السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الإنقسام في الولايات المتحدة تشكل عبر عقود من الإرث العرقي وطبيعة الرأسمالية ودور الإعلام

المصدر: النهار
أنصار الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني.   (أ ف ب)
أنصار الرئيس الاميركي دونالد ترامب في مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني. (أ ف ب)
A+ A-
 
 
لا توجد دولة ديمقراطية صناعية متقدمة في العالم أكثر اختلالا وانقساما سياسيا مما عليه الولايات المتحدة اليوم، فكيف وصلت أقوى دولة في العالم إلى هذه النقطة؟
 
بهذا السؤال استهل إيان بريمر محرر عمود الشؤون الدولية في مجلة "التايم "الأميركية مقالاً له بالمجلة، حاول فيه الوقوف على أسباب حالة الاستقطاب السياسي والانقسام التي تشهدها الولايات المتحدة، في ظل الأحداث الأخيرة، التي كان أبرزها اقتحام أنصار الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترامب مبنى الكونغرس الذي عاثوا فيه فسادا.
 
ويرى بريمر أن أعمال الشغب التي اجتاحت الكونغرس يوم الأربعاء 6 كانون الثاني الجاري، لم تكن وليدة سنوات من الإعداد فقط بل وليدة عقود، ويعود ذلك لثلاث سمات تميّز المجتمع الأميركي تجاهلها السياسيون الأميركيون زمنا طويلا، وهي: الإرث العرقي المستمر، والطبيعة المتغيرة للرأسمالية، وانقسام المشهد الإعلامي الجمعي بالولايات المتحدة.
 
الإرث العرقي
على رغم أن الولايات المتحدة ليست البلد الوحيد الذي لديه تاريخ مضطرب من العلاقات العرقية، والكلام للكاتب، فإن تعاطيها مع معالجة الإرث العرقي والعنصرية المستحكمة كان بطيئا، حيث استغرقت المصادقة على قانون الحقوق المدنية لعام 1964 قرابة قرن بعد نهاية الحرب الأهلية، على سبيل المثال لا الحصر.
 
وقد اتخذت بعض الخطوات خلال العقود الأخيرة لمعالجة هذا الإرث بشكل جدي، من ضمنها قوانين مكافحة التمييز وبعض الجهود العملية الأخرى، التي أثمرت في وضع الأميركيين السود على طريق مساواة أكثر، ومهدت الطريق أمام انتخابات أول رئيس أسود في تاريخ الولايات المتحدة.
 
ولكن كما أوضحت احتجاجات حركة "حياة السود مهمة" خلال الصيف الماضي، لا يزال هناك الكثير من العمل غير المكتمل في هذه القضية.
 
الجزء الثاني من القصة
ويشير الكاتب إلى أن ما تطرق إليه آنفا لم يكن سوى جزء من القصة، أما جزؤها الآخر فيتعلق برد الفعل العنيف على قضية تسوية الإرث العرقي، حيث ترى مجموعة من الأميركيين البيض، معظمهم من أهل الريف، أن وضعهم في المجتمع صار مهددا نتيجة للتركيبة السكانية والحسابات العرقية الأخيرة.
وقد تجلى ذلك في السياسة، على سبيل المثال، في شكل مخططات إعادة تقسيم الدوائر، وقمع الناخبين، والعنف الذي كان مبنى الكونغرس مسرحا له أخيراً.
هذا القلق وإن أسهمت في وجوده عوامل اقتصادية سنتطرق إليها في ما بعد، فإننا نفهمه بشكل أفضل بالنظر إليه من بعده الأوسع المتعلق بالهوية، وفقا للكاتب.
 
وبعد سنوات من تشكّل هذا الاتجاه، وصلت مشاعر الاستياء تلك إلى ذروتها في سنوات ترامب، وبلغت ذروتها في أعمال الشغب المميتة التي استهدفت مبنى الكونغرس الأسبوع الماضي.
 
الرأسمالية المتقلبة
ويرى بريمر أن هناك أيضا عامل الطبيعة المتقلبة للرأسمالية، فقد مكنت الرأسمالية والنمو الاقتصادي الذي جلبته الولايات المتحدة من أن تصير القوة العظمى الأبرز في العالم خلال النصف الأخير من القرن العشرين.
 
لكنْ هناك جانب آخر للرأسمالية الأميركية، فقد ولد هذا النظام الاقتصادي الفردي ثروات هائلة ولكنه أيضا أدى إلى وجود عامل أميركي متوسط الدخل بشبكة أمان اجتماعي أقل، خصوصاً بالمقارنة مع نظرائه الأوروبيين، كما ولد نظاما سياسيا أكثر عرضة للسيطرة عليه من قبل أصحاب المصالح الخاصة والممولين.
وما ذكر آنفا ليس عاملا جديدا ظهر فجأة مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، فعلى رغم أن الرأسمالية الأميركية قد سمحت منذ أمد بعيد بوجود عدم مساواة في العوائد المادية، فإن السنوات الثلاثين الماضية شهدت ارتفاعا في عدم تكافؤ الفرص أيضا. وهذا الشكل الأخير أكثر تدميرا عندما يشعر الناس أنهم لم يحصلوا حتى على فرصة للمنافسة، ناهيك بالنجاح، فمن شأن ذلك أن يثير غضبهم.
 
دور الإعلام
ويرى الكاتب أن الثورة التكنولوجية، وما جلبته من سرعة وانتشار لوسائل الإعلام، أسهمت في تسريع وتعميق وتيرة الانقسام الذي تشهده أميركا، خصوصاً مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن العنصر التخريبي حقا الذي أدخلته شركات التكنولوجيا هو الخوارزميات المصممة بنشاط لجذب المزيد من عائدات الإعلانات والمتابعين، وغالبا ما يتم تحقيقها عن طريق الترويج للمحتوى المتطرف والمضلل، وكل ذلك كان على حساب المواطنة السليمة والمستنيرة.
وختم الكاتب بأن هناك تحديات عديدة تنتظر الرئيس المنتخب جو بايدن عندما يتولى منصبه، وعلى رغم من أن القضاء على وباء كورونا قد يكون التحدي الأكثر إلحاحا بالنسبة له، فإنه ليس التحدي الأصعب. إذ يمكن للقاحات أن تفلح في القضاء على الأوبئة، ولكن لا يوجد لقاح للقضاء على انقساماتنا السياسية.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم