الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كتاب مفتوح الى المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR

المصدر: "النهار"
المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR.
المفوّضية السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR.
A+ A-
البروفسور أمين صليبا


بداية أودّ أن أشير الى المبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة والتي وردت في المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة، مركّزاً على البند الأول والبند السابع وفق الآتي:

1- تقوم الهيئة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها.

2- ليس في هذا الميثاق ما يسوّغ "للأمم المتحدة" أن تتدخل في الشؤون التي هي من صميم السلطان الداخلي لدولة ما.

أنطلق من هذين البندين لأسأل رئاسة المفوّضية السامية ومن خلالها الأمين العام للأمم المتحدة، بلسان لبناني متمسّك بوطنه ومن خلفية كأستاذ في القانون الدولي والدستوري، كيف يُصنَّف قراركم برفض تسليم الدولة اللبنانية داتا النازحين السوريين، إلّا وفق شروطكم ومن بينها وفق ما تناقلته الصحف، تأمين الإقامات لأكثر من مليون سوري مع إجازات عمل. من الطبيعي أن يكون دوركم مساعدة النازحين لكن ليس على حساب لبنان دولة وشعباً! نعم بالمفهوم القانوني، تريدون مساعدتهم ونحن لا نعارض ذلك، لأن سوريا احتضنت الكثيرين من اللبنانين – (وأنا وعائلتي من بينهم) – خلال جلجلته التي بدأت منذ 1969 لغاية الأمس القريب. لكن عندما تضعون مثل هذه الشروط التي تُعدّ تدخلاً في الشؤون التي هي من صميم سلطان الدولة اللبنانية، لا بل أكثر من ذلك، تطالبون بتجاوز القوانين اللبنانية ولا سيما قانون العمل، عندما تطالبون بمنحهم إجازات عمل. تُرى، ألا تعلمون أن هناك الكثيرين من السوريين لديهم إقامات شرعية وإجازات عمل ضمن الفئات المسموح لهم العمل فيها وفق القانون اللبناني. من الجيد أن نقرأ عن إجتماع للمفوضية مع الأمين العام مع الأمين العام للأمم المتحدة الذي تقرَّرَ فيه "تشكيل لجنة تقنية للمضيّ قدماً ضمن المعايير الدولية لمشاركة الداتا وحمايتها". هذا الكلام مرفوض لأن باطنه ينطوي على اتهام للسلطة اللبنانية بأنها قد تُسرِّب هذه الداتا للجانب السوري، وفق ما أوحت به التصاريح من أصحاب الشأن وذلك بصورة مستترة، ونسأل الرأي العام الدولي قبل الداخلي، تُرى الأجهزة السورية المختصّة ألا تعرف مكان إقامة كافة السوريين على الأراضي اللبنانية ومن بينهم من هم مطلوبون للسلطات السورية؟!

لبنان أيها السادة ينوء تحت وزر الوجود السوري، وهو ليس بوارد الترحيل القسري لهم وتعريضهم للخطر. السوريون إخوة لكن استمرار وجودهم بهذا العدد يشكل ضغطاً وخطراً بدأت تلوح تباشيره منذ مدة، لكن الحمد لله هدأت تلك التباشير التي كانت لا توحي بالخير. خلاصة الكتاب على المفوضية أن تتقيد بما تطالب به الدولة اللبنانية لجهة تأمين حل للنازحين السوريين في أسرع وقت ممكن، ونتمنى على المفوضية كي لا تُذكّرنا من خلال اسمها (المفوضية السامية) بالماضي في ما يتعلق بـ"المفوّض السامي الفرنسي" أيام الانتداب، وكيف كانت تُفرض قرارات المفوّض السامي كممثل لسلطة الانتداب!! لبنان دولة مستقلة ومؤسس للأمم المتحدة وهو من شارك في وضع إعلان شرعة حقوق الإنسان من قبل مندوبه الدكتور شارل مالك، التي جاءت لتكمّل الميثاق في ما يتعلق بالإنسان، وعلى هذا الأساس نطلب من المفوضية أن تتقيد بالميثاق ولا تتدخل أو بالأحرى لا تفرض شروطها على الدولة اللبنانية، التي زعزعت أسسَها الطبقة السياسية التي توالت على الحكم منذ أكثر من أربعة عقود. الشعب اللبناني هو شعب خلّاق ويؤمن بالميثاق وشرعة حقوق الإنسان، وعلى الأمم المتحدة أن تقف الى جانبه وتسعى فعلاً لا قولاً لحل مشكلة النازحين، خاصة بعد التحولات التي طرأت على العالم العربي وعودة سوريا الى الجامعة العربية، برعاية من المملكة العربية السعودية، لأنها لو لم تكن راضية عن هذه العودة، لكانت رحّلتها الى القمة القادمة.

لذا نأمل، انطلاقاً من حقنا كشعب لبناني يحب الحياة خاصة من منه لا خيار له عن هذا الوطن، التوصّل اليوم قبل الغد لإيجاد حل يوازن بين السيادة اللبنانية على أراضيها، والحفاظ على سلامة النازحين السوريين وأمنهم الشخصي، إلّا إن كانت خفايا المؤامرات الدولية على لبنان لم تصل الى خواتيمها. كما نُذكركم بصرخة مندوبنا السابق الأستاذ غسان تويني في قاعة الأمم المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي مطالباً برفع الأيدي عن لبنان وترك شعبه يعيش بسلام، لأنه يحب السلام، معتذرين عن توجيه هذا الكتاب، لكننا مُدركون مدى خطورة تأجيل الحل، وعدم سرعة البت بحلول ناجعة له من شأنها رفع العبء عن لبنان وعودة النازحين الى ديارهم بسلام وأمان.

بكل تحفظ وتقدير

البروفسور أمين صليبا – رئيس هيئة الأركان الأسبق في قوى الأمن الداخلي
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم