الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كيف سيقارب "الرئيس" بايدن ملفّ سوريا؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
Bookmark
المرشّح الديموقراطيّ للانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن (أ ف ب).
المرشّح الديموقراطيّ للانتخابات الرئاسية الأميركية جو بايدن (أ ف ب).
A+ A-
مع حسم هويّة الرئيس الأميركيّ المقبل في تشرين الثاني، تكون الأزمة السوريّة قد اقتربت من إتمام عامها العاشر. لن تكون سوريا أولويّة مطلقة في السياسة الخارجيّة الأميركيّة، مع تقدّم ملفّات أخرى كالعلاقات مع الصين والاتّحاد الأوروبّيّ وروسيا. 

لكنّها ستكون بالتأكيد من بين المسائل الهامّة على أجندة الرئيس المقبل، خصوصاً لناحية ارتباطها بالنفوذ الإيرانيّ في المنطقة وأمن إسرائيل، الحليف التاريخيّ للولايات المتّحدة.

ما هو واضح

لا يزال المرشّح الديموقراطيّ جو بايدن بعيداً من حسم السباق الرئاسيّ بما أنّ تقدّمه على منافسه دونالد ترامب في الولايات المتأرجحة لا يزال عند حدود هامش الخطأ في استطلاعات الرأي. لكنّ ذلك لا يمنع من محاولة استشراف بعض النقاط في سياسته السوريّة لو فاز في الانتخابات بعد أقلّ من شهرين.

لم يقل بايدن الشيء الكثير عن سوريا خلال حملته الانتخابيّة. أغلب تصريحاته القليلة كانت أقرب إلى العموميّات. ما هو واضح في سياسته السوريّة رغبته في مواجهة النفوذ التركيّ. لذلك، كان من أشدّ المنتقدين لترامب حين أعاد نشر قوّاته لتتمكّن أنقرة من التوغّل في شمال سوريا.

ويعدّ بايدن من "الصقور" ضدّ تركيا حتى أنّه دعا في كانون الأوّل 2019 إلى التعاون مع المعارضة من أجل إطاحة الرئيس التركيّ رجب طيّب إردوغان عبر صناديق الاقتراع. لكن بالنظر إلى تعقيدات هذا الملفّ، لا ينطبق مَثلُ "عدوّ عدوّي صديقي" في سوريا. فعلى الرغم من نظرته إلى إردوغان، لا يرى بايدن في الرئيس السوريّ بشّار الأسد صديقاً للولايات المتّحدة، أقلّه لغاية اليوم.

 

مرآة

كان بايدن نائباً للرئيس الأميركيّ الذي اندلعت الأزمة السوريّة تحت ناظريه من دون التمكّن من حلّها ورسم استراتيجيّة واضحة باتّجاه أو بآخر. يرى البعض أنّ الإخفاق الأكبر لأوباما طوال فترة النزاع هو عدم التزامه بالخطّ الأحمر الذي فرضه لجهة منع استخدام السلاح الكيميائيّ ضدّ المدنيّين السوريّين.

في ذلك الوقت، كان بايدن واضحاً في تعليقه على الهجوم الذي استهدف الغوطة الشرقيّة. "لا شكّ في هويّة المسؤول عن هذا الاستخدام الشنيع للأسلحة الكيميائيّة في سوريا: النظام السوريّ". وقال إنّ أولئك الذين يستعملون السلاح الكيميائيّ ضدّ مواطنين عزّل يجب أن يُحاسَبوا. لكن في نهاية المطاف، تمكّن الروس من إقناع إدارة أوباما بالاكتفاء بالتخلّص من ترسانة دمشق الكيميائيّة.

يعتقد مراقبون أنّ أوباما كان في مرحلة تقارب مع إيران وأراد إنجاز الاتّفاق النوويّ بأيّ ثمن فلم يُرد إغضاب طهران في سوريا، كي يحقّق هدفه. لذلك، يمكن أن تكون سنة 2021 مرآة لما حصل سنة 2013 لجهة الترابط بين الملفّين.

إلى الآن، لا يزال بايدن مصمّماً على تقييد السلوك الإيرانيّ في المنطقة وتوسيع الاتّفاق النوويّ. وهذا مؤشّر إلى أنّ الرئيس الديموقراطيّ المحتمل سيسعى إلى تفكيك التحالف بين دمشق وطهران. هذا في الإطار العام. أمّا في ما يتعلّق بنقاط أكثر تفصيلاً، فيبدو أنّ هنالك توجّهاً لدى إدارة بايدن في مواصلة سياسة شبيهة بسياسة إدارة ترامب.

بين التقدّميّين والمعتدلين

يقول مسؤولون في حملة بايدن للكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" جوش روغين إنّ إدارته ستعيد الانخراط ديبلوماسيّاً في سوريا و"تزيد الضغط على الأسد وتحجب الدعم الأميركيّ عن إعادة إعمار سوريا، قبل الموافقة على وقف أعماله الوحشيّة وتقاسم السلطة".

يذكر روغين وجود انقسام في الحزب الديموقراطيّ حول سوريا. يلوم تقدّميّون كثر واشنطن على مآسي سوريا، لكنّ بايدن ونائبته كامالا هاريس يلومان الأسد وروسيا وإيران. وتأسّف مستشار بايدن للسياسة الخارجيّة طوني بلينكن بسبب عدم تمكّن إدارة أوباما من إنهاء المأساة مؤكّداً ضرورة التصرّف هذه المرّة لو وصلوا إلى سدّة الحكم. لكنّ ستيفن سايمن الذي وقف بقوّة ضدّ الضغط على الأسد هو عضو في الفريق الاستشاريّ لحملة بايدن حول شؤون الشرق الأوسط، فيما يجادل آخرون بأنّه واحد من 100 عضو وبذلك، لا يعكس وجهة نظر الحملة.

سرعان ما ردّ سايمن على روغين وكتب أنّ ما يهمّه من رفع العقوبات هو الشعب السوريّ الذي يتضرّر منها في المقام الأوّل، مشيراً إلى أنّ الأسد ليس واقعاً أساساً تحت ضغط كبير. واتّهم الحكومة السوريّة بأنّها المسؤولة عن معاناة الشعب السوريّ، مستدركاً بأنّها تملك حلفاء فعّالين وغطاء ديبلوماسيّاً في مجلس الأمن بينما المعارضة مفكّكة. وطالب برفع العقوبات وبإعادة تدريجيّة لعائدات النفط إلى الحكومة السوريّة وفقاً لترتيب متشدّد معها. وختم: "نعم هذا سيترك الأسد في الرئاسة حاليّاً وسيتطلّب تأجيل محاسبته لانتهاكات حقوق الإنسان. لكنّ الشعب السوريّ يأتي أوّلاً".

ومع ذلك، ثمّة تحليلات ترى أنّ ما يقترحه سايمن يهدف أساساً إلى خدمة الأسد، وقد زار الأوّل سوريا في بداية العام بشكل سرّيّ وقد التقى بمسؤولين فيها من بينهم الرئيس السوريّ. حتى المقال الذي كتبه قبل أسابيع في مجلّة "فورين أفيرز" لم ينتقد النظام إلّا بكلمة عابرة.

تشابه بتأثيرات مختلفة

بغضّ النظر عن نوايا سايمن، وحتى عن تأثيره على حملة بايدن وسياسته الخارجيّة في حال فوزه، ثمّة مقاربة أخرى تجد أنّ أيّ سياسة لتسهيل حياة المدنيّين في سوريا سيستفيد منها حكماً الرئيس السوريّ بشّار الأسد. وهذا ما كتبه إياد يوسف في مجلّة "فورين بوليسي" منذ ثلاثة أشهر.

ولفت النظر إلى أنّ سياستي ترامب وبايدن ستكونان متشابهتين إزاء سوريا ولن ترفعا العقوبات عنها، لكن ما قد يختلف هو احتمال رفع بايدن بعض العقوبات عن إيران ممّا يعني المزيد من الأموال التي ستُخصّص لصالح الأسد.

يبقى استشراف سياسة بايدن السوريّة ضمن إطار التكهّنات حاليّاً بوجود مؤشّرات قليلة صادرة عنه أو عن حملته إلى هذا الموضوع. ولا يزال المراقبون بانتظار إعلانه سياسة أكثر تفصيلاً. لكنّ الترجيح الراهن يميل لمصلحة مواصلة إدارة ديموقراطيّة بقيادته سياسة شبيهة بتلك التي تعتمدها الإدارة الجمهوريّة حاليّاً. لذلك، قد لا يكون رفع الضغط عن الحكومة السوريّة ضمن خطط بايدن الأولى في حال دخوله البيت الأبيض. وعلى أيّ حال، لن يتوفّر الجواب النهائيّ قبل معرفة هويّة مستشاريه في الإدارة المقبلة.

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم