الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"موجة حمراء"... الجمهوريّون يستعيدون الكونغرس في 2022؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
الفائز الجمهوري بمنصب حاكم ولاية فرجينيا غلين يونغكين- (أ ف ب).
الفائز الجمهوري بمنصب حاكم ولاية فرجينيا غلين يونغكين- (أ ف ب).
A+ A-

نقلت الانتخابات المحلّيّة في ولايتي فرجينيا ونيو جيرسي تراجع شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن من عالم استطلاعات الرأي إلى صناديق الاقتراع. غنيّ عن القول إنّ ثمّة تفاصيل كثيرة في تلك الانتخابات غير مرتبطة فقط بتراجع شعبيّة بايدن على المستوى الوطنيّ. لكنّ الفارق بين نسبتي التأييد والمعارضة لأداء الرئيس والذي أصبح سلبيّاً منذ أواسط آب يبقى عاملاً أساسيّاً بتشكيل الصورة العامة.

في فرجينيا، الولاية التي كسبها بايدن في مواجهة ترامب بعشر نقاط مئوية السنة الماضية، حقّق الجمهوريّ غلين يونغكين المفاجأة الأولى في السباق إلى الحاكمية بعدما انتصر على منافسه الديموقراطي تيري ماكوليف بفارق وصل إلى 2.5%. ولا يحقّ بحسب قوانين فرجينيا أن يترشح الحاكم لولاية ثانية متعاقبة، لهذا السبب، كان الحاكم الديموقراطي الحالي رالف نورثام خارج الاستحقاق.  

 

دعم من بايدن وجيل وأوباما

كان لفيرجينيا ونيوجيرسي عادةُ "توجيه الصفعات" إلى حزب الرئيس في الانتخابات المحلية التي تلي الاستحقاقات الرئاسيّة. لكنّ ماكوليف كسر تلك القاعدة في 2013 بعدما فاز بمنصب الحاكم عقب انتصار باراك أوباما في انتخابات 2012. تسجّل ذلك الحدث كسابقة منذ سنة 1989. والآن، يبدو أنّ فرجينيا عادت إلى نمطها القديم عبر التصويت لحزب معارض. لكنّ ذلك لا يعفي الديموقراطيين من الأسئلة الصعبة. لقد شارك الرئيسان بايدن وأوباما في حملة ماكوليف لكن من دون جدوى. والأخير كان حاكماً سابقاً للولاية ممّا يعطيه مزيّة إضافية ضدّ منافسه، علماً أنّ ماكوليف يتمتّع بحضور حيويّ أيضاً. وعبثاً حاول بايدن وماكوليف اللعب على وتر ربط المرشّح الجمهوريّ بترامب من أجل تقليل حظوظه.

كلّما كانت الانتخابات تقترب عمد الجمهوريّ يونغكين المغمور نسبياً إلى تقليص الفارق مع منافسه الديموقراطيّ. حتى مع ذلك، كانت غالبيّة استطلاعات الرأي تظهر تقدّماً طفيفاً (1%) لصالح الأخير. خرجت عن ذلك "مجموعة ترافالغار" المقرّبة من الجمهوريين وقد توقّعت قبل يوم من الانتخابات فوز يونغكين بـ 2% من الأصوات. على الرغم من أنّ فرجينيا وجّهت نكسة للديموقراطيّين بحسب تحليل عدد كبير من المؤسّسات الإعلاميّة الأميركيّة بما فيها تلك الليبيراليّة، كانت النكسة في نيوجيرسي أكبر. صحيح أنّ الجمهوريّين لم يفوزوا بالمعركة، بعدما تمكّن الحاكم الديموقراطيّ فيل مورفي من كسب السباق إلى ولاية ثانية في مواجهة جاك سياتاريلي. لكنّ الفارق الضئيل في الأصوات لم يسقط من حسابات المتابعين. حتى مساء الخميس، كان مورفي يتقدّم على منافسه بـ 1.8% من الأصوات.

 

مثار القلق الأكبر

ما يقلق الديموقراطيين أكثر هو أنّ نيوجيرسي ولاية كسبها بايدن بـ 16% سنة 2020. إنّها ولاية ذات عمق ديموقراطيّ أكبر من فرجينيا. في تلك الولاية أيضاً، خاض أوباما حملة لدعم مورفي وكذلك فعل بايدن. السيّدة الأولى للولايات المتحدة جيل بايدن المتحدرة من نيوجيرسي دعمت الحاكم الديموقراطيّ أيضاً. انتهى كلّ هذا الدعم بفوز ضئيل لا يصل إلى 2%. الفارق البارز بين نيوجيرسي وفرجينيا يكمن في أنّ كلّ استطلاعات الرأي توقّعت فوز مورفي. فـ"مجموعة ترافالغار" أعطت تقدّماً لمورفي بـ 4%. كان ذلك أقلّ هامش لصالح الحاكم الديموقراطيّ. جامعة "ستكوتون" أعطته تقدّماً بـ 9% ومركز "مونماوث" بـ 11%. مجدّداً، كسر الجمهوريّون كلّ التوقّعات. ما اشتركت به ولايتا فرجينيا ونيوجيرسي هو أنّ السباقين ما كان يجب أن يكونا بهذا التقارب في الأساس.

في الاتجاهات التي تحكم مسار الانتخابات في أي ولاية، الفصل بين ما هو محلّيّ وما هو وطنيّ دونه صعوبات. وكذلك الربط بينهما. لكن يبدو أنّ هنالك مساراً بدأ يتشكّل منذ أوائل الألفية الحاليّة ويشير إلى أنّ انتخابات الحاكميّة تتطابق أكثر فأكثر مع الانتخابات الرئاسيّة. بعد انتخابات 2002، كان هنالك 20 حاكماً يمثّلون ولايات صوّتت لرئيس من غير حزب الحاكم. اليوم، هنلك 10 حكّام فقط بحسب موقع "فوكس". لكنّ الارتباط بين الانتخابات الأخيرة وتلك النصفيّة قد يكون الأضعف إذا ما قيس فقط بانتخابات الحاكميّة.

 

"موجة حمراء"

بالتوازي مع انتخابات الحاكمية، كان الناخبون في تلك الولايتين يصوّتون للمجالس التشريعية المحلية. في تلك الانتخابات أيضاً حقّق الجمهوريّون أداء أفضل من المتوقّع. بحسب كبير محلّلي الانتخابات في موقع "فايف ثيرتي أيت" ناثانيال راكيتش، يشكّل هذا الاستحقاق واحداً من أفضل المؤشّرات لما ستكون عليه "البيئة السياسية" في 2022. وبالاستناد إلى دراسات سابقة أجراها الموقع نفسه، رأى راكيتش في تحليل أوّليّ أنّ الولايات المتحدة تميل حالياً نحو الجمهوريّين بحوالي 6 إلى 7 نقاط. وأضاف أنّه لو صحّ ذلك بعد عام من اليوم، فستكون الانتخابات النصفية عبارة عن "موجة حمراء فعليّة".

وهنالك تحليل آخر يمكن أن يشكّل عماداً آخر لهذه الخلاصة. شدّد ماثيو إيغليزياس في شبكة "بلومبيرغ" على أنّ انتخابات الحاكمية هي الأقل ارتباطاً بالانتخابات الوطنية العامة، لأنّها تعتمد على شخص الحاكم والقضايا التي يثيرها. لكن على مستوى الانتخابات التشريعية المرتبطة بالولاية، قلّة من الناخبين تدرك مرشّحيها أو تنتبه لما يفعلونه. في هذا الاستحقاق، تهيمن المشاعر السياسية العامة على الانتخابات المحلية بحسب رأيه. وكتب إيغليزياس أنّ رئيس مجلس الشيوخ في ولاية نيوجيرسي ستيفن سويني دخل في تنافس محتدم مع سائق شاحنة أنفق 153 دولاراً على حملته. (بحسب أسوشييتد برس، تبيّن أنّ الرقم 2300 دولار لكنّه لا يزال منخفضاً). قد يكون ذلك مستغرباً للوهلة الأولى، لكنّ دائرة سويني تمثّل العمّال ذوي الياقات الزرقاء التي كانت تميل نحو اليمين في الجولات الأخيرة. ومع إضافة عامل تراجع شعبيّة بايدن، تصبح الصورة مفهومة وفقاً لإيغليزياس. (في نهاية المطاف، فاز سائق الشاحنة إد دور).

لا شكّ في أنّ الجمهوريّين خرجوا من انتخابات الثلاثاء فائزين بما لم يكن يتوقّعه حتى أكثرهم تفاؤلاً. مدى انعكاس تلك النتائج على الانتخابات النصفيّة بعيد من أن يكون محسوماً. ما يهمّ بالنسبة إليهم هو إيجابيّة المؤشّرات. لكنّ ذلك لا يعني أنّ بايدن والديموقراطيّين لا يتمتّعون بوقت كافٍ لقلب النتائج.   

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم