الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل خدم زيمور لوبن في حملتها الانتخابية؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
صورة مركّبة للوبن وزيمور - "أ ف ب"
صورة مركّبة للوبن وزيمور - "أ ف ب"
A+ A-

"إنّه لَوَهمٌ (اعتبار) أنّ هذه الانتخابات حُسمت لصالح السيد ماكرون. مع نسبة مرتفعة من الامتناع عن المشاركة، وهي محتملة، ومع مستوى من الكراهية تجاه الرئيس بين بعض الناس، يمكن أن يكون هنالك مفاجأة حقيقية. فكرة أنّ لوبن ستفوز ليست مستحيلة". هذا ما قاله المؤلف والأستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس نيكولا تنزر لصحيفة "نيويورك تايمس"، حتى قبل صدور آخر استطلاع رأي يظهر المزيد من التقدّم لصالح زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبن. طوال الأشهر القليلة الماضية، بدت المعركة الرئاسية الفرنسية شبه محسومة لصالح الرئيس الحالي. لكنّ أحدث استطلاعات الرأي حملت مفاجآت.

 

مكسب أسبوعي كبير

قالت شركة "هاريس إنتراكتيف" إنّ انتصار ماكرون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئسية المزمع إجراؤها في 24 نيسان بات "ضمن هامش الخطأ" في استطلاعات الرأي، حيث سيحصد 51.5% من الأصوات مقابل 48.5% لمنافسته لوبن. وستجري الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الأحد المقبل حيث من المتوقع أن يحصد الصحافي واليميني المتطرف المثير للجدل إريك زيمور 9.5% من الأصوات وفقاً للاستطلاع نفسه. وسيحصد مرشّح "فرنسا غير الخاضعة" اليساري جان لوك ميلانشون على 17% من الأصوات ولوبن على 23%. بينما سيحتلّ ماكرون المرتبة الأولى مع توقّع بحصده 26.5% من نوايا التصويت.

 

ووجدت مجموعة "إيفوب-فيدوسيال" الاثنين أنّ ماكرون سيحصل على 53% من الأصوات مقابل 47% للوبن التي كسبت ثلاث نقاط في أسبوع واحد. وحققت لوبن مكسباً أسبوعياً بثلاث نقاط أيضاً وفقاً لاستطلاع آخر نشرته الثلاثاء "إيبسوس سوبرا-ستيريا" لكنّ الفارق بدا أوسع لصالح الرئيس الفرنسي (56 مقابل 44%). في الجولة الثانية من مواجهة 2017 الرئاسية، كان الفارق أكبر بكثير: 66 مقابل 34% لصالح ماكرون. لكن يبدو أنّ الكثير تغيّر خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.

 

الرئيس منشغل

عملت لوبن على تليين خطابها السياسي وتغيير صورتها من سياسة راديكالية معارضة للنظام إلى زعيمة سياسية أقرب إلى التقليد بحسب مراقبين. لقد ابتعدت عن التركيز على القضايا المتعلقة بالإسلام والهجرة لصالح تسليط الضوء على المشاكل الاقتصادية. في الوقت نفسه، شتّت الغزو الروسي لأوكرانيا اهتمامات ماكرون بحملته الانتخابية. لكنّ الغزو أفاده في البداية مع ارتفاع شعبيته. عادة ما تعزّز الأزمات الدولية شعبية الرؤساء أو رؤساء الحكومات.

 

هذا ما حصل مثلاً مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان. ويبدو أنّ ماكرون لم يكن مستثنى من هذه القاعدة. لكن مع اقتراب الانتخابات، بدأ ماكرون يفقد تقدّمه تدريجياً مع بقائه بعيداً من الأضواء السياسية الداخلية. يمكن أن يعزى الأمر إلى انشغالاته الأوروبية، لكنّه لن يستطيع تجنّب انتقادات مفادها أنّه يتهرّب من تقديم كشف حساب عمّا حققه في ولايته الأولى. ولم يطلق حملته الانتخابية سوى في عطلة نهاية الأسبوع الماضي حين أطلّ على مناصريه في إحدى ضواحي باريس.

 

ليست كذلك

تقول المواطنة الفرنسية إليزابيت، 68 عاماً، إنّ الناس اعتادوا التفكير في أن لوبن "بغيضة". "الآن يدركون أنها ليست كذلك. سياسيون آخرون يأخذون من أفكارها. جميعهم يتحدّثون مثلها الآن". إليزابيت التي عبّرت عن موقفها خلال حديث إلى صحيفة "الغارديان"، صوّتت لليسار في السابق. اشتكت إليزابيت من عدم كفاية معاشها التقاعديّ الذي بالكاد يغطّي الفواتير والغذاء كما أيّدت لوبن في سياسات الهجرة حيث قالت إنّ "الأوروبيين" باتوا أقل عدداً في شمال مرسيليا وقد تعرّضت للسرقة مرتين. لوبن "ستهدّئ الأمور".

 

إليزابيت لن تكون "اليسارية" الوحيدة التي ستصوّت لصالح لوبن في الدورة الثانية. بحسب استطلاع رأي لشركة "إيلابي"، سيشارك أكثر من 50% من ناخبي جان لوك-ميلانشون في الجولة الثانية من الانتخابات. من بين هؤلاء، سيصوّت قرابة 3 من أصل 4 أشخاص لصالح لوبن.

 

"يجب علينا وقف تسخيف مارين لوبن"، تقول وزيرة العمل إليزابيت بورن. فالمرشّحة باتت تتمتّع بصورة أكثر تعاطفاً. "لكن خلف (تلك الصورة) اليمين المتطرّف". وانضمّ آخرون إلى بورن في رفض نظرة أنّ لوبن سياسيّة سخيفة. "لفّت لوبن نفسها برداء من السخافة لتخفي ما هي عليه"، وفقاً لما قاله رئيس تجمع نواب "الجمهورية إلى الأمام" في الجمعية الوطنية كريستوف كاسانيه يوم الأحد. واعترف بأنّ تياره لم ينجز كل شيء وفقاً للمقتضى.

 

محاولات لوبن وخدمة الخصوم

تحاول لوبن الجمع بين برنامجي ميلانشون وزيمور عبر التوجّه إلى الناخبين بالقول إنّها ضامنة لـ"الأمن الاجتماعي" الذي يدافع عنه الأول، كما لـ"الأمن الحضاريّ" الذي يطغى على برنامج الثاني، وفقاً لموقع "لانترنوت" الفرنسيّ.

 

من جهته، رأى عالم السياسة والاجتماع الفرنسي المتخصص في شؤون اليمين المتطرف إروان لوكور أنّ برنامج لوبن لا يزال يصنّف ضمن هذا اليمين على الرغم من بعض التحسين الجانبي الذي طرأ عليه منذ 2017. لكن ما حصل في الحملة الحالية، هو أنّ زيمور جعل من لوبن مرشّحة أكثر جدية وأكثر تعاطفاً، لأنّ زيمور نفسه برز قليل التعاطف ومتطرفاً جداً وفي أقصى اليمين. وقال لوكور في حديث إلى "فرانس إنفو" إنّ زيمور يشير إلى هدفه القاضي بجمع الناخبين على يمين اليمين، وهذا ما لم يعد هدف لوبن.

 

حتى على مستوى الشكل، كان زيمور أقسى بكثير من لوبن تجاه النساء واليسار، وقد تحدّث عن الاجتماعيين-الشيوعيين وهو ما لم يرد على لسان لوبن التي بدت أكثر حناناً وحمائية وفقاً للباحث نفسه.

 

ربّما أفاد ترشّح زيمور حظوظ لوبن. وهذا ما أشار إليه أيضاً تقرير لوكالة "فرانس برس". لكن بعد انتقالها المتوقّع إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، سيكون زيمور قد أصبح على الأرجح "فزّاعة" من الماضي، بانتظار ما إذا كان سيقرّر دعمها علناً أو لا. في جميع الأحوال، سيتوجّب على لوبن التركيز أكثر على صورتها خلال الأسبوعين المقبلين وهما المرحلة الأكثر حرجاً في الحملة الانتخابية. هذه الصورة، بحسب البعض، ومنهم وزيرة العمل الفرنسية إليزابيت بورن، لا تزال تخفي الوجه الحقيقيّ لليمين المتطرّف.

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم