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"أحد أحلك الأيام" في تاريخها... الأصوات تتعالى لتنحية ترامب وبايدن يحاول تضميد جراح أميركا

المصدر: "أ ف ب"
ليلة الشغب الأميركية في الكونغرس (أ ف ب).
ليلة الشغب الأميركية في الكونغرس (أ ف ب).
A+ A-
غداة يوم صاخب اهتزت له أميركا، استنكر الرئيس المنتخب جو بايدن الخميس الهجمات المتكررة التي شنّها دونالد ترامب على المؤسسات الديموقراطية، من دون أن يحدد موقفه من الدعوات المنادية بتنحيته على الفور.

ويبدو ترامب أكثر عزلة في حين يتولى بايدن الذي سيُنصّب بعد 13 يوماً دور القائد المكلّف تضميد جراح أميركا المكلومة التي شهدت "أحد أحلك الأيام" في تاريخها.

وقال بايدن من معقله في ويلمنغتون على بعد أقل من 200 كلم من واشنطن العاصمة إنّ ترامب ومنذ أربع سنوات "ضاعف الهجمات" ضد المؤسسات الديموقراطية.

قبل ذلك بدقائق، جاءت الاستقالة الأولى من حكومة ترامب من وزيرة النقل إيلين تشاو، وهي زوجة زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.

وقالت تشاو، في بيان نشرته على حسابها في "تويتر"، إنّها اتّخذت هذه الخطوة لأن ما حصل في الكابيتول كان "حدثاً صادماً كان من الممكن تجنّبه تماماً، وقد أزعجني كثيراً لدرجة أنّني لا أستطيع تجاهله".

وغداة أعمال العنف التي نفذها أنصار ترامب في مبنى الكابيتول، انضم نائب جمهوري إلى الأصوات المطالبة بتنحيته قبل أقل من أسبوعين من انتهاء ولايته.

وقال النائب الجمهوري آدم كينزينغر من إلينوي بعد الفوضى التي حدثت الأربعاء في واشنطن، إنّه "حان الوقت لاستحضار التعديل الخامس والعشرين وإنهاء هذا الكابوس". وأضاف: "الرئيس غير مؤهّل. والرئيس مريض".

ودعا زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ السناتور تشاك شومر نائب الرئيس إلى تنحية ترامب الذي اتهمه "بتحريض" أنصاره على العنف.

ولفت شومر، في بيان، إلى أنّه "لا ينبغي للرئيس أن يبقى في منصبه ولو ليوم واحد بعد الآن"، مهدّداً بمحاكمة ترامب في الكونغرس بهدف عزله إذا لم تبادر حكومته إلى تنحيته بموجب التعديل الخامس والعشرين للدستور والذي يجيز لنائب الرئيس وغالبية أعضاء الحكومة أن يعزلوا الرئيس إذا ما وجدوا أنّه "غير قادر على تحمّل أعباء منصبه".

وأضاف أنّ "ما حصل في الكابيتول أمس (الأربعاء) كان تمرّداً ضدّ الولايات المتّحدة بتحريض من الرئيس"، محذّراً من أنّه "إذا رفض نائب الرئيس والحكومة" إقالة ترامب "فينبغي على الكونغرس أن يجتمع لإطلاق آلية عزل الرئيس".

بدورها، دعت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تنحية الرئيس، معتبرة هذه الخطوة "أمراً ملحّاً بالغ الأهمية".

وكانت مجموعة من الديموقراطيين في مجلس النواب تستعد صباح الخميس لعرض المواد التي يمكن بموجبها عزل ترامب.

تمرّد

وصادق نائب الرئيس مايك بنس منتصف ليل الأربعاء الخميس أمام مجلسي الكونغرس على انتخاب بايدن رئيساً خلال جلسة كان يفترض أن تكون شكلية لكنها ووجهت بما وصفه بايدن بأنه "تمرد" و"ما هو أقرب إلى الفتنة"، عندما اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول وتسبّبوا بوقف المناقشات.

لكنّ الصور التي التقطت داخل مبنى الكابيتول العريق، مقرّ الكونغرس في واشنطن، ستدخل التاريخ سواء تلك التي ظهر فيها نواب يضعون أقنعة للغاز أو شرطيون مدنيون يشهرون أسلحتهم أو متظاهرون يجلسون في مكاتب البرلمانيين. فقد أثارت هذه المشاهد الاستياء والسخط عبر العالم، وألحقت الضرر بصورة الولايات المتحدة التي تنصب نفسها نموذجاً للديموقراطية.

وقال بايدن الأربعاء: "مهمّتنا اليوم ولأربع سنوات مقبلة هي إفساح المجال لتجديد السياسة التي تهدف إلى حل المشكلات وليس صب الزيت على نيران الكراهية والفوضى".

وأضاف السياسي الذي يحظى باحترام كبير في واشنطن، أنّ "أميركا بنيت على الشرف واللياقة والاحترام والتسامح".

أما ترامب الذي حجبه موقعا "فايسبوك" و"تويتر"، الأول لأجل غير مسمى والثاني لساعات عدّة، فلم يصدر عنه على غير عادة أي تصريح منذ بث مقطع فيديو قصير دعا فيه المتظاهرين إلى "العودة إلى ديارهم"، مع إصراره على الإعلان من دون أي دليل على أن الانتخابات "سُرقت".

وفي بيان مقتضب، التزم بعدها ببساطة بنقل "منظّم" للسلطة، مؤكداً من جديد "اختلافه التام" مع النتيجة.

هذا كثير

ويسود قلق واضح داخل الحزب الجمهوري وحكومته وفريق المقربين منه.
فقد أدى تشبثه بموقفه إلى ابتعاد قسم من معسكره عنه. فهم يعدون لما بعد هذه المرحلة، بعضهم بالابتعاد عنه، مثل ميك مولفاني، مبعوث الولايات المتحدة في أيرلندا الشمالية، الذي استقال.

وقال الرجل الذي كان مدير مكتب الرئيس المتقلب لمحطة "اس ان بي سي": "لا يمكنني البقاء، ليس بعد ما حدث أمس. لا يمكن أن ترى ما حدث أمس وترغب في أن تكون جزءًا منه بطريقة ما".

كما أعلن عدد من أعضاء مجلس الأمن القومي ترك مناصبهم.

من جانبه، أعلن السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الحليف المقرب لدونالد ترامب، خلال الليل أنه لم يعد يسير خلفه: "أنا خارج الموضوع. هذا كثير، كثير جدّاً".

وكانت وسائل إعلام أميركية أفادت، مساء الأربعاء، أنّ عدداً من الوزراء في إدارة ترامب ناقشوا إمكانية تنحيته ويتطلّب تفعيل المادة الدستورية ذات الصلة أن تجتمع الحكومة برئاسة مايك بنس للتصويت على قرار التنحية.

وانقلب العديد من حلفاء ترامب عليه بعدما اقتحم أنصاره مبنى الكونغرس في واشنطن إيماناً منهم بما يكرّره دوماً من أنّ الانتخابات الرئاسية "سُرقت" منه.

ومنذ أكثر من شهرين، يرفض رجل الأعمال النيويوركي السابق الذي وصل إلى السلطة في عام 2017 دون أن تكون لديه أي خبرة سياسية، القبول بهزيمته ويؤجج الانقسام في البلاد من خلال التلويح بنظريات المؤامرة.

وتعتبر مشاهد العنف الأربعاء، بالنسبة للكثيرين، تتويجاً لتلك الحملة الصاخبة.

وقال باراك أوباما إن العنف الذي شهدته واشنطن هو "لحظة خزي وعار" على أميركا، "ولكنها ليست مفاجئة".

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنّ حليفه السابق "مخطئ تماماً" لأنّه "شجّع الناس على اقتحام مبنى الكابيتول وشكّك على الدوام بنتيجة انتخابات حرّة ونزيهة... وأنا أدين بدون أي تحفّظ تشجيع أناس على التصرّف بطريقة مخزية كما فعلوا في الكابيتول".

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إنّها تشعر "بالحزن والغضب"، ملقية باللوم على ترامب على الأقل جزئياً.

ولدى خصوم الولايات المتحدة، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أنّ هذه الأحداث تظهر أن الديموقراطية الغربية "هشة وضعيفة".

وعلى الرغم من توليه السلطة في وقت صعب في التاريخ الأميركي، سيستفيد جو بايدن من جميع أدوات السلطة لمدة عامين على الأقل.

إذ وقعت أحداث العنف في اليوم التالي من انتخابات فرعية في جورجيا فاز بها الديمقراطيون واستعادوا بالتالي السيطرة على مجلس الشيوخ من الجمهوريين.

فقد هزم المرشح الديموقراطي رافاييل وارنوك السناتورة الجمهورية كيلي لوفلر ودخل التاريخ كأول سناتور أسود ينتخب في هذه الولاية الجنوبية المحافظة تقليديا.

وفاز جون أوسوف بالمقعد الثاني الحاسم في مجلس الشيوخ في جورجيا ليصبح في سن الثالثة والثلاثين أصغر سناتور ديمقراطي منذ جو بايدن في عام 1973.

وسيحصل الديموقراطيون على 50 مقعدًا في مجلس الشيوخ مثل الجمهوريين. ولكن الدستور يعطي نائبة الرئيس كامالا هاريس سلطة ترجيح الأصوات، وبالتالي قلب الميزان لصالح حزبها.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم