"ما معك ما تدفع"... بهذه الكلمات المطبوعة على ورقة معلقة داخل سيارة أجرة يستقبل الشاب خضر خليل حسين، ركابه. خضر هو سائق تاكسي، لديه من الأولاد 3 فتيات، يعمل ضمن نطاق العاصمة اللبنانية بيروت، الهدف من مبادرته مساعدة الفقراء الذين لا يملكون المال للتنقل بين منطقة وأخرى.
يقول خضر، خلال حديثه مع صيحات، إنه يقابل العديد من الأشخاص خلال عمله في شوارع بيروت، ممن لا يستطيعون دفع أجرة التاكسي، أو ممن لا يحملون كافة المبلغ. ويتابع، "تتخبط الأزمنة والظروف بنا، لذلك يجب أن يكون لدينا حس الإنسانية مع بعضنا البعض، بخاصة أنّ أغلب الشركات قد عمدت إلى صرف موظفيها أو دفع نصف معاش لموظفيها، فيما نسب الفقر في تزايد".
ويضيف، "بشكل يومي، أصادف ما تعداده 4 إلى 5 أشخاص ممن لا يملكون المال لدفع أجرة التاكسي، من بينهم أطفال ورجال ونساء وكبار في السن أيضًا، وهنا تأتي مهمتنا كسائقي تاكسي لمساعدتهم بشتى الطرق".
وينصح خضر، سائقي التاكسي الذين يريدون مساعدة الغير، بالقول، "عاملوهم بنفسٍ عالية، وأبعدوا عنهم مشاعر الذل والخنوع، وحاولوا مساعدتهم عبر إيصالهم إلى وجهتهم أو إلى أقرب نقطة لها".
ويضع خضر في سيارته، مجموعة من الكتب الأدبية والدينية والثقافية للمطالعة، ويشير في ما يخص ذلك، إلى أنّ "الطلاب هم أكثر الأشخاص الذين لديهم ميول للمطالعة وحشرية في سبيل ذلك، فيما يعمد ركاب آخرون إلى التحاور معي في مواضيع اجتماعية وثقافية وعلمية أحيانًا".
كذلك كتب خضر على الورقة التي علقها، داخل سيارته، "ما تنق"، أي لا تتذمر، وتابع "لأنك ما رح تغيّر بالمعادلة شيء، دائمًا قل الحمد لله". ويعلّق على ذلك بالقول، "نحن كدول عربية في القاع، سقوط أكثر من ذلك لن يحصل، لذلك علينا البحث عن سلم للرفعة، منها البحث عن مهنة مهما كانت في سبيل تحسين ظروفك الاجتماعية وتأمين استمراريتها من أجل تحقيق طموحاتك".
ويوضح خضر، "يمكن سائق التاكسي أن يكون مبتكرًا في عمله، لذلك لن أكتفي فقط بتقديم خدمة المطالعة والإيصال مجانًا أحيانًا، ولكن أحاول جاهدًا ومن خلال مساعدة من بعض الأشخاص، إلى الحصول على سيارة أكبر (اشتريتها قبل مدّة) وأعمل على إصلاحها، حيث سأوصل عليها خدمة الانترنت، وتقديم القهوة، ووضع خزانة صغيرة تستوعب الكتب التي لديّ".
وعمل خضر في عالم الأزياء والموضة، ولأسباب شخصية ترك مهنته تلك، وانتقل ليفتتح فرنه الخاص، ولكن الأوضاع الاقتصادية المتردية في لبنان دفعته إلى إقفال محله، لينتقل بعدها للعمل كسائق أجرة، فيما حبه للمطالعة والكتابة لم يتوقف.