لبنان.. تباين في مواقف السياسيين حيال دعم القضية الفلسطينية!

مع تصاعد حدّة الهجمات على القدس المحتلة، مرورًا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهدت الساحة السياسية اللبنانية حالة تضامن كاملة مع تصدي الفلسطينيين لذاك العدوان. حالة رآها متابعون على أنها تباين واضح في التعاطي السياسي اللبناني بين موقفهم من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على الأراضي اللبنانية والفلسطينيين في الداخل.

 

 حالة التباين تلك، يمكن رصدها بمواقف وخطابات القيادات السياسية اللبنانية جميعها، قيادات تهاجم اللاجئين الفلسطينيين فتنعتهم حينًا بالبؤر الإرهابية وحينًا آخر تهاجمهم بتصريحات عنصرية، فيما الأحزاب الأخرى -المناصرة للقضية- تقف إما متفرجة أو تمتنع عن تأمين المطالب الحقوقية لهم، كالحق في التملك والعمل، وإن حصل تحرك مطلبي معين فتقدم الوعود لا أكثر. إلا أنّ هذا الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بما يجري في الداخل الفلسطيني فنرى الموقف مغايراً تمامًا والتصريحات التضامنية تكون سيدة الموقف.

 

الكاتب والناشط السياسي، عامر جلول، وصف في حديثه مع "صيحات"، تصريحات السياسيين اللبنانيين الداعمة للقضية الفلسطينية بــ"الحبر على ورق".

 

وقال جلول، "التمايز في المواقف سببه أنّ الفلسطيني في لبنان يعتبر عبئًا على الدولة اللبنانية، ومن هذا المنطلق يحاول الفريق المسيحي في الدولة أن يؤكد لمناصريه فكرة "وجه لبنان المسيحي". هذه الفكرة يريد السياسيون منها أن تصل للرأي العام (المناصر طبعًا) أنّ زعيمه يدافع عنها وأنّه لن يقبل وقوع أي تغيير ديموغرافي في الدولة، وسيضغطون من أجل إيجاد حلّ للقضة الفلسطينية تنهي قضيتي اللاجئين الفلسطينيين أو حتى ما يخص قضية النازحين من سوريا الموجودين على الأراضي اللبنانية".

 

وأضاف جلول: "كذلك للأسف فلسطين أصبحت قضية تجارية، يستفيد منها المسؤول من أجل تعويمه سياسيًا، فحزب الله سلاحه قام على مشروعية القضية الفلسطينية، فإذا لم يعد هناك قضية، فلا معنى لوجود سلاحه، فيما تيار المستقبل، يريد أن يظهر لشارعه بأنه لا زال متمسكًا بالقضية الفلسطينية والتي لها عمق عربي وقومي وديني".


وتابع: "أما على مستوى الداخل الفلسطيني فالموقف مغاير، فنرى الأحزاب ذاتها تبرز صورة القومية العربية، وتؤكد بموقفها أنها تدعم القضية الفلسطينية في فلسطين وينددون بالاعتداءات الإسرائيلية، أما عندما يتعلق الأمر بلبنان فهم ليسوا مع الفلسطينيين في لبنان".

 

وأشار جلول، إلى أنّ "الهدف من ذلك الدعم إيجاد حل للقضية الفلسطينية، الأمر الذي سيسهم بحل قضية اللاجئين وتحقيق عودتهم إلى أرضهم، الأمر الذي مرده خوف لدى المجتمع المسيحي في لبنان إلى حصول تغير في التركيبة الديموغرافية"، يقصد هنا حصول عملية تجنيس للفلسطينيين الذين هم في غالبيتهم من الطائفة السنية.

 

يذكر أنّ أحزابًا سياسية عدّة تسيطر على المشهد السياسي في لبنان، هذه الأحزاب مقسمة طائفيًا بشكل عام؛ تيار المستقبل وهو حزب علماني إلا أنّ جمهوره من الطائفة السنية بشكل كبير، حزب الله حزب شيعي ديني، حركة أمل حزب شيعي ديني، حزب القوات حزب مسيحي ماروني، التيار الوطني الحر حزب مسيحي ماروني، الحزب التقدمي الاشتراكي حزب درزي، بالإضافة إلى أحزاب أخرى صغيرة لها وزن في مناطقها فقط، فيما جاءت ثورة 17 تشرين لتحدث خرقًا في هذه الرؤية وتشكل عدّة أحزاب أو تجمعات من عدّة شخصيات وطوائف لكنها ما زالت صغيرة الحجم نسبيًا.

 

وأوضح جلول: "أتباع ومناصرو الأحزاب اللبنانية، يؤيدون مواقف زعمائهم، فالمجتمع اللبناني مجتمع سياسي بامتياز وكل كيان وطائفة تتبع زعيمها، ومنه المجتمع المسيحي المقسم إلى قسمين بين باسيل وجعجع بشكل أساسي، ومشكلتهم مع الفلسطيني اللاجئ، لتخوفهم من أن يستوطن ويحتل لبنان، مستشهدين بمقولة ياسر عرفات بأنّ (طريق القدس تمرّ من جونية)".

 

من جهتها وصفت الإعلامية الفلسطينية، سنى حمود، في حديثها مع "صيحات"، "المواقف التي صدرت عن السياسيين في لبنان والمستنكرة للاعتداءات على الفلسطينيين بالمواقف الازدواجية، خاصة تلك التي صدرت عن التيار الوطني الحر وحزب القوات، في وقت كانت خطاباتهم الموجهة نحو اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، محرضة عليهم، الأمر الذي يساهم في تعزيز كراهية جمهورهم للفلسطينيين ودون أيّ سبب".

 

وأضافت حمود، "على غرار الخطابات العنصرية التي تطال اللاجئين الفلسطينيين، فكذلك نلمس تحريضًا على المخيمات الفلسطينية التي يصفونها بأنها بؤرة للإرهاب"، وتساءلت حمود، "كيف تحولت البؤر التي تنتج إرهابيين إلى أصحاب قضية ومناضلين، بل ويريدون -أي الساسة- دعم القضية وإطلاق تصريحات مدافعة عنها".

 

وتابعت: "الكلام الداعم هدفه كسب الشهرة الكترونيًا وركوب الترند، وإطلاق المواقف الفارغة التي لن تتحول إلى فعل، فلا الفلسطينيون في لبنان سينالون حقوقهم، على أقل تقدير من قبل هذه الفئة الحاكمة، ولا فلسطين ستستفيد من تصريحاتهم".