الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قصّتها- دانيا جوني: التمكين يبدأ من التربية

المصدر: النهار
محمود فقيه
محمود فقيه mahmoudfaqih
دانيا جوني
دانيا جوني
A+ A-

لم تستجدِ المرأة العربية مكانتها من أحد، بل أثبتت جدارتها على مدى سنوات في شتى القطاعات من عالم الأعمال إلى سلطة الحكم. ولم يقتصر تواجدها في بلدانها بل تخطت الحدود نحو العالمية. والمرأة اللبنانية كنظيراتها في هذا الكوكب، تتقدم وتتألق وتثمر النجاحات. 

وككل عام يحتفل العالم في شهر آذار بيوم المرأة العالمي، ومن السيدات اللبنانيات اخترنا السيدة اللبنانية دانيا جوني التي كانت رائدة في مجال عملها، ما جعلها محط اختيار المهتمين. 

دانيا جوني هي أمّ لبنانية، موظفة ورائدة أعمال. تعمل في قطاع الاتصالات منذ 19 عاماً، وحازت مؤخراً على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية من جامعة ESADE في إسبانيا. كما أنها نالت شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة اللبنانية الأميركية في العام 2004.

 وعلى مدى مسيرتها المهنية، تولّت مراكز قيادية في أقسام حيوية عدة في شركة تاتش للاتصالات الخلوية، أشرفت خلالها على تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية. 

واليوم تعمل دانيا كذلك كمستشارة أعمال للشركات الناشئة وتسعى لتأسيس شركة ناشئة بالشراكة متخصصة بالطاقة المتجددة.

خلال فترة عملها السابقة مع مجموعة زين التي كانت تدير شركة تاتش في لبنان حتى تشرين الأول 2020، اختارت زين دانيا لتمثل لبنان في "برنامج تمكين المرأة" Women Empowerment Program، وحصلت على منحة دراسية كاملة من زين لمتابعة ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية في واحدة من أعرق الجامعات في هذا المجال وهي ESADE في إسبانيا.

في الحوار الآتي، نتعرف على قصة دانيا:
 

تتقدم المرأة على صعيد الحكم والسلطة في العالم ولكن محاولاتها ودورها في الدول العربية ما زال متواضعاً. ما المانع؟

فلنركّز على لبنان. على صعيد المجتمع، يزخر لبنان بالإمكانات وهناك أمل كبير للتغيير، لا سيما وأننا شهدنا دخول عنصر النساء إلى الحكومة والمجلس النيابي وتبوؤهن مراكز أساسية في كبرى الشركات بما فيها شركة تاتش. 

كان لدي دائماً انطباع بأن الدول المتقدمة تسبقنا بأشواط في ما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة، إلا أنني تفاجأت أن الواقع يختلف تماماً في بعض الحالات. دهش بعض من زملائي في جامعة ESADE لرؤية امرأة عربية واثقة من نفسها وجريئة في التعبير عن رأيها تشارك في ماجستير في إدارة الأعمال التنفيذية، نتيجة برنامج تمكين المرأة التابع لشركة ذائعة الصيت كزين. فأبدوا احتراماً كبيراً لهذا البرنامج وقصتي كانت مصدر إلهام لهم. في المقابل، اشتكى بعض من زميلاتي من التمييز على صعيد الراتب وعدم الثقة بالعنصر النسائي لتعيينهن في مراكز إدارية في بعض الدول التي يأتين منها.

على الصعيد الشخصي، فإن طريقة تربيتي صقلت شخصيتي كثيراً. ولدت في عائلة تحترم المرأة وتؤمن بها تماماً كالرجل، وحثّت المرأة على تحصيل أعلى مستوى من التعليم تماماً كالرجل. لقد كان والدي المشجّع الأكبر لي، حيث إن الطريقة التي دعمني فيها بالإضافة إلى دعمه لوالدتي وأختي وتمكينه لنا نحن الثلاثة مهّد لنا الطريق لتطوير أنفسنا وتحقيق طموحاتنا. ليس هذا فحسب، بل إن زوجي هو أيضاً داعمي الأكبر في حياتي المهنية وتحصيلي الأكاديمي. فهو يؤمن بقدراتي ويحثني دائماً على تحقيق المزيد.

لذا فإنني امرأة تبدي رأيها عالياً ولا تسمح بمعاملة غير عادلة لا لنفسي ولا للآخرين.

في ما يتعلق بالتشريع، طالما أن قوانين الأحوال الشخصية في لبنان تعتمد على المذهب، وطالما أن المرأة اللبنانية لا تعطى حق منح الجنسية لأولادها وزوجها، وطالما أنها لا تحظى بحق الحماية القانونية ضد العنف الأسري والاعتداء والتحرش الجنسي عليها، عبثاّ نحاول إقناع أنفسنا بأن لبنان بلد ديمقراطي يمكّن المرأة ويعتبرها جزءاً متساوياً في المجتمع.


هل أثبت الرجل فشله في إدارة الحكم؟ 

لا أؤيد هذه المقولة. إلا أن الأنظمة التي اعتمدت التنوع الجندري أثبتت نجاحاً أكبر. فالقادة الذين ضموا عدداً أكبر من النساء حول طاولة القرار واستمعوا إليهن، حققوا نجاحاً أكثر من غيرهم. يجب تشارك المجتمع مناصفة بين الرجل والمرأة، ويجب اعتماد التعيينات الوظيفية مهما علت رتبتها وفقاً لمعيار الكفاءة. وهنا لا أتكلم من منطلق التنظير فحسب، ذلك أن النساء أثبتن قدراتهن على قيادة الدول مثل ألمانيا، فنلندا، نيو زيلاندا وبنغلادش.

تتميز المرأة في السلطة بقدرتها على تحقيق القرارات بشكل فعّال جداً، ذلك أن المرأة بطبيعتها متعددة المهام.


ما الذي يميز المرأة العربية؟ ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة على صعيد المؤسسات؟

في السنوات القليلة الماضية، أبدى عدد كبير من النساء في الدول العربية روحاً عالية من المخاطرة والمجازفة حيث ارتفع عددهن بشكل كبير في مجال ريادة الأعمال في مختلف قطاعات الأعمال. هذا الواقع الجديد ليس إلا دليلاً على أن المرأة العربية تذلل كل العقبات التي قد تعترض طريقها شأنها شأن كل النساء في العالم. على صعيد المؤسسات والأعمال، نرى مزيداً من النساء في العالم العربي في مراكز القرار، بالرغم من ذلك لا يزال علينا سد الفجوة لتعزيز حضورهن ودورهن أكثر، بالإضافة إلى إعطائهن فرصاً متساوية مع الرجل.


هل تؤيدين مصطلح "تمكين المرأة" وكيف يمكن تطبيق ذلك؟

أؤيد مصطلح "تمكين المرأة" لكنني لا أوافق على طريقة مقاربة الموضوع. الأمر يبدأ من الداخل. يجب علينا ألا نأخذ دور الضحية، بل علينا كنساء تمكين أنفسنا من ثم المطالبة بمعاملة عادلة. علينا أن نؤمن بأنفسنا قبل الطلب من الآخرين أن يؤمنوا بنا. 

وفي اللحظة التي يرون فيها القيمة التي نضيفها إلى عملنا وفي مجتمعنا، ستختلف نظرتهم تجاهنا. عندما يرون أن النساء يدعمن بعضهن البعض سيروننا من منظار مختلف. علينا أيضاً أن نبدأ بتمكين أولادنا ومعاملة الفتيان والفتيات على قدم المساواة، بدل إهداء الصبيان ألعاباً تثقيفية والبنات دمى.

 علينا تجنب استخدام مصطلحات مثل "جميلة"، و"القائمات على الرعاية"، والتركيز على عامل الذكاء والثقة بالنفس. لدي ولدان وأحرص دائماً على ألا يصنّفا الفتيات في صفيهما على أنهن ناعمات، ضعيفات أو حساسات. تماماً كما أحرص على عدم تصنيف الفتيان بأنهم "دائماً أقوياء" ويجب ألا يبكوا أو يعبّروا عن مشاعرهم. علينا بناء المعرفة لدى أولادنا واحترام النفس وتجنّب تصنيفات وأفكاراً مبتذلة نميل إلى إعطائها للمرأة والرجل.


اختارتك شركة زين كإحدى شخصياتها النسائية ضمن مبادرة تمكين المرأة في الشرق الأوسط، ماذا تعني لك هذه التجربة؟ ما الذي حملتِهِ من هذه المبادرة على مستوى عملك؟ 

إن برنامج زين لتمكين المرأة عموماً وشهادة إدارة الأعمال التنفيذية خصوصاً بدّلا حياتي إلى الأبد. فالأخيرة عرّفتني على شبكة عالمية امتدت من الولايات المتحدة الأميركية، مروراً بالبرازيل وأميركا اللاتينية وأوروبا والهند، وصولاً إلى روسيا. تخلل برنامج ماجستير إدارة الأعمال التنفيذية زيارات لكبرى الجامعات العالمية الرائدة من بينها جامعة Harvard لإدارة الأعمال، MIT، جامعة بركلي للموسيقى، الجامعة الهندية للأعمال وجامعة جورج واشنطن، بالإضافة إلى زيارة عدد من المصانع العالمية في مختلف الصناعات. أعطاني برنامج هذه الشهادة نظرة جديدة إلى عالم الأعمال ومختلف الثقافات، وأغنى شخصيتي. على المستوى المهني، منحني نظرة شاملة حيال بيئة  القيادة في المؤسسات، وأهمية الحوكمة ومتغيرات الأسواق العالمية. كما فتح آفاقي لأكون جزءاً من شركة ناشئة والبدء بالعمل الاستشاري الخاص. تكمن ميزة هذه الشهادة في الانخراط في شبكة عالمية، ما يفتح فرصاً عدة على صعيد دولي كما على الأسواق العالمية.

 

ما الذي نحتاج إليه في لبنان بالنسبة للمرأة؟

لطالما كانت المرأة في لبنان طموحة وشجاعة، وسعت على مر السنين إلى تحقيق تغيير واضح في مكان العمل بناءً على الكفاءة، حيث حصل الكثير من النساء على مستوى تعليمي عالٍ، ما أدى بعدد كبير منهن إلى تولي الأدوار والمناصب التنفيذية الرئيسية. وعليه نشهد تقدّماً كبيراً على صعيد المؤسسات في موضوع التنوع الجندري.

في المقابل، لا يزال هناك الكثير لتحقيقه في ما يتعلق بالحقوق المدنية للمرأة، لا سيما من الناحية التشريعية، يجب تعديل القوانين الخاصة بحماية الحقوق الأساسية للمرأة لجهة السماح لها بمنح أولادها الجنسية اللبنانية، كما يجب تطبيق القوانين التي تحميها من العنف الأسري والاستغلال. علاوة على ذلك، يجب التركيز أكثر على حملات توعية تثقيفية لتغييرالذهنية العامة، حيث يجب أن يعرف الرجال والنساء أننا لا نريد تولي زمام الأمور بدل الرجال، بل نسعى لجعل صوتنا مسموعاً وأن نكون جزءاً من المجتمع الذي نعمل فيه. يجب على الرجال ألا يخشوا من حقوقنا، بل عليهم أن يعوا أننا نمد يد العون لتحسين الأمور لمستقبل أفضل لبلدنا وأولادنا.

 
 
 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم