غجر البحر... حكاية قوم تمسّكوا بتقاليدهم فنجوا!

غجر البحر هم بدو رحل، يعشقون البحر، فيه يولدون ويعيشون ويتزوجون... وإليه يرحلون عند الموت. تقدر أعدادهم بالملايين، ويعيشون منذ آلاف السنين بين إندونيسيا والفلبين وماليزيا وتايلاند.
 
لا يعترف غجر البحر بالحدود، إذ كان البحر ملكهم بخيراته في السابق، ولكن مع تطور الزمان وتقاسم حدود الدول بين بعضها البعض، تشرذم غجر البحر، وبدأوا يعانون صعوبات الحياة.
 
 
يرفض غجر البحر القوانين الجديدة، فهم لا يملكون أوراقًا ثبوتية، ولذلك تمتنع عدة دول من استقبالهم أو السماح لهم بدخول أراضيها، ولحمايتهم، قامت دول كإندونيسيا بإعطائهم أرضًا بالقرب من البحر تتوافر فيها خدمات الصحة والتعليم، فيما قامت تايلاند بإعطائهم جزيرة لفترة مؤقتة للسكن فيها، إلا أنهم يشتكون من كثرة السياح في الجزر المحيطة بهم، الأمر الذي يؤثر على مخزون الثروة السمكية في البحر، وتقليص مناطق الصيد المخصصة لهم، بالإضافة إلى تقييد حركتهم جراء قوانين يعتبرونها تهمّشهم.
 
يقتات غجر البحر على الأسماك، إذ تعدّ مهنة اصطياد الأسماك المهنة الرئيسية عندهم،عليها يقتاتون وبها يتاجرون، إذ يعتمدون على المناطق البحرية المفتوحة بين الفلبين وإندونيسيا وماليزيا للاصطياد، فيما قد تصل بهم رحلات الصيد إلى الشمال الأوسترالي حسب أحوال الطقس ووفرة الثروة السمكية.
 
لغجر البحر طقوسهم الخاصة، فهم يقرأون تعويذات قبل ركوب سفن صيدهم، كما أنّ لهم صلوات خاصة لإقامتها عند خوضهم في عواصف خلال فترات الصيد الطويلة، كذلك يعتبر الصيد عندهم أمراً مرتبطاً بمعتقداتهم الدينية ووجودهم الروحي.
 
يذكر أنّ قسمًا كبيرًا من غجر البحر وإبان تسونامي إندونيسيا، أنقذوا عددًا كبيرًا من السياح والأهالي الذين كادوا يفقدون حياتهم جراءه، وذلك سببه قدرتهم العالية على السباحة وتخطي الصعوبات لتأقلمهم مع البحر بشكل يومي.
 
هذا ويصارع غجر البحر للتشبث بعاداتهم وتقاليدهم، إذ قام قسم منهم بالانتقال للعيش على اليابسة، فيما يتمسك آخرون بالحياة البحرية رافضين كل أشكال التطور والتحضر.