"أسوأ يوم" في مسيرة زوكربيرغ
عند الساعة الثالثة والدقيقة 59 من بعد ظهر الثاني من شباط في التوقيت الشرقيّ، كانت قيمة شركة "ميتا" التي تعدّ المجموعة الأم لـ"فايسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب" تساوي 900 مليار دولار. عند الرابعة والنصف أصبحت تساوي 720 مليار دولار عاكسة انخفاضاً بـ22%، بعد ساعات على التداول بأسهم واحدة من أكبر وأقوى الشركات حول العالم، كما يفيد كيفين دوغان في "نيويورك ماغازين".
ومع افتتاح الأسواق الخميس، تم تداول أسهم "ميتا" عند مستوى أدنى بـ25% ممّا جعل قيمة الشركة تساوي قرابة 670 مليار دولار. كان الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرغ يستعدّ للإبلاغ عن عائدات شركته في الربع الرابع بعد ظهر الأربعاء. لكنّه كان يدرك أنّ تقريره سيظهر شيئاً مختلفاً: لم تعد الطريقة التي حقق بها نجاحاته فعالة، والمنافسون تمكّنوا من مناورته، ورؤيته حيال مستقبل "ميتافيرس" لا يشاطره إيّاها العالم الحقيقي. كان ذلك "أسوأ يوم في فترة حكم مارك زوكربيرغ" وفقاً لعنوان تقرير دوغان.
في صلب هذه الخسارة أمران: 3.3 مليار دولار من الخسائر عبر محاولة جعل طموحات "ميتافيرس" واقعاً، وتباطؤ في عائدات الإعلانات. سبب ذلك جزئياً هو الرئيس التنفيذي لشركة "آبل" تيم كوك الذي بدأ بحظر تتبع الإعلانات على أجهزة الشركة. وهذه مشكلة لأنّ ما جعل "فايسبوك" والتطبيقات المرتبطة ناجحة جداً في المقام الأول هو أفضيلتها في التسويق.
اعترف زوكربيرغ بأنّ الناس يمضون وقتاً أطول في مشاهدة الفيديوهات على "تيك توك". وقال: "على الرغم من أنّ وجهتنا واضحة، يبدو أنّ مسارنا قدماً ليس محدّداً بشكل مثاليّ". تساءل دوغان عمّا إذا كان بالإمكان آذان "وول ستريت" سماع أي شيء أقلّ إلهاماً من هذا الكلام.
ربما كانت المخبرة فرنسَس هوغان التي نشرت في الصيف مجموعة من الوثائق الداخلية التي أظهرت كيف علمت الشركة بشأن إضرار منتجاتها الصحة العقلية للأطفال، في الوقت نفسه الذي كانت تحاول تقديم "إنستغرام" للأطفال تحت 13 عاماً.
مهما كانت أسباب الخسائر، يبقى أنّ عدد مستخدمي منتجات الشركة تقلص عالمياً. وبقي عدد المستخدمين الأميركيين والكنديين لهذه المنتجات راكداً منذ الربع الأول في 2020. وتمكنت الشركة من تحقيق 39 مليار دولار من الأرباح السنوية، وهو مبلغ مذهل بصرف النظر عن كيفية تقييمه.
بدا زوكربيرغ مدركاً أنّ التيار كان ينقلب ضد الأعمال التي ظل يديرها طوال 18 عاماً. ويقول إنّ الناس باتوا أقل اهتماماً بشكل ضئيل بالمحتويات القادمة من الأصدقاء بالمقارنة مع المحتويات الأكثر عموماً. بمعنى آخر، بدأت تتلاشى اهتمامات المستخدمين بما يتحدث عنه أصدقاؤهم أو بمن يتزوج زملاؤهم.
كان زوكربيرغ يعدّ المساهمين لهذا التطور. وأعرب عن صراحة الصيف الماضي عندما لفت إلى أنّ طموحه قد يستغرق سنوات وربما عقداً قبل أن يترسّخ. قال زوكربيرغ منذ يومين إنّه يعتقد بحصول نوع من التطور في الإنترنت من النصوص إلى الصور فالفيديوهات القصيرة وأنّ القفزة النوعية المقبلة ستكون من نوع صور ثلاثية الأبعاد تُدفع إلى إطار الأحداث المثيرة للاهتمام في اجتماعات العمل والمكالمات عبر الفيديو.
يرى دوغان أنّ الكل سئم من الإنترنت كما هو اليوم. لهذا السبب، يحاول العديد من الناس ابتكار ما يرتبط بالمفهوم الفضفاض "ويب-3". لكنّ "وول ستريت" تتطلع دوماً إلى الأمام. هي مستعدة لإنفاق كميات هائلة من الأموال لصالح أشخاص لديهم أحلام كبيرة حتى ولو يكونوا يجنون المال، ويدعو دوغان سؤال إيلون ماسك عن ذلك.
إذا كان الناس يشترون نسخة زوكربيرغ عن مستقبل الإنترنت فسيكونون أكثر حماسة لمعرفة كيف أنفق 10 مليارات دولار السنة الماضية لبنائه. "أمّا بالنسبة إلى الآن، يبدو ‘فايسبوك‘ أكثر وأكثر مثل الماضي".