الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الفوضى غير مستبعدة... واشنطن تبدأ رسمياً سحب آخر جنودها من أفغانستان

المصدر: "أ ف ب"
القوات الأميركية في أفغانستان (أ ف ب).
القوات الأميركية في أفغانستان (أ ف ب).
A+ A-
تبدأ الولايات المتحدة رسمياً، اليوم، سحب آخر جنودها من أفغانستان، في عملية سيُشكل انتهاؤها خاتمة حرب استمرّت عشرين عاماً بالنسبة لواشنطن، لكن ستبدأ بعدها فترة انعدام يقين كبير في بلد يرزح تحت السيطرة المتزايدة لحركة "طالبان".

ويقول مسؤولون أميركيون في أفغانستان، إن عملية الانسحاب جارية أصلاً، مشيرين إلى أن تاريخ الأول من أيار رمزيّ قبل كل شيء. وكان هذا التاريخ يمثّل الموعد النهائي لانسحاب القوات الأميركية الذي حدّدته الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب، طبقاً للاتفاق الموقع مع "طالبان" في شباط 2020 في الدوحة.

في الأيام الأخيرة، كانت سماء كابول، وقاعدة باغرام الجوية المجاورة، ممتلئة أكثر من المعتاد بالمروحيات الأميركية، تحضيراً لهذا الرحيل الكبير، الذي سيستكمل بحلول 11 أيلول، موعد الذكرى العشرين لهجمات أيلول 2001.

وبدأ الحلفاء في حلف شمال الأطلسي الخميس، سحب وحدات من مهمة "الدعم الحازم" الذي يُفترض أن يحصل بشكل منسّق مع الأميركيين.

كما كانت قوات الأمن الأفغانية بحالة تأهب اليوم، خشية حصول هجمات ضد القوات الأميركية أثناء انسحابها. وقال وزير الداخلية بالوكالة حياة الله حياة لقادة الشرطة في وقت متأخر الجمعة، وفق تسجيل صوتي أُرسل إلى الصحافيين، إن "(طالبان) قد تكثّف العنف"، مضيفاً: "آمركم بزيادة نقاط التفتيش في المدن وإجراء عمليات تفتيش عند نقاط الوصول".

واعتبر مستشار الأمن القومي الأفغاني حمد الله محب أن "طالبان" "قد تختار الحرب".

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن منتصف نيسان، التطلع إلى سحب 2500 جندي لا يزالون في أفغانستان. وقال إن "الوقت قد حان لإنهاء أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة"، معتبراً أن هدف التدخل الذي كان يدور حول منع أفغانستان من أن تُستخدم من جديد كقاعدة لمهاجمة بلاده، تحقق.

من جهتها، اعتبرت "طالبان" أن الانسحاب كان يجب أن ينتهي في الأول من أيار، وأن إبقاء القوات بعد هذا الموعد هو "انتهاك واضح" للاتفاق مع واشنطن. وقال متحدث باسم الحركة محمد نعيم لوكالة "فرانس برس"، إن "ذلك يفتح المجال في المبدأ أمام مقاتلينا لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد قوات الغزو".

تدخلت الولايات المتحدة في أفغانستان في أعقاب هجمات 11 ايلول 2001 على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع. وسرعان ما اطاحت بنظام "طالبان" الذي اتهم بإيواء تنظيم القاعدة الجهادي المسؤول عن الاعتداءات وزعيمه الراحل أسامة بن لادن.

وفي أوج انخراط الولايات المتحدة في الحرب خلال عامي 2010-2011، كان هناك حوالى مئة ألف جندي أميركي في البلاد. وقُتل أكثر من ألفي أميركي وعشرات آلاف الأفغان في هذا النزاع.

ومنذ توقيع اتفاق الدوحة، امتنعت "طالبان" عن مهاجمة القوات الأجنبية بشكل مباشر. إلا أنها بدت بلا رحمة مع القوات الحكومية التي لم تتوقف الحركة عن مهاجمتها في الأرياف، مع بثّ الرعب في المدن الكبيرة من خلال تنفيذ هجمات موجّهة.

وأثار إعلان انسحاب الأميركيين الخوف في نفوس كثر من الأفغان الذين يخشون أن تستعيد حركة "طالبان" السلطة وتفرض النظام الأصولي نفسه الذي كانت تحكم من خلاله البلاد بين عامي 1996 و2001.


الفوضى غير مستبعدة
قالت منة نوروزي، وهي موظفة في إذاعة خاصة في كابول، لوكالة "فرانس برس"، إن "الجميع خائفون من فكرة عودة الأيام القاتمة التي اتّسم بها عهد طالبان". وأضافت أن "متمردي (طالبان) لا يزالون نفسهم، لم يتغيّروا. كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تبقى على الأقل لسنة أو سنتين إضافيتين".

من جانبه، يؤكد الرئيس الأفغاني أشرف غني أن القوات الحكومية التي تحارب منذ أشهر عدة بمفردها على الأرض - وأحياناً بدعم جوي أميركي - "قادرة تماماً" على مقاومة المتمردين. ويشير إلى أن الانسحاب الأميركي يعني أن طالبان لم يعد لديها سبب لمواصلة القتال. وقال في خطاب هذا الأسبوع "من تقتلون؟ من تدمّرون؟ انتهت الآن ذريعتكم بأنكم تقتلون الأجانب".

إلا أن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي أقرّ، الأربعاء، بعدم تمكنه من استبعاد احتمال حصول فوضى كاملة. وقال: "في أسوأ الحالات، ستنهار الحكومة الأفغانية والجيش الأفغاني، وتقع حرب أهلية وكارثة إنسانية مصاحبة لها، مع عودة محتملة للقاعدة".

بدوره، أكد عبد المالك وهو شرطي في ولاية قندهار (جنوب) أحد المعاقل التاريخية لـ"طالبان"، لـ"فرانس برس"، أن القوات المسلحة مستعدة. وقال "علينا الدفاع عن وطننا (...) سنفعل كل ما بوسعنا للدفاع عن أرضنا".

ويرى الخبير المستقل نيشانك موتواني أن لا شيء يضمن أن متمردي "طالبان" لن يهاجموا القوات الأميركية أو قوات حلف شمال الأطلسي أثناء انسحابها. وقال إنّ أعمالاً مماثلة سيكون هدفها "تحقير العدو المهزوم وإهانته أكثر".

ويعتبر المحلل في مجموعة الأزمات الدولية أندرو واتكينز أن الأسابيع المقبلة ستتيح للجيش الأفغاني ومتمردي "طالبان"، "التقاتل وتقييم الخصم بدون العامل الإضافي الذي كانت تمثله الولايات المتحدة".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم