لماذا يتّهم القادة معارضيهم بالخيانة؟

وصف الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، قبل أيّام، معارضيه الرافضين لعمليّته العسكرية ضدّ أوكرانيا، بالخونة والحثالة. أيّده في خطابه ذاك، يوم أمس الخميس، رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري ميدفيديف، حيث وصف في كلمة له، معارضي الغزو بالخونة كذلك، عازيًا السبب إلى أنّ روسيا تمرّ بمنعطف كبير، وسط هجمة من قبل الولايات المتّحدة تهدف إلى إذلالها.
 
الاتّهامات تلك تأتي في ظلّ عملية عسكرية تقودها روسيا على جارتها الأوكرانيّة، فيما لا تريد السلطات الروسيّة، لأيّ حالة تخبّط داخليّة تقع. أيضًا، ترغب السلطات في الحصول على دعم شعبيّ للعمليّة، خاصّة في ظلّ تلقيها عددًا من الخسائر في صفوف جنودها الذين يخوضون غمار الحرب.
 
ولكن ليس الروس وحدهم، من وصفوا معارضيهم بالخونة. عدّة قادة من حول العالم، استخدموا الخطاب ذاته. نعرض بعضًا منهم:
 
الولايات المتّحدة
شهد حكم الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، سجالات وردود مختلفة، بلغت حدّ تراشق الاتهامات بين ترامب ومعارضيه بارتكاب الخيانة. ترامب من جهته، كان قد شنّ هجومًا على رئيسة مجلس النواب، الديمقراطيّة، نانسي بيلوسي، متّهماً إيّاها بالخيانة. فيما وجّه مدّعون ديمقراطيّون اتّهام الخيانة على ترامب بعد أحداث اقتحام مبنى الكونغرس.
 
لبنان
أمين عام "حزب الله"، السيد حسن نصر الله، وصف من تظاهروا في 17 تشرين من عام 2019، وبعد 3 أيام من اندلاع الثورة الشعبية فقط، بأنّهم عملاء سفارات.
 
فنزويلّا
الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز، كان قد أشار في أحد خطاباته إلى أنّ قادة المعارضة، يخدمون واشنطن، ووصفهم بأنّهم خونة ويستحقّون العقاب.
 
إيران
اتّهم الرئيس الإيرانيّ السابق، حسن روحاني، في خطاب له، معارضيه بارتكابهم "خيانة كبرى"، بسبب عرقلتهم التوصّل إلى اتفاق لرفع العقوبات الأميركيّة عن بلاده، وأضاف "تصرّفهم سيبقى وصمة عار أبديّة في تاريخ إيران". كما دعاهم روحاني إلى "التوبة عن خطئهم".
 
تركيا
بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، صعّد الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان، من خطاباته ضدّ معارضيه، ليصفهم مرارًا بأنّهم خونة وعملاء، خاصّة عندما يتعلّق الأمر بجماعة غولن.
 
تونس
على إثر إجراءات الرئيس التونسي، قيس سعيّد، التي وصفها كثرٌ على أنّها انقلابيّة، وصف سعيّد، معارضيه على أنّهم خونة ومتآمرين، ويحاولون خدمة المستبدّين.
 
نرى في هذه الاتّهامات، محاولات من السلطة في مختلف دول العالم، على صناعة رأيّ عام موجّه، ليس هذا وحسب، بل إنّ السلطة المتحكّمة والحاكمة، لا يمكنها القيام بدورها، من دون وجود شريحة من المواطنين المؤيّدين لها، تسوّق لآرائها وأفكارها من خلالهم.
 
هذه الأمور تعني:
 
1- حاجة السلطة إلى شرائح مؤيّدة.
 
2- حاجة السلطة إلى معارضين تستهدفهم، أي حاجتها إلى عدو.
 
3- تستخدم السلطة الصفات والاتّهامات كخطاب شعبويّ.
 
4- كي تفوز السلطة فإنّها ستحتاج إلى رمي الاتّهامات، ولعب الأدوار، وتوزيع المهام، التي تتطلّب عدوًّا ومناصرًا واتّهامات.
 
5- وبعد النجاح، تزيد فقّاعة الأحزاب أو السلطة، فتفوز في انتخابات أو تسحق معارضين، وتحقّق ما تبتغيه.