الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

روسيا وكورونا: حين يصبح الأوكسيجين "الذهب الجديد"

المصدر: "النهار"
مشهد عامّ من موسكو (أ ف ب).
مشهد عامّ من موسكو (أ ف ب).
A+ A-

تواجه روسيا موجة قاسية من فيروس كورونا حيث ساهم انخفاض تفاعل الروس مع حملة التلقيح في مفاقمة الأزمة. وسلّطت صحيفة "موسكو تايمس" الضوء على ما تعانيه مستشفيات كثيرة في روسيا، خصوصاً تلك البعيدة من المدن الكبيرة، على مستوى تأمين الأوكسيجين الطبي.

وصلت حصيلة الوفيات يوم أمس الجمعة إلى 1163 حالة مما دفع العدد الإجمالي للضحايا إلى أكثر من 236 ألف وفاة وهو الرقم الأعلى في أوروبا. وقال دميتري كوزنيتسوف، المدير العام لـ"كريونجينماش"، وهي واحدة من أكبر ثلاث شركات روسية لصناعة الأوكسيجين الطبي: "لا أريد أن أبدو هستيرياً، لكن الوضع متوتر جداً. لا يوجد حقاً أي وسيلة لزيادة إنتاجنا"، على الرغم من محاولة الابتكار في هذا المجال.

باستثناء بضع حوادث معزولة، تفادت روسيا النقص الواسع في تأمين الأوكسيجين الطبي الذي حصل في الهند الربيع الماضي. مع ذلك، يقول المسعفون والمورّدون إنه خلال الموجة الأخيرة من الإصابات، ثمة طلب غير مسبوق على الأوكسيجين. ولم يتلق في روسيا سوى 33% من البالغين جرعتين من اللقاح.

نما الطلب على الأوكسيجين الطبي بنسبة كبيرة في البلاد. وقالت آنا زيمشوغوفا، المتحدثة باسم "ليندي" الألمانية التي تعد إلى جانب "إيرليكويد" الفرنسية أحد أبرز منتجَي الأوكسيجين الطبي في روسيا، إنّه أحياناً "شهدنا زيادة بمقدار عشرة أضعاف". وأضافت أنّ شركتها لم تتبلغ عن وجود نقص في الأوكسيجين بين زبائنها، لكنّ الشركة كانت تعمل "بكامل طاقتها".

خلال الأسبوع الماضي، دقّت جمهورية شوفاشيا (600 كيلومتر شرق موسكو) جرس الإنذار عندما أعلنت حالة "التأهب القصوى" في مواجهة نقص الأوكسيجين الطبي. وقال مسؤولون عن تلك المنطقة إنّ 99.5% من الأسرّة كانت مشغولة.

وبشرط عدم الكشف عن اسميهما، قال طبيبان يعملان في مستشفى للأمراض المعدية في عاصمة شوفاشيا إنّ الأوكسيجين ينفد حيث "سنصل إلى نقطة يتوجب علينا خلال الاختيار بين من يحصل" على هذه المادة.

وقال رئيس منطقة كومي الشمالية المعزولة فلاديمير أويبا إنّ "الأوكسيجين هو الذهب الجديد. يومياً نحصي كل جزء وننظر إلى المدن والمستشفيات التي هي بأمسّ الحاجة إليه. قريباً سينهار كل شيء. لن يكون لدينا أي أوكسيجين متبقّ". يوم الخميس، توجّه أويبا بكلمة إلى أهل المنطقة معلناً عن "مشاكل ضخمة في نقص الأوكسيجين". وفي حديث إلى الصحيفة نفسها، قال مسعف يعمل في أحد مستشفيات المنطقة: "أحياناً يصل الأوكسيجين إلى هناك في الدقيقة الأخيرة، نشعر وكأننا نعيش على حافة الهاوية".

وفي مدينة بيرم، أشار أحد المسعفين إلى أنه نفد الأوكسيجين الطبي فعلاً في بعض الحالات. وأبلغت منطقة ألتاي السيبيرية وجمهورية أوسيتيا الشمالية القفقازية وجود نقص في الأوكسيجين.

وبالعكس، لم تُبلغ أكبر مدينتين في روسيا، موسكو وسانت بطرسبورغ، عن وجود نقص في تأمين المادة. وهنالك مشكلة في نقل الأوكسيجين حيث تتطلب هذه المادة قيادة ناقلات خاصة على طرقات طويلة في أرجاء البلاد. ومعظم الموفّرين الكبار للأوكسيجين مثل "ليندي" و"إيرليكويد" موجودون بالقرب من المدن الكبيرة، لهذا السبب، ليس الوضع حساساً هناك. وفقاً لمدير "ريف أند بارتنرز" لتصنيع عبوات الغاز أرتور أشميتدينوف، ستواجه المدن التي تبعد أكثر من 200 كيلومتر عن منشآت الإنتاج مشاكل في الحصول على الأوكسيجين. علاوة على ذلك، هنالك مشكلة المستشفيات الصغيرة غير المجهّزة للتعامل مع وباء مثل "كوفيد-19".

واتخذت روسيا خطوات لتفادي لنقص في الأوكسيجين في وقت سابق حيث توقع الخبراء بروز موجة جديدة في الخريف. وفي الربيع، بدأت وزارة الصناعة والتجارة تسريع وتسهيل إصدار رخص لإنتاج الأوكسيجين الطبي. وقالت الوزارة إنّ بعض المناطق لم تستخلص الدروس من الموجات السابقة ولم تتخذ إجراءات وقائية كافية على الرغم من التحذير.

كذلك، طالبت روسيا الصناعات الثقيلة بالتدخل لتصنيع الأوكسيجين الطبي علماً أنّ الأخير يشكل 5% فقط من إجمالي مادة الأوكسيجين التي تستخدم في صناعة الحديد والصلب.  وقالت شركة "ميتالوإنفست" في بيان إنها توفر أكثر من 1000 طن من الأوكسيجين الطبي شهرياً للمستشفيات.

وقال رئيس وكالة الفضاء دميتري روغوزين إن الدولة ستعلّق اختبارات الصواريخ في أحد مسارحها لتوفير إمدادات الأوكسيجين. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الخميس أنها أرسلت إلى 27 منطقة في روسيا ما مجموعه 347 طناً من الأوكسيجين الطبي.

على الرغم من أنّ هذه الخطوات ستساهم في تخفيف الضغط، لن تُلمس النتائج فوراً بسبب الحاجة إلى وقت لإعادة تكييف الإنتاج مع الغايات الطبية. وثمة أيضاً مشاكل هيكلية في بعض المستشفيات تحتاج للحل.

يقول مدير بارز لأحد مصانع المعادن المتوسطة بالقرب من بيرم والذي أعيد توجيهه لإنتاج الأوكسيجين الطبي: "تحتاج روسيا ببساطة للسيطرة على كوفيد وإلّا..."

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم