الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

خاص "النهار"- ماكرون سيزرع أرزة في محمية جاج... ما خلفية اهتمام "إمارة موناكو"؟

المصدر: "النهار"
محمية جاج.
محمية جاج.
A+ A-

جودي الأسمر

مع تأكيد هدفه في الضغط والمتابعة الفرنسيين لـ"الاصلاحات أولاً"، بات واضحًا أن الرئيس إيمانيويل ماكرون يجرّد زيارته من التصوّرات الجاهزة، وأهمها المتعلّقة بإحياء مئوية لبنان الكبير. إذ عدلَ عن إقامة حفلين في قصر الصنوبر وقصر بعبدا، ليدرج في برنامجه لقاء بالسيدة فيروز، ومعلومات أخيرة أفادت بزيارة محمية جاج قضاء جبيل ليغرس فيها شجرة أرز. خطوة في معناها المباشر تكريم لـ"بلاد الأرز"، كأنّ ماكرون يحيد بها أيضاً عن "مركزية" بيروت في إستقطاب رؤساء الدول. لكن الأكيد والمثير للاهتمام، أنها تسلّط الأنظار على محمية اختارها الرئيس الفرنسي دونا عن نظيرتيها الشهيرتين في الشوف وبشري، لا سيما أنّ الأخيرة تضمّ أرزة "لامارتين" التي تحمل قيمة بيولوجية للفرنسيين- عناصر خلقت لدى المتابعين فضولا وإعجابا بصيغة سؤال "لماذا محيمة جاج"؟

أجندة "الإيليزيه"

يشير رئيس بلدية جاج، المهندس غابريال عبود، إلى أنّ "السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه جال منذ أيام في هذا الموقع، وافتتن بجماله وقيمتيه البيئية والتاريخية. وأتانا بعد زيارته تأكيد من "الايليزيه" بأن الرئيس ماكرون سيقصد محمية جاج نهار الاثنين بطائرة هليكوبتر، وسيغرس فيها شجرة أرز." وتُمسِك السفارة الفرنسية عن نشر تفاصيل الزيارة سوى من خلال بيان صحافي ستنشره في الساعات المقبلة "إلّا أنّها ستكون زيارة سريعة وعدد الزائرين محدود يراعي التباعد الاجتماعي في ظل تفشي كورونا"، مضيفًا أنّ "التحضيرات على قدم وساق وتتولاها جمعية "جذور لبنان" التي تهتم من خلال رئيستها بالتنسيق مع السفارة لترتيب استقبال الرئيس الفرنسي"، لما تملك الجمعية من باع طويل في الحفاظ على المحمية وتطويرها من خلال رزمة دراسات ومشاريع.

غنى بيولوجي ورسائل

رئيسة "جذور لبنان"، البروفيسور مجدا بوداغر خراط، تضيء على الميزات البيئية لمحمية جاج التي "تبلغ مساحتها 20 هكتارًا على ارتفاع 1650 متر في أعلى مناطق جبيل. تختزن تنوعًا بيولوجيًا يجعلها موطنا لحيوانات وأكثر من 600 نوع من النباتات والفطريات جرّدت حتى الآن، بما فيها 46 نوعًا من الأشجار، وعدد كبير منها مستوطن وفريد في الشرق الأوسط"، لافتة الى شراكة مستمرة مع جامعة القديس يوسف في الأبحاث والتطوير لخدمةً المحمية.

وعن خصوصيتها تضيف "أنها تعدو كونها غابة للأرز. وتراوح بين شجرات الأرز مسافات تساعد على التنوع البيولوجي. في المحمية اليوم 170 شجرة أرز معمرة من مئات السنين تشهد على عملية التصحر التي خضع لها جبلنا الممتد من عكار الى الشوف. ساهمنا في تعزيز التنوع الجيني للغابة من خلال زراعة نحو 20 ألف شجرة أرز بتمويل من منظمة FAO، بالتعاون مع مبادرة إعادة تشجير لبنان LRI." ونظراً لتحوّلها الى محمية عام 2014، حظر فيها القطع والرعي، صارت محمية جاج تشهد تجديدا طبيعيا نشطاً".

وتتميّز المحمية بمناظر خلابة "يعكسها التباين بين لون الأشجار والصخور البيضاء المنحوتة بفعل عوامل التعرية، ومطلها الساحر على بحر جبيل من علو شاهق."

تعتبر بوخاطر أن غرس شجرة الأرز "شبيه جدا بواقعنا اللبناني لأننا برغم كل انهياراته علينا أن نغرس قيما وأعمالا تُصنع للدولة التي نحلم بها وقد لا ننعم برؤيتها لكن نفعل ذلك لأجل أولادنا. وكذلك شتلة الأرز التي يلزمها أزمنة طويلة لتنمو"، وفي لفتة ماكرون "أشعر شخصيا بتذكير لكل من يفكّر أو لاحت بباله فكرة الهجرة، أنّ له جذورا في لبنان وسيعود اليها. قد يضطر اللبناني للرحيل ولكن قبل الهجرة يترك لوطنه رسالة مثل: أنا متعلّق فيك وفالل."

من فينيقيا الى موناكو

لجنة محمية جاج تشارك في تنظيم الاستقبال، وتكشف لنا من خلال نائب رئيسها عماد فرحات أنّ زيارة ماكرون أتت دعمًا من إمارة موناكو الفرنسية، على خلفية أنّ "وقف بلدة جاج قد تعاون منذ تسعينيات القرن الماضي بموجب اتفاق مع إمارة موناكو الفرنسية على غرس نصوب جديدة من الأرز والمحافظة عليها، مع مساهمة من سفارة كندا. ودعمت موناكو البلدة بمساعدات دورية ودراسات جرى اعتمادها لتحويل هذا المكان الى محمية."

ويتابع فرحات مع ما أسماه "التاريخ الحديث للمحمية التي كانت تستخدم أشجارها لأعمال التدفئة، إلى أن قامت البطريركية المارونية بتشييد "كنيسة الرب" من كل أرز لبنان ومن بينها أرز جاج لوقف التعديات عليها."

في السياق الديني يأتي سؤال عن معلومات حول استخدام أرز جاج لبناء هيكل سليمان في القدس، يجيب فرحات "التاريخ يؤكد أن أرز لبنان استخدم لبناء هيكل أورشليم، لكن بعض المؤرخين يفترضون أنه أرز جاج لقربه من ميناء بيبلوس حيث يسهل تصديره عبر البحر منذ زمن الفينيقيين."  

ويكشف فرحات لـ"لنهار" أن اللجنة "تعقبت ورسمت أثار المسار من جاج الى لحفد وصولا الى جسر عمشيت المعروف بجسر "الدجاج". وهناك مسار داخلي أسميناه "طريق الشام"، ويمرّ بالعاقورة واليمونة وبعلبك وصولا الى بلاد فارس ومصر وبلاد المنطقة التي استوردت من المحمية خشبها"، ثم "أتى الرومان وكانوا أكثر من حافظ على الأرز، إذ ترك الملك أدريان علامات في مواقع عدّة من جبلنا وهي التي رسمت حدود المحمية".

وتظهر آثار لمعامل تصنيع السلاح أن الجيش العثماني اعتمد على خشب الأرز لإذابة الحديد المستخرج من أرض جبل جاج بهدف تصنيع سلاحهم.

وتستنتج اللجنة أثارًا ايجابية فورية لزيارة ماكرون بدأت قبل الموعد المنتظر في "إقبال غير مسبوق لمواطنين كثر يتواصلون معنا مستفسرين عن المحمية بهدف زيارتها واكتشاف كنوزها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم