الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

من اعترض سابقًا على قطع الطرقات في لبنان... يقطعها اليوم

محمد شهابي
محمد شهابي
صورة لقطع طرقات في لبنان
صورة لقطع طرقات في لبنان
A+ A-
"افتحوا الطريق بدنا نروح ع أشغالنا"، "أنا مريض بدي روح ع المستشفى، فافتحوا الطريق"، "الطريق ملك عام ما بحقلكن تقطعوها"، هي كلمات اعتاد مناصرو الأحزاب على تردادها، بل تمثيلها وأدائها عند تواجد وسائل الإعلام خاصة، للاعتراض على قطع ثوار 17 تشرين للطرقات احتجاجًا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية حينها، فم الذي دفع مناصرو الأحزاب إلى التحرك اليوم؟
 
لنكن واقعيين، فالكثير تغير منذ ذاك الوقت، الوضع الاجتماعي والاقتصادي ازداد سوءًا بشكل غير مسبوق، الانهيار تعمّق أكثر فأكثر، الأسعار عالية بشكل كبير، فيما الدولار يحلّق، ولكن أين كان مناصرو الأحزاب قبل ذلك. "الطرف الآخر"، هذا أقل توصيف يمكن أن يوصف أو ينعت به، مناصرو الأحزاب، فالشعب قد تحرك أبّان ثورة 17 تشرين، لكن هم لا، الشعب قد انتفض، أما هم لا، فقد كانوا يعترضون ويهاجمون، بل ويعتدون كذلك. شعاراتهم "بالروح بالدم نفديك"، "إلا السيد والرئيس والزعيم والملك، ممنوع عليكم مهاجمتهم"، "المسؤول فلان أشرف من كل الزعماء"، ولكن ماذا فعل ذاك المسؤول الشريف لمنع وقف الانهيار.. لم يفعل شيئًا.
 
إلا أنّ اليوم، وبعد إشارة من إصبع الزعيم، تحرّك المناصرون، لا من أجل كرامتهم وعزتهم، بل من أجل منصب سيملكه الزعيم، من أجل غاية وخزينة وصلاحيات، لا من أجل إصلاح وتغيير وإعمار لبنان.
 
في السابق عمد البشر، ومن أجل شعورهم وطلبهم لراحة داخلية، عمدوا إلى عبادة الإله أو الشمس والقمر، ليتطور الأمر لاحقًا مع ادعاء زعماء هنا وهناك أنهم آلهة، فأجبروا شعوبهم على عبادتهم والسجود لهم، فيما قام آخرون إلى اللجوء إلى الأصنام لعبادتها. واليوم ومع القرن الحادي والعشرين، تأخذ عبادة البشر خاصة في لبنان، منحى آخر.
 
تلك الصورة، يمكن رصدها، مع انتشار صور الزعماء بكثافة في مناطق الأحزاب، عبادة بشكل آخر عن السابق، ربّما هي أكثر "حداثة" نوعًا ما، فمناصرو الأحزاب يحبون ويبجلون زعيمهم في لبنان بشكل غريب، يريدون راحته واستقراره وقوته ونفوذه، وفي ذلك خدمة لهم، ولو كانت على شكل بضع دنانير يستفيدون منها، ولتوضيح تلك العبادة، نرصد عبارات كانت قد استخدمت في لبنان، حيث قال أحدهم مرّة عن زعيمه بأنه "لولا الهاء لكان نبيًا"، فيما رفع آخر زعيمه درجة "الألوهية"، وعمد أحدهم مرة على نعت زعيمه بـ"القديس".
 
هذا إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على درجة الخنوع والذلّ التي وصل إليها المواطن والشعب، ذل ما بعده ذل. مواطن لا يفقه لذاك الذلّ شيئًا، لا يريد سوى راحة زعيمه، فهو إن اطمأنّ أنّ زعيمه بخير، فسينام مرتاح البال والضمير، "فاللهمّ أطل في أعمارهم"، أما أن ينام هو (المواطن) من دون كهرباء، وأن يستيقظ دون ماء يغسل به وجهه، فذاك أمر عادي، لا يتطلب تحركًا معينًا واستنكارًا أو اعتراضًا منهم.
 
لذلك فليعش الزعيم للأبد، ليعش النبيه والسعد، والحسن، والوليد والطلال، والعون والباسيل والسمير والسامي، ولنمت نحن جميعًا، فداءً لأرواحهم وأسرهم وأبنائهم، وممتلكاتهم وثرواتهم وأراضيهم. يعيش الزعيم.. يعيش يعيش.
 
مواقع التواصل الاجتماعي، تداولت أخبار قطع الطرقات، وجاءت الردود على الشكل التالي:
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم