الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"قصتهم تشبه قصتنا"... بلدة روما في تكساس الأميركيّة بين الخوف من المهاجرين والتعاطف معهم

المصدر: أ ف ب
مهاجرون هايتيون يعبرون نهر ريو برافو بشكل غير قانوني في محاولة للوصول من سيوداد خواريز، في ولاية تشيهواهوا المكسيكية، إلى إل باسو في ولاية تكساس الأميركية (30 آذار 2021، أ  ف ب).
مهاجرون هايتيون يعبرون نهر ريو برافو بشكل غير قانوني في محاولة للوصول من سيوداد خواريز، في ولاية تشيهواهوا المكسيكية، إلى إل باسو في ولاية تكساس الأميركية (30 آذار 2021، أ ف ب).
A+ A-
عند منتصف الليل، دقّ جرس منزل ليديا في بلدة روما في ولاية تكساس عند الحدود مع المكسيك لتجد هذه الأستاذة على الباب شابة مبللة من جراء المطر تطلب المساعدة باللغة الإسبانية.

تعيش سيلفيا (58 عاما) بجوار المسار الرملي الذي يستخدمه المهاجرون يوميا بعد عبورهم النهر الذي يفصل الولايات المتحدة عن المكسيك. وعلى غرار بقية سكان روما البالغ عددهم 11 ألف نسمة، تعيش منذ عقود إلى جانب مهاجرين غير نظاميين.

لدى كثير منهم مشاعر مختلطة تجاه الوافدين الجدد: من جهة التعاطف والحنو، بخاصة أن لهم في الأغلب أقارب وصلوا إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني. من جهة أخرى، هناك قلق وخوف مع تزايد أعداد المهاجرين في الأشهر الأخيرة. يصل أحيانا 500 شخص في الليلة، العديد منهم من العائلات أو القصّر غير المصحوبين بذويهم.

تقول سيلفيا عند عتبة منزلها المتواضع المحاط بالدجاج والخنازير البرية وركّبت حوله كاميرات مراقبة: "ماذا سنفعل بكل هؤلاء الأطفال؟ أين سنضعهم؟ يوجد هنا أيضا أشخاص يحتاجون إلى المساعدة". 

ينتهي الأمر بهذه الأستاذة بمنح ملابس جافة للفتاة التي دقّت بابها بعد أن كادت تغرق عندما سقطت من القارب الذي يقوده مهرّبون، لكنها ترفض أن تستعمل هاتفها. 

وتضيف: "هناك الكثير منهم، أنا خائفة، يجب القيام بشيء ما".

تأسست روما قبل 250 عاما. وهي موقع تاريخي معروف ومكان مميّز لمشاهدة الطيور. معظم السكان من أصل مكسيكي، ويتحدثون الإسبانية بقدر ما يتحدثون الإنكليزية، ويعملون موظفين أو في صناعة النفط. هنا، تغلب الديموقراطي جو بايدن على دونالد ترامب بفارق ضئيل في الانتخابات الرئاسية في 2020.

- "قصتهم وقصتنا" -
يقول رئيس بلدية روما خايمي إسكوبار جونيور: "نتفهّم المهاجرين لأننا نعرف تجربتهم. قصتهم تشبه قصتنا".
 
لكنه يضيف أن "قلقي الوحيد، بصفتي رئيس البلدية، هو أن المشكلة تتفاقم إلى درجة أنها تخرج عن نطاق السيطرة".

بدورها تقول دينا غارسيا بينيا مؤسسة صحيفة "إل تيخانو" (التكساسي) المحليّة إنه "لا يوجد أحد هنا لا يفهم السعي من أجل حياة أفضل". 

وتتابع: "كان والدي بلا أوراق رسمية. نترك الماء دائما بالخارج لمن يحتاج، ولا نرفض طلب أي شخص يريد استعمال الهاتف"، لكننا "نشهد تدفق مجموعات تتزايد عددا".

على مدى ثلاث ليال، عاين فريق وكالة فرانس برس وصول مئات المهاجرين إلى البلدة بعد أن عبروا النهر في قوارب تجديف. تتحدر غالبيتهم من أميركا الوسطى - هندوراس وغواتيمالا والسلفادور - هاربين من الفقر والعنف.

تفحص شرطة الحدود الأميركية العائلات والقصر عند وصولهم، ثم يحتجزون في مراكز.

نحو 80 بالمئة من الأطفال والمراهقين لديهم أقارب في الولايات المتحدة. وعلى عكس إدارة ترامب التي طردتهم، تحاول إدارة بايدن إرسالهم إلى أقاربهم.

أما بالنسبة للعائلات، فبعضها يمكنها تقديم طلب لجوء ويتم الإفراج عنهم بانتظار النظر في طلبهم، ويُطرد آخرون.

يحاول بعض المهاجرين الراشدين الهروب من مراكز "الجمارك وحماية الحدود" الأميركية، لكن روما ومحيطها تحت راقبة أمنيّة شديدة. وتقوم إدارة بايدن بترحيل جميع المحتجزين الذين لا يحق لهم طلب اللجوء أو ترفض مطالبهم.

واعتقل نحو مئة ألف مهاجر في شباط على طول 3200 كيلومتر من الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. وهي أرقام تعادل تلك التي سُجلت منتصف عام 2019، عندما تصدرت "قوافل" المهاجرين الكبيرة عناوين الأخبار الأميركية.

- إنهاء تشييد الجدار؟ -
يقول توني ساندوفال (67 عاما) وهو حارس مدرسة، إن "على الحكومة أن تفعل شيئا لهؤلاء الناس، فهم يبحثون عن مكان للعيش لكنهم كثيرون". في بعض الأحيان يقدم الرجل الطعام للمهاجرين الذين يمرون أمام منزله ولكنه يغضب عندما يكسرون سور ممتلكاته، كما حدث عدة مرات.

وينظر الرجل الذي يرتدي حذاء وقبعة رعاة البقر إلى جزء غير مكتمل من الجدار الذي أقامه ترامب على الحدود، وسط حقول الذرة والقطن، ويعترف بأنه يود أن يراه مكتملا.

جمدت حكومة بايدن المشروع الذي جعله الرئيس الجمهوري السابق على رأس أولوياته.

ويستقبل لويس سيلفا راعي كنيسة "بيثل ميشن" المهاجرين غير الشرعيين على ضفاف النهر، ويمنحهم الماء ويرافقهم إلى مكتب "الجمارك وحماية الحدود"، ويؤيد هو أيضا تشييد الجدار.

ويقول: "علينا أن نجد طريقة لوقف هذا. تعرضت للهجوم عمليّا في منزلي" من هندوراسي يحمل مسدس عيار 9 ملم في حزامه.

لكن بالنسبة لنويل بينافيدس، صاحب متجر للقبعات والأحذية في تكساس، فإن الجدار هو "أسخف  الأشياء التي رأيتها على الإطلاق".

يبلغ الرجل ذو الشارب 78 عاما وتعيش عائلته في هذه المنطقة منذ ثمانية أجيال، أي منذ كانت تكساس جزءا من المكسيك، حين لم يكن نهر ريو غراندي علامة على الحدود. 

ويضيف: "لن يوقفهم ذلك. أنت تبني جدارا طوله خمسة أمتار، وسوف يصنعون سلما يبلغ ارتفاعه ستة أمتار". 

ولبناء الجدار، صادرت إدارة ترامب أرضا كانت يملكها قرب النهر.

ويتابع: "يأتي مهاجرون من جميع أنحاء العالم، لطالما كانت الولايات المتحدة بوتقة تنصهر فيها الثقافات، ولا يوجد سبب لعدم الترحيب بهؤلاء الأشخاص الذين يريدون العمل".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم